عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

علي محمد فخرو يكتب : شروط لمنع الانتكاسة أو التشوُه

علي محمد فخرو
علي محمد فخرو

في هذه اللحظة الحاسمة من عمر ثورات وحراكات “الربيع العربي” يطرح الكثيرون السؤال المفصلي الآتي: ما مستقبل تلك الثورات والحراكات؟ وذلك بعد ما حدث في انتكاسات هنا وتراجع هناك .

دعنا أولاً نعاود التأكيد والتذكير بأن الثورات والحراكات السياسية الشعبية الكبرى هي سيرورات في طريق طويل، تراوح بين الصُّعود والهبوط، بين التقدم والتًّراجع، بين الانتصارات والهزائم، قبل أن تستقرًّ وتتكون في صورة شبه نهائية، استعداداً لمعاودة السًّير في الأفق البعيد الواعد .

ومع ذلك دعنا نحاول الإجابة عن السؤال . في اعتقادي أن ذلك المستقبل سيعتمد على توفًّر الشروط الضرورية المفصلية التالية:

أولاً- مبادرة واستعداد شباب الثورات والحراكات الانتقال من مرحلة تفجير الثورات والحراكات إلى مرحلة المساهمة في بناء صورها المستقبلية، وفي المشاركة الفعَّالة اليومية في قيادتها مع الآخرين . إن ذلك يعني إمًّا مبادرة الشباب أو اشتراكهم الفعلي مع قوى سياسية أخرى في بناء جبهة ديموقراطية وطنية عريضة تتفق بين مكوناتها على أولويات المرحلة الانتقالية، على تحديد أعداء الثورات والحراكات ومنعهم من تكوين ثورة مضادًّة وعلى عدم التفريط بأية صورة كانت من انزلاق الربيع العربي من كونه حراكاً ديموقراطياً شعبياً هائلاً بأهداف ثورية كبرى إلى كونه منحة انتهازية من جيش أو جهة أجنبية أو جهة داخلية كاذبة غير مؤمنة بالأهداف التغييرية الكبرى .

ثانياً- تكملة للشرط الأول السًّعي لبناء كتلة تاريخية، على المستوى العروبي القومي، تكون نواتها الجبهات الوطنية في أقطار الثورات والحراكات، من أجل أن يحمي بعضها بعضاً من بطش الداخل والثورات المضادة من جهة ومن ألاعيب وتدخلات وابتزازات قوى الخارج من جهة أخرى .سترتكب قوى كل ثورة وكل حراك الخطأ الفادح لو أنها ظنت بأن باستطاعتهما النجاح على المستوى القطري الوطني من دون التفاعل والتناغم مع البعد القومي على مستوى الوطن العربي كله .

لا نحتاج لإثبات هذه المقولة سرد تاريخ قرن من الفواجع العربية بسبب التهويمات القطرية الضيقة الأفق فكراً وعملاً وأنانية .

ثالثاً- ماكان للربيع العربي أن يحقق ما حقَّق لولا المشاركة الشعبية الهائلة في الدفاع والإسناد والتضحية بالغالي والرَّخيص، بما في ذلك الأولاد ولقمة العيش . هذا الاستعداد التاريخي المبهر يحتاج لأن يبقى في مستوى من الحيوية والاستعداد الدائم للتلاحم مع قوى الجبهات الوطنية والكتلة التاريخية .

إن التاريخ يعلمنا بأن ذلك يحتاج إلى أشكال من النضالات

والنجاحات اليومية وإلى أنواع من القدوة البطولية المضحية وإلى التحام حقيقي بين ممارسي السياسة وجموع المواطنين العاديين . إن الخزان الشعبي يجب أن يبقى على الدَّوم ممتلئاً وقابلاً لأن يفيض أفواجاً تكتسح وحمماً تضيء الظلام .

رابعاً- التخلُص من عادة خسيسة تاريخية، وهي المتمثلة بالاستقواء بالخارج لحلٍّ مشاكل الداخل . ما حدث في العراق وليبيا وما يحدث الآن في سوريا، وماسمحت به القيادات الفلسطينية المتعاقبة، هي أمثلة كافية لشرح ما نعني . لا يمكن لنصائح أو توجيهات أو تدخُّلات تأتي من عواصم القوى الاستعمارية إلا أن تصبُ في النهاية في مصلحة الوجود الصهيوني والنهب لثروات الوطن العربي وحرف الثورات والحراكات عن أهدافها والإتيان بشياطين في هيئة بشر من الانتهازيين والنفعيين .

خامساً- سيرتكب قياديُّو الثورات والحراكات غلطة مفجعة لو أنهم ظنوا بأن بامكان الربيع العربي أن ينجح من خلال الفقز فوق الإسلام بوصفه ثقافةً متجذرة في عقل ووجدان وروح الغالبية السًّاحقة من الشعب العربي . لا التاريخ ولا الثقافة ولا الاجتماع ستسمح بذلك، ولذلك فإن محاولة البعض من مراهقي السياسة جرّ الربيع العربي الى مواجهة مع الإسلام، خطاباً وغمزاً وتجريحاً، ستضعف الثورات والحراكات وستقودها إلى صراعات فرعية .

كيف نتجنب ذلك القفز العبثي وكيف نتعامل مع هذا الموضوع الشائك المعقد موضوع كبير لا يمكن إيفاء حقه من التوضيح في مقالة مختصرة .

خمسة شروط إن لم يبادر قادة ثورات وحراكات الربيع العربي بالتعامل معها بعمق وجديًّة وأفعال تراكميه فإن مستقبل الربيع العربي محفوف بالمخاطر .
نقلا عن صحيفة الخليج