رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جمال خاشقجى يكتب : ..مصر مشغولة تماما بعيدا عن هذه المسألة وغير معنية بالتوتر المذهبي

بوابة الوفد الإلكترونية

لا.. فمصر مشغولة تماما بعيدا عن هذه المسألة، وخلافها مع تركيا يدور حول موقف الأخيرة من الحكم الجديد ورفضها عزل الرئيس السابق الدكتور محمد مرسي، وهي غير معنية بالتوتر المذهبي الذي يفسر بعضا من صور الصراع الجاري في سوريا.

قد يغلف خبراء استراتيجيون هذا الصراع بحديث عن رفض سعي الأتراك للهيمنة والتدخل في الشأن القومي العربي، ولكن مصر لا تزال غائبة عن هذا (الشأن القومي العربي). لقد غابت مصر، ولا تزال غائبة عن كل التحركات ضد النظام السوري ودعم المعارضة، فهي لم تحضر مثلا اجتماع قادة أركان الجيوش المعنية بالأزمة السورية في عمان، وليس لذلك تفسير سياسي أو موقف رافض، وإنما مجرد أن لديها من الهمّ ما يكفيها، حتى لو غيرت موقفها الرافض والمعلن من توجيه ضربة للنظام السوري.
ولكن استمرار غياب مصر مكلّف للدول العربية وتركيا في حال تزايدت حدة التوتر بين معسكر إيران - روسيا - سوريا - حزب الله، وهو تحالف شيعي بين ثلاثة من أعضاء المعسكر وتحالف «مُعادٍ للربيع العربي وحقوق الشعوب عندما تضاف إليه روسيا». هذا الصراع يمكن أن تزداد حدته أمام خلفية التدخل الدولي الكفيل بإنهاء النظام السوري؛ فلو حصلت مواجهات عسكرية إقليمية واسعة في المنطقة، عندها سيكون ثمة حاجة لمصر، لكنها في الغالب ستختار الابتعاد بحجة ظروفها الداخلية ولتداخل النظام الجديد مع بعض رؤى المعسكر المشار إليه برفض صعود قوى الإسلام السياسي في حال سقوط نظام بشار، على الرغم من علاقتها الحميمة مع دول الخليج المعادية بشدة للمعسكر المتألف حول سوريا.
رغم غرابة الوصف السابق، فإنها «السياسة الحقيقية»، التي يجب الاعتراف بها والتعامل معها، والتي زادت تعقدا مع ظهور النظام الجديد في مصر. فنظريا كانت تركيا حليفا أساسيا لدول الخليج في مواجهتها الحالية مع إيران، ولكن هذا الحلف اختل بسبب الموقف التركي من مصر، ولم يبقَ من صوره غير التعاون الجاري حاليا في سوريا. وحتى هذا لا توجد ضمانات لاستمراره، إذ يمكن أن ينهار في مرحلة ما بعد سقوط بشار، وحينها قد يختلف الحلفاء حول تصوراتهم المختلفة لسوريا الجديدة، وبالتالي سترسم صورة جديدة للتحالفات ليس من بينها شيعة وسنة، وإنما «ربيع» أو «لا ربيع».
من جهة ثانية، عما إذا كان التباعد الطارئ على العلاقات المصرية - التركية يشكل انتصارا إقليميا جديدا لإيران، فإجابتي هي «لا» أيضا. فمصر منذ «ثورة 25 يناير» غائبة عن هذه المعادلة، وهي المواجهة بين العالم السني والشيعي. وتعزز ذلك بعد إقصاء الرئيس المعزول الدكتور مرسي، والتحول الذي تشكل وبات يحكم مصر منذ 3 يوليو (تموز)، والسبب الرئيس في ذلك أن لدى

مصر من الهم ما يكفيها قبل التورط في صراع إقليمي معقد. ثم إن «التنافر بين الشيعة والسنة» ليس أمرا مُجمعا عليه، إنما هو اختيار بين الأصوليات وليس بين الحكومات، كان من الممكن أن يشارك فيه الإخوان المسلمون لو استقر لهم الأمر في مصر بحكم أنهم قوة أصولية، في مواجهة الأصولية الشيعية الحاكمة في إيران، ولكن الحكومات لا تريد أن تظهر على الأقل أنها في قلب هذا الصراع.
حتى في زمن مرسي كان هناك تياران في مصر؛ تيار الحكومة الذي يريد علاقة طبيعية مع إيران، ولكن بجواره تيار شعبي لا يريد هذه العلاقة ويفضل المواجهة، وتجلى ذلك في حادثة الاستاد الشهيرة التي حشد فيها مرسي تيارات شعبية تحت اسم «نصرة الشعب السوري»، فكان بعض كبير من خطابهم طائفيا، وهو ما دفع مرسي ثمنه لاحقا، كما تبين بعد حركة الجيش وإقصائه عن الحكم.
حتى حكومات الخليج وتركيا تبتعد عن الخطاب الطائفي. إنها تفضل أن تبدو متصارعة مع إيران؛ ليس لشيعيتها، وإنما لرغبتها في التمدد والتدخل في الشؤون الداخلية في دول المنطقة، لكنها تسمح - خاصة دول الخليج - بالخطاب الطائفي على المستوى الشعبي. فكيف يكون التنافر بين تركيا ومصر انتصارا إقليميا لإيران، ومصر لم تكن شريكة قوية لدول الخليج في أهم ساحة معركة مع إيران، وهي سوريا، لا في زمن مرسي الذي عتب عليه حتى إخوان سوريا، ولا اليوم بعدما أعلنت الحكومة المصرية عدم حماسها للموقف الخليجي التركي الذي يريد الانقضاض على بشار.. ومن خلال ذلك على إيران ومصالحها هناك، إلا إذا كان عدم كسب مصر في هذا المواجهة مقياسا للخسارة، حينها فقط يمكن القول إن المواجهة مع تركيا عززت هذه الخسارة.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط