رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عاطف الغمري يكتب : الأسباب الحقيقية للغضب الأمريكي من إزاحة “الإخوان”

بوابة الوفد الإلكترونية

ما هي الأسباب الكامنة وراء هذا الغضب الأمريكي الشديد، لما حدث في مصر، وما هي الأسباب التي شكلت دافعاً للإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية، بداية من الرفض لإزاحة مرسي من الحكم، بعد عام من الفشل الظاهر لكل ذي عينين في الداخل والخارج، ثم ما أعقب هذا الرفض، من إجراءات تضمنت إيقاف مناورات “النجم الساطع”، ودعوة مجلس الأمن لمناقشة الوضع في مصر .

لقد كانت إزاحة محمد مرسي وحكم الإخوان، بمثابة تحد لأساسيات الفكر الاستراتيجي الأمريكي، والذي شيدت عليه معمار السياسات الأمريكية في المنطقة للأجل الطويل . وليس لمجرد تغيير رئيس أو نظام حكم . . وإلا فلماذا لم نشهد، ولو عتاباً، لإزاحة مبارك، الذي تم بمساندة تامة من القوات المسلحة المصرية؟

ومنذ ثورة 25 يناير، ترددت الولايات المتحدة، في الترحيب بها في البداية، ثم حدث تحوّل كامل في موقفها، بإعلان تأييدها للثورة المصرية، ووصفها بأنها مصدر إلهام لهم في أمريكا والغرب .

منذ هذا التاريخ، دخلت الولايات المتحدة، في أجواء أزمة سياسية سببت لصانع القرار حالة من الارتباك، فهي رحبت بالثورة اتساقاً مع مطالبها المعلنة بالديمقراطية . وهو ما انطلقت الثورة في مصر من أجله .

لكنها وفي الوقت نفسه استبد بها خوف بالغ من أن تأتي هذه الثورة بنتائج، ليست في مصلحة الاستراتيجية الأمريكية، بحسب ما أعلنه كبار خبرائها السياسيين، ومنهم هنري كيسنجر .

وظلت أمريكا منذ 25 يناير ،2011 وحتى انتخابات الرئاسة في مصر في يونيو/ حزيران ،2012 في حالة ترقب قلق، انتظاراً لوضوح شكل النظام الجديد، وطبيعته، وتوجهاته السياسية في الداخل والخارج .

وكان للقلق أسبابه التي تمثل نوعاً من الإنذار المبكر، لصانع القرار في واشنطن . وهو ما اتفقت عليه مراكز صنع السياسة الخارجية، وظهر في اتفاق عام في ندوات ومؤتمرات مراكز الفكر السياسي، وورش عمل أكاديمية، ومؤتمرات حزبية، على أن ثورة 25 يناير، لو أنها نجحت في استكمال أهدافها التي تخص عموم المصريين، والمعلنة في الثمانية عشر يوماً الأولى من الثورة - قبل اختطاف الإخوان للثورة والانحراف بمسارها - فإنها ستعيد بناء دولة قوية ناهضة، وهو ما سيغير من ميزان العلاقات إقليمياً ودولياً، خاصة العلاقات مع الولايات المتحدة و”إسرائيل” .

وكان هناك إقرار، في المؤتمر القومي للحزب الديمقراطي في واشنطن، في نوفمبر/ تشرين الثاني ،2011 على لسان بعض المشاركين، من أنه في حالة نجاح الثورة، بتلك الصورة التوافقية التي شهدها ميدان التحرير، وبدور رئيسي للشباب الذين أطلقوا شرارتها الأولى، فسوف يكون لها تأثير على المستوى الدولي، لن يقل عن تأثير انهيار الأنظمة الشمولية في أوروبا الشرقية عام 1989 .

هذه النتائج المحتملة كانت تمثل تحدياً جوهرياً، للمصالح الأمريكية، من زاوية نظر استراتيجيتها في المنطقة . وهو ما كان دافعاً لواشنطن، لممارسة ضغوط لمصلحة وصول الإخوان للحكم، ودعم حملة مرسي الانتخابية، وما تردد في الكواليس من ضغوط على المجلس العسكري الحاكم وقتها، لمصلحة الإخوان . وأن الميل الأمريكي المتزايد ناحية الإخوان، قد عززت منه اتصالات إخوانية مباشرة مع واشنطن، وطمأنتها

بأنهم سوف يحافظون على المصالح الأمريكية، وعلى العلاقة مع “إسرائيل” . إضافة إلى ما هو معروف من وجود علاقات قديمة للولايات المتحدة مع تنظيم الإخوان، وهو ما اعترفت به هيلاري كلينتون في يونيو/ حزيران 2011 .

كان القلق الأمريكي على النتائج المحتملة لثورة 25 يناير، مرتبطاً بقلق مواز، يتعلق بعدد من الأركان الثابتة للسياسة الأمريكية في المنطقة ومنها:

1) منذ إعلان حكومة جورج بوش عام ،2006 مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي وضعه المحافظون الجدد، وهم الصهاينة وأكبر حلفاء “إسرائيل”، والذين كانوا يديرون السياسة الخارجية في حكومة بوش، فقد كان من أول أهداف هذا المشروع، تقليص وضع مصر، ودورها، ومكانتها، في إطار خطة أسموها “إعادة رسم الخريطة الإقليمية للمنطقة، بما يضع “إسرائيل” في مركزها” .

. . وإن هذا لن يتحقق إلا في حالة إضعاف مصر، لأن كونها دولة قوية مزدهرة اقتصادياً، ومستقرة أمنياً، سيكون عائقاً أمام بلوغ هذا الهدف “الإسرائيلي” .

2) ما هو مسجل في أوراق لخبراء بالخارجية الأمريكية، متخصصين في الشؤون المصرية، من أن علاقة أمريكا بمصر ستبقى قوية وطبيعية، طالما لم يتجاوز وزنها وتأثيرها حدود الدولة في مصر، إلى ساحة المنطقة . . أي أن تبقى مصر محصورة في نطاق محدود .

3) ما هو معروف من أن الاستراتيجية الأمريكية، تبني سياستها على أساس خطط للمدى البعيد . وهو ما تخصص له استثمارات بالمليارات، ودعم مادي ومعنوي هائل، يصعب عليها تقبل رؤيته يتبدد مرة واحدة .

4) لهذا كان لافتاً للنظر، أن الفزع الذي أصاب واشنطن، من إنهاء حكم الإخوان، يبدو كأنه أشد هولاً في حساباتها، من تصاعد ظاهر ومعلن لعناصر من تنظيم القاعدة في سيناء، وفي أماكن اعتصام الإخوان خاصة في ميدان رابعة، لمساندتهم في البقاء في الحكم . مع أن الولايات المتحدة تعتبر القاعدة أكبر أعدائها، وأشدهم خطراً عليها، لكن يبدو أن زوال حكم الإخوان في مصر كان في حساباتها أخطر من ظهور خطر القاعدة في مصر والمنطقة .
نقلا عن صحيفة الخليج