رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضرار بالهول الفلاسي يكتب :"الإخوان» بين شرعيتين

ضرار بالهول الفلاسي
ضرار بالهول الفلاسي

تجادل جماعة الإخوان المتأسلمين وأنصارها، في تحديهم لإرادة الشعب المصري الشقيق الذي أطاح بحكمهم في 30 يونيو، بأن الرئيس المخلوع محمد مرسي هو صاحب الشرعية، وأن ما تم ليس سوى انقلاب عسكري. والمتأمل في هذا الخطاب الإخواني، يلاحظ بلا شك أنه يمثل استهتاراً متعمداً من هذه الجماعة بقدرة الناس على التفكير، مثلما يكشف ازدواجية الخطاب الإخواني البائس الذي يبيح شيئاً في زمن، ويحرمه في زمن آخر، طالما أنه يصب في مصلحة الإخوان لا غيرهم.

مشكلة الإخوان هنا أنهم يضعون على عيونهم عصابات سوداء، ويفترضون أن بقية الناس يفعلون مثلهم..! ولكن، هيهات! دعونا نقيم ما الذي يجري بشكل موضوعي ومنطقي.
في مصر، رئيس تم انتخابه في ظروف مثيرة للجدل، سارع بعد انتخابه إلى تحصين قراراته، وإصدار دستور يحصن بشكل رجعي قرار لجنة الانتخابات من أي طعن أو استئناف أو مراجعة. وضع دستوراً بأجندة أحادية، رغم أن البلاد تمر بمرحلة تأسيسية تتطلب توافقاً وطنياً. رفض الحوار الوطني، وأغلق الكثير من الأبواب، ورفض وساطات الجميع.. وفي نفس الوقت أخفق في حلحلة أي من مشاكل البلاد الرئيسة التي تخنق الناس بشكل يومي.. ماذا حصل بعد ذلك؟ انفجر الناس بالملايين في وجهه، حيث خرج 33 مليون إنسان في عموم مصر مطالبين برحيله.. وكان الجيش هو الأداة الوطنية التي لبت رغبة هؤلاء الملايين، فقاد عملية انتقال السلطة، وفقاً لنصوص دستورية وضعها هو كفخ لخصومه..
هذا ما حصل، ومع ذلك تصر جماعة الإخوان وحلفاؤها على وصف الأمر بأنه انقلاب عسكري! هذه الكلمة ليست غريبة عن المنطقة في العموم، لكنها ليست غريبة عن الإخوان أيضاً! ففي تاريخهم، على سبيل المثال، الانقلاب الذي قادوه ضد الإمام يحيى حميد الدين في اليمن عام 1948، وكذلك الانقلاب الذي دبروه عام 1989 في السودان، ضد حكومة الصادق المهدي الائتلافية المنتخبة ديمقراطياً، والتي كانوا جزءاً منها!.
لكنني أريد أن أتوقف عند انقلاب أحدث لا تزال آثاره السلبية المدمرة تنزف ألماً ومعاناة لأهلنا وإخواننا أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق، وهو الانقلاب الذي قامت به حركة حماس الإخوانية في قطاع غزة الجريح عام 2007، خاصة وأن هذا الانقلاب يدحض أي كلام يدعيه الإخوان حول الشرعية واحترامهم لها.
ما الذي حصل في غزة من منظور الشرعية والدستور؟ الرئيس المنتخب محمود عباس، وبعد أن فازت حماس بأكثرية مقاعد المجلس التشريعي عام 2006، قرر وبمبادرة منه، لأنه غير ملزم دستورياً بذلك، تعيين رئيس وزراء من حماس. بعد أقل من عام قررت حماس، وباستخدام جناحها العسكري غير الشرعي، السيطرة على كل مؤسسات السلطة الفلسطينية في غزة، بعد معارك شرسة ضد قوات الأمن الرسمية الفلسطينية. أقال الرئيس الحكومة، لكنها استمرت في ممارسة صلاحياتها تحت مسمى الحكومة المقالة.
ومع أن أكثرية نواب حماس معتقلون لدى إسرائيل، فإن حماس اخترعت فكرة غير قانونية اسمها التوكيلات، لذلك تواصل عقد جلسات المجلس

التشريعي لوحدها كما تريد، بل إن الحكومة المقالة أخذت تمنح جوازات وتعين وزراء، وزادت على ذلك بأن اعتبرت الرئيس عباس قد انتهت مدته، وعينت بدلاً منه أحمد بحر رئيساً مؤقتاً، علماً بأنه نائب رئيس المجلس التشريعي في الدورة الأولى فقط ولم يجدد له، لذلك فلا صفة له.
أين المفارقة؟ المفارقة أن الإخوان وأردوغان وغيرهم، يعتبرون أن هذه الحكومة المقالة نتيجة الانقلاب الدموي في غزة، هي سلطة شرعية، ويتعاملون معها على أساس ذلك، دون أن ينسوا في الوقت نفسه المتاجرة بعذابات أشقائنا الفلسطينيين المحاصرين في غزة.
ولكم هنا أن تتخيلوا حجم التناقض.. حركة شعبية تضم 33 مليون نسمة لا يعترف بشرعيتها، فقط لأن من نفذ رغبتها كان الجيش.. وانقلاب دموي مخالف للدستور والقانون، يتم ترويج نتائجه على أنها شرعية، رغم فداحة الجريمة، كون الانقلاب وقع وغزة وفلسطين كلها تحت الاحتلال!
الشاهد هنا أن الإخوان لا يتعاملون مع الشرعية والدستور والقانون إلا في الأطر التي تضمن مصالحهم هم، وهم وحدهم. لذلك في المرة القادمة التي تسمع فيها إخوانياً يتحدث عن الشرعية، نصيحتي أن تطلب منه أن يغلق فمه ويخيطه بإبرة صدئة! عندما تحرك الجيش الجزائري عام 1992 لمنع وصول الجبهة الإسلامية للإنقاذ إلى الحكم، أين كان الإخوان الجزائريون بزعامة محفوظ نحناح؟ مصلحتهم وقتها تطلبت التحالف مع الجيش والحصول على مقاعد وزارية.. لذلك أيدوا حركة الجيش ودافعوا عنها، مع أنها في التوصيف الشكلي على الأقل لا تختلف كثيراً عن الدور الذي لعبه الجيش المصري! لعبة مصالح هي إذن، وليست مسألة مبدأ، ولذلك لا تصدقوا الإخوان حين يحاولون بيعكم أكذوبة الشرعية التي يتاجرون بها!.
ولكن قبل أن أختم، يستحق التذكير أن هنالك نقطة شبه أخرى بين حالتي غزة والقاهرة... فقد تم في الحالتين إعدام المعارضين بإلقائهم من على أسطح البنايات.. وبفتاوى ممن يسمون علماء الإخوان! حسبنا الله ونعم الوكيل..
نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية