رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عبدالله ناصر العتيبي يكتب :هل تريد أميركا فعلاً التدخل بسبب الكيماوي؟

عبدالله ناصر العتيبي
عبدالله ناصر العتيبي

هناك أربعة أسباب محتملة لدخول أميركا في معترك الأزمة السورية، والعمل على تغيير نتائجها.

السبب الأول هو الموقف الأخلاقي الأميركي تجاه استعمال نظام بشار الأسد أسلحة كيماوية محرمة دولياً ضد شعبه، وما نتج من ذلك من موت المئات من المدنيين. تظن أميركا أن من واجبها الأممي ومسؤولياتها العالمية الوقوف ضد أية دولة تخرق القوانين الدولية، من أجل عالم آمن ومنسجم. وما قام به نظام بشار يتعارض مع كل أدبيات هذا الواجب وهذه المسؤولية، الأمر الذي يحتم التدخل لإعادة النظام العالمي إلى مساره الطبيعي، وردع كل من يحاول أن يختبر قوة الأخلاق والعدل والحرية والكرامة.
وأميركا لها تاريخ حافل في هذا الجانب، فلطالما تحركت منفردة أو مع «فرق افتراضية» كان لها الدور الأكبر في تشكيلها، للوقوف بحزم أمام مغامرات أفراد أو جماعات أرادوا تركيع العالم أو أجزاء منه لرغباتهم ومصالحهم.
الإدارة الأميركية «الملاك هنا» لم تستطع أن تستصدر أمراً من مجلس الأمن بالتدخل العسكري تحت البند السابع بسبب الممانعة «الروس - صينية»، ولم تستطع تشكيل فريق افتراضي يضم الحليف التقليدي بريطانيا (الذي يمثل أحد أعمدة العالم الحر) بسبب تصويت مجلس العموم ضد المشاركة في أي عملية عسكرية ضد سورية، لكنها استطاعت رفع نسبة التأييد المحلي لهكذا تدخل (٩ في المئة قبل استخدام الكيماوي، و٤٢ في المئة بعد استخدام الكيماوي)، ما قد يدعم موقف الحزب الديموقراطي في انتخابات الكونغرس المقبلة في تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٤، واستطاعت أن تستميل الفرنسيين لجانبها، للمضي قدماً في مشروعها الذي لا يحتمل الإلغاء أو التأجيل، فالأسد تجاوز «الخط الأحمر»، ولا مجال للتراجع!
السبب الثاني، هو الإطاحة بنظام بشار الأسد الذي ظل طوال أعوام يمثل تهديداً للدول الحليفة لأميركا في المنطقة، وما التذرع بمعاقبة سورية في شكل محدود لخرقها المعاهدات الدولية التي تجرم استخدام الأسلحة الكيماوية إلاّ غطاء للهدف الرئيس للتدخل المتمثل في الإطاحة بنظام الأسد واستبداله بنظام موال يضع مصالح الأميركان على رأس أولوياته دائماً.
ظلت سورية طوال أعوام الماضية عظمة في حلق الأطماع الأميركية في المنطقة، وامتداداً لخط ممانعة يمتد من إيران وحتى جنوب لبنان، وقد جاءت الفرصة لضرب هذا المحور الممانع تحت ذريعة حماية المجتمع الدولي من مجموعة من المارقين الدوليين الذين لن يرعووا عن استخدام الأسلحة الكيماوية ضد كل من يخالفهم ويختلف معهم في المستقبل.
السبب الثالث يتمثل في حرص أميركا على حصار الحال الجهادية التي وجدت في الدولة الفاشلة حالياً «سورية» منطقة مناسبة للظهور من جديد والنمو والتمدد، ما سيهدد السلم والأمن العالميين. لن تستطيع أميركا القضاء على الجهاديين الذين لا يعترفون بالحدود الدولية إلا بإسقاط نظام بشار الأسد، ومن ثم تعيين قائد «كرزاوي» جديد يساعد الأميركيين في تطهير البلاد السورية من أصحاب الفكر الأحادي الذي لا يعترف بالآخر مطلقاً!
تظن أميركا أن الوقت ليس في مصلحتها في ما يخص المعركة الدائرة الآن في سورية بين النظام والمجاميع الجهادية المتشكلة من مختلف دول العالم

بما فيها أميركا نفسها. وإن لم تتدخل في شكل يتناسب ويتماشى مع «اللوح العالمي المحفوظ»، فإنها ستصبح بعد أعوام قليلة وربما أشهر معدودة في مرمى قصف هذه الجماعات وتحت رحمة مساوماتها ومغامراتها!
السبب الرابع لتدخل أميركا عسكرياً في سورية هو مساعدة الثوار السوريين في بحثهم عن الحرية والعدالة والكرامة والمساواة، وتمكينهم من السلطة لحكم أنفسهم بأنفسهم، وذلك من خلال قصف مناطق القوة في جيش بشار الأسد، وبالتالي السماح لـ «لجيش الحر» (أو أي قوة أخرى يرتضيها السوريون وتباركها القوى الإقليمية) بالتقدم وتسلم زمام الأمور، وتشكيل حكومة انتقالية مدنية تعقبها انتخابات حرة ونزيهة لاختيار رئيس للبلاد وممثلين للشعب في المجالس النيابية.
هذه هي الأسباب الأربعة عزيزي القارئ التي لا يمكن أن تخرج عنها أسباب تدخل أميركا في سورية تحت غطاء معاقبة الأسد على استخدام الأسلحة الكيماوية، وما عليك إلا أن تحدد السبب الذي يتفق مع وجهة نظرك وبنائك الفكري والعقدي، لكن تذكر دائماً إن كنت عربياً متعولماً وعالمي الأفق واخترت السبب الأول، أو كنت بعثياً مستفيداً أو حزب اللهياً مؤمناً واخترت السبب الثاني أو كنت قاعدي الفكر أو مؤدلج العقل واخترت السبب الثالث أو كنت مواطناً سورياً في قرية نائية واخترت السبب الرابع، تذكر دائماً أن هناك طفلاً سورياً يموت كل يوم وآخر يفقد أباه، فيما تنعم أنت بطفلك في أحضانك. تذكر وأنت تصوغ الكلمات التي تدعم موقفك وتزخرفها بألوان اللغة أن هناك صبية يموتون كل يوم في سورية نتيجة قصف عشوائي، وتذكر أيضاً أن أميركا على مدى العقود الماضية ظلت بحسب رأينا تتنقل بين المواقف العدائية والصديقة، فيما هي تعتمد طريقة حكم واحدة لم تتغير ولم تتبدل ولم تصطدم بالشعب!
تتغير حاجتنا باختلاف أزماتنا. ندعو أميركا لإنقاذنا مرة، ونطلب منها عدم التدخل مرة. نرجوها مرة، ونلعنها مرة. أميركا ثابتة ونحن ندور، حلفاء كنا أو أعداء!
تذكر يا سيدي إن كنت تلعن أو تصفق، أنك عربي ضعيف، ضعيف وكفى.