مفتاح شعيب يكتب : تضليل لخدمة الإخوان
أكد فشل تظاهرات ما سمي “جمعة الطوفان” للإخوان المسلمين أن التيار الشعبي الرافض لهذه الجماعة قد جرفها بعيداً عن مصر، بعدما فقدت السلطة وخسرت الشعب أيضا، وأصبح مواطنون من العامة هم من يتولّون التصدّي لتجاوزاتها وحماية رجال الجيش والشرطة من الاعتداءات في صور توثّق للحظة تاريخية ستذكرها الأجيال المقبلة بكل اعتزاز .
ما يجري في مصر منذ السقوط الكبير للإخوان في الثلاثين من يونيو/ حزيران الماضي أكبر من أن تختزله كلمة أو يستوعبه مفهوم من تلك المفاهيم التي فرّخت في “الربيع العربي”، وربما لن يمضي وقت طويل حتى يكتشف المصريون والعرب أن تلك الهبّة الجماهيرية كانت إعادة اكتشاف للواقع وتأسيساً لمرحلة تقطع مع مرحلة ضياع طويل استمرت لأشهر، ولكنها بحساب القلق والمخاوف مرّت كأنها قرون .
هذه الحقيقة الجديدة لا تريد بعض وسائل الإعلام الاعتراف بها . وعكس ما هو موجود على أرض مصر من وقائع ومشاعر، ظلت قنوات تلفزيونية تسوّق السراب للظمأى، وتروّج لما تسميه “انتفاضة إخوانية”، ولا تستحيي بأن تصور خروج المئات أو الآلاف في تظاهرات عشوائية بأنهم ملايين، وبأنهم قريباً سيعيدون الرئيس المعزول محمد مرسي إلى قصر الاتحادية ليعتلي منبره ويخاطب “أهله وعشيرته”، وهذا الحرص على قلب الحقيقة يعكس رغبة جائرة لتسويق مشروع مشبوه، تأكد أنه يجدّف عكس مسار التاريخ ويضرب أخماس الأمة بأسداسها لمصلحة الفتنة والتفتيت والعودة القهقرى إلى عصور الظلمات .
منذ أن أرخى “الربيع العربي” سدوله على المنطقة وهجم بعواصفه المتدحرجة، لعب التضليل الإعلامي لعبته القذرة، وعمل على تفكيك عناصر الوحدة وإظهار مواطن الفتنة والشقاق في أبشع صورها .
مصر واحدة من دول الأمة المستهدفة، وكان مخططاً لها أن تسقط في هذا الجب الذي حفره لها صنّاع الثورات في استوديوهات البث المباشر ومخرجي أفلام “المليونيات” أيام الجُمع . ولكن الإرادة الشعبية التي انتفضت في اللحظة المناسبة أسقطت المؤامرة ولاحقت المتآمرين، وها هي القاهرة تعجّ بالحياة ولم تحترق مثلما خطط لها الإخوان، و”الطوفان” الذي توهموه لم يجرف أحداً سواهم، بينما نجت مصر ومعها أمة كاملة .
نقلا عن صحيفة الخليج