رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فضيلة الجفال تكتب :ليلة سقوط الإخوان

فضيلة الجفال
فضيلة الجفال

كتبت سيدات عربيات وخليجيات على حوائطهن في مواقع التواصل، ليلة خلع الرئيس المصري السابق محمد مرسي، تعابير محشوة بالفرح. وأنا أتابع المحطات المصرية ذلك المساء، كانت المذيعات المصريات يضحكن مظهرات كامل أسنانهن على الشاشة.

كان الأمر أضخم من أن يحتمل ابتسامة بسيطة أو متوسطة الحجم بعد إعلان خلع الرئيس. تبدو السيدات في المنطقة والعالم أيضا مؤازرات لملايين المصريين، تماما مثل كثير من الوسطيين والليبراليين ومؤيدي الدولة المدنية، إلا أن هذه المرة، الصورة أعمق وأكثر درامية من مؤازرة الشعب المصري لخلع الرئيس الأسبق مبارك، وهو ليس سقوطا فرديا على أي حال. تبدو التفاصيل مختلفة الآن.. فسيدات عربيات مثل كثير من الأسماء التي تحتفظ بها ذاكرتي في ما قد نسميه «ليلة سقوط الإخوان»، لا يبدو أن ما يعبرن به هؤلاء - عامة - له طابع سياسي صرف، بقدر ما هو تنهيدة راحة من قلق حقيقي، وهو تنامي مشاريع أسلمة السياسة في المنطقة. من هو المتضرر الأول من صعود هذه التيارات؟ لا يبدو أننا سنفكر كثيرا لنجيب: النساء! فماذا لو اختنقت مصر وتونس وليبيا والعواصم العربية جميعها وسقطت في قبضة التطرف؟ يبدو المشهد كما لو كان جزءا من الفيلم الهوليوودي المرعب ذي الأجزاء الثلاثة «أعرف ما فعلت الصيف الماضي I know what you did last summer»! وجميعنا يتذكر ما الذي حدث وما تأثير ما حدث خلال عام واحد من صعود الإخوان على المشهد المصري عامة، وعلى دول الثورات المجاورة. إنها المرأة التي ينظر إليها المتطرفون في الشرق الأوسط على أنها جزء من تركة الرجل.
جاء عنوان تقرير مركز «سيداو» للديمقراطية وحقوق الإنسان مؤسفا بعد وصول أول رئيس مدني منتخب بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 في مصر: «المرأة المصرية في النظام الجديد.. كثير من العنف الممنهج، قليل من الحرية والكرامة الإنسانية». وكما حدث أن أقصيت المرأة من المشهد السياسي على المستوى العربي بدعوات مختلفة، وسمح لها لاحقا تحت مناظير محددة، فقد خسرت المرأة المصرية وكانت على وشك خسارة أكبر بعد وصول «الإخوان» للحكم حين تقلص عددهن من أربع وزيرات إلى واحدة فقط.
وقد كان التحرش مثلا نوعا من أدوات الضغط الذي مورس في شوارع مصر، لثني المرأة عن المشاركة في الشارع وفي السياسة. وصور النساء كمرشحات في بعض المحافظات استبدل إما بوردة وإما بصورة زوجها.
إلا أن وعي المرأة المصرية وعملها التاريخي ضمن مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية والنسوية جعلها تستوعب الأمر وتتداركه. وقد بدا ذلك في صورة تكتل وتحالف للمنظمات والجمعيات النسوية.
وفي صورة سينمائية سريعة للبرلمان المصري، حصلت المرأة على 12 مقعدا فقط من أصل 498 مقعدا، أي 2.4 في المائة فقط. وكأن النساء يتقدمن إلى الوراء، بعد ثورة شبابية ونسائية وشعبية عارمة. وفي تقرير أخير للأمم المتحدة: «رغم بداية سنة واعدة، فإن المنطقة العربية كانت الوحيدة في العالم التي لم يحقق فيها أي برلمان حدا أدنى من 30 في المائة للمرأة». ولربما الأكثر إثارة في الأمر هو محاولة ابتكار

تكتيكات جديدة في عملية إشراك المرأة، بهدف تجنيدها في معركة خشبية بين نساء ونساء في المجتمع الواحد. وهذا يمكن أن نختصره في ما قاله منظر الإخوان المسلمين عبد الرحمن البر في جريدة الجماعة: «لا مانع من ترشح المرأة للانتخابات النيابية وخروجها للتصويت، مع ضرورة التزامها بالضوابط، خصوصا أن هذا الترشيح يضع المرأة المسلمة في معركة تواجه فيها النساء (غير الإسلاميات)»!
ومن الخطوات التي ظهرت في البرلمان المصري الذي يضج بغير المعترفين بحقوق للمرأة، كان مشروع النائب محمد العمدة الذي يسعى إلى قانون يقضي بإلغاء قانون الخلع، بصفته استيرادا غربيا مفسدا، بينما تساءل أحد نواب التيارات الإسلامية، وعضو لجنة الشؤون الدينية والاجتماعية: كيف تسافر المرأة من خلال «المجلس القومي للمرأة» لحضور مؤتمرات خارج مصر؟ كان هذا كفيلا بهز السلفيين في البرلمان، فطالب بإلغاء المجلس، وتأسيس مجلس قومي للرجال! في الوقت الذي طالب فيه نائب آخر بأن تكون لمجلس الشعب اليد العليا في مراجعة قرارات المجلس القومي للمرأة بذريعة «حتى لا يخالف الدين الإسلامي»، وانتهى الاجتماع بموافقة أعضاء اللجنة بالفعل على إعادة تشكيل المجلس القومي للمرأة. هذا عوضا عن الحرب الفكرية والاجتماعية على النساء وعلى مظاهر الثقافة العامة. أين المدنية والديمقراطية؟ وأين الخطة الاقتصادية والسياسية للبلاد من كل هذا الحكم التوتاليتاري؟ لم تكن لتوجد خارطة طريق واضحة.
«أينما ذهبت مصر تبعتها المنطقة».. هذا قول مأثور في علم السياسة في الشرق الأوسط.
وقد ظهر ذلك جليا في انتعاش الفكر المتطرف في المنطقة العربية، أولئك الذين يرون في مشروع الإخوان مشروعهم الخاص، وفي فلسفتهم تجاه المرأة فلسفتهم بالمقابل. ومصر ليست أكثر الدول العربية سكانا ومؤشرا ملاحيا يحدد اتجاه المنطقة فحسب، بل هي فوق كل هذا تضم الأزهر الشريف الوسطي المعتدل، تماما كما هي معقل حركة الإخوان المتطرفة. وبالتالي، فخشية طغيان الفكر المتطرف من خلال تيارات الإسلام السياسي على المنطقة والذي يلقي بأولى طلقاته النارية على النساء، أمر لا يمكن التقليل من شأنه أبدا.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط