رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محمد مصطفى علوش يكتب:هل اللاعب واحد في مصر وتونس ؟

بوابة الوفد الإلكترونية

شهدت تونس يوم الخميس الفائت اغتيال محمد البراهمي النائب في المجلس الوطني التأسيسي الذي استقال مطلع الشهر الحالي من الأمانة العامة لحركة الشعب التي اتهمها بالتماهي مع حركة النهضة، وأسّس حزب "التيار الشعبي" وصار منسّقه العام.

يعتبر البراهمي خصماً لدوداً لحركة النهضة، وهو على نفس الخط السياسي لسلفه شكري بلعيد الذي اغتيل في 6 فبراير الماضي. وكلاهما ينتميان إلى المدرسة اليسارية المطعمة بالقومية العربية.
عقب الاغتيال بدأت تحركات المعارضين حرقاً لمقرات النهضة، وتهجماً على مقرات الأمن، ودعوات للعصيان المدني وصولاً إلى إسقاط النظام بالكامل وحل المجلس التأسيسي إلى غير ذلك من الدعوات التي توضع في خانة الدعوة إلى الفوضى الشاملة دون معرفة ماذا سيحصل في اليوم التالي لإسقاط النظام.
والاغتيال على ما يبدو لا يشي بخصومة سياسية أو رؤية قاصرة النظر لمنفذيه، بل يأتي ضمن استراتيجية واسعة وأبعد بكثير من قدرات تيار السلفية الجهادية عن تنفيذه التي اتهمت سابقا في حادثة اغتيال شكري بلعيد، وهو أقرب ما يكون إلى عمل أجهزة المخابرات بغض النظر على يد من نفذت الجريمة؟ فكم من الاغتيالات كان وراءها أجهزة استخبارات إلا أنها نفذت بأياد بعيدة كل البعد عن هذه الأجهزة.
تونس حالها اليوم كحال غيرها من الدول العربية، تعيش حالة استقطاب حاد بين الائتلاف الحاكم والمعارضة، وقد انطلقت فيها حملة "تمرد" على غرار حملة تمرد المصرية، آملة في إسقاط حكم الترويكا الحاكمة كما أسقطت نظيرتها في مصر حكم الرئيس محمد مرسي وجماعته.
إذن القواسم المشتركة في المشهدين كبيرة، والسيناريو المرسوم يبدو أنه يتكرر في تونس مع تغيير في بعض التفاصيل، ولعل الخاسر الحقيقي من هذا الصراع هو التحول الديمقراطي في المنطقة.
معذور من يتأمل في المشهدين التونسي والمصري ثم يقول هناك مؤامرة حقيقية وممنهجة، تقف وراءه وتقوده جهة واحدة، وبصماتها واضحة في أكثر من مجال. معذور لأنه لا يمكن لعاقل أن يصدق أن التحركات الجارية لشيطنة الإسلاميين دون تمييز، وإجهاض مخرجات صناديق الاقتراع، وتيئيس الناس من قيم الديمقراطية والحرية في أغلب الدول العربية تأتي هكذا اعتباطاً، وأنه ليس هناك من يخطط لها من بعيد. وإذا كان المشهد يبدو جلياً في تونس ومصر حالياً، فليس ببعيد ذلك اليوم الذي نجد فيه المشهد يتكرر في ليبيا والمغرب واليمن،

وفي أي بلد عربي يبحث أهله عن غد أفضل لهم ولأبنائهم في جوّ من الحرية والكرامة.
لقد كشفت الأحداث التي ضربت مصر وتونس ودولاً أخرى أن الغالبية الساحقة من النخب العربية ليست على مستوى من الوطنية والقومية لتؤتمن على الأوطان التي تعيش بها. إذ أن الخصومة الإيديولوجية بينها أعمت أفئدتها ودفعتها للارتماء في أحضان الاستبداد على أن تقبل بما أفرزته صناديق الاقتراع.
حال هذه النخب كحال أغلب وسائل الإعلام العربية التي امتهنت سياسة الفبركة والتضخيم والتشويه والحذف، مما يجعلها أحد ملحقات أجهزة المخابرات العامة التي تعمل على تغيير أمزجة وآراء الشعوب عبر ما تبثه وما تنشره. في مصر حدث ولا حرج، فأغلب وسائل الإعلام تصور الصراع السياسي بعد عزل الرئيس محمد مرسي على أنه صراع بين شعب وعصابة خارجة عن القانون وتمارس الإرهاب بحق هذا الشعب البسيط،ضاربين عرض الحائط بكل مكتسبات الثورة، وبكل الاستفتاءات التي أجريت منذ ثورة يناير 2011. وكلامنا هذا لا يعني انتصاراً لجماعة الإخوان المسلمين التي لم تثبت جدارة في الحكم بقدر دفاعنا عن مبادئ وقيم ومعايير هي أساس العقد الاجتماعي في المجتمعات الحديثة. وإذا كنا نخشى أن تتعرض تونس لثورة مضادة تلغي مكتسبات الثورة، فإن الخطورة في مصر هو الانزلاق إلى احتراب أهلي يقضي على مقدرات الدولة المصرية ويفرط عقد الجيش المصري، وهو الجيش الوحيد المتبقي في العالم العربي الذي لم يصبه التفكك أو الانشقاق كما هو حال الجيشين العراقي والسوري اليوم.
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية