رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هاشم عبدالعزيز يكتب : من أفق الثورة إلى نفق "الإخوان"

بوابة الوفد الإلكترونية

 اليوم تنطلق التظاهرة الجماهيرية الشعبية التي تنظمها قوى المعارضة المصرية وفي المقدمة جبهة الإنقاذ بهدف إسقاط الرئيس محمد مرسي وحكم الإخوان، واليوم أيضاً تنتهي المهلة التي كان وزير الدفاع المصري الفريق أول محمد السيسي حددها بأسبوع أمام طرفي الصراع، السلطة والمعارضة، “للوصول إلى مصالحة وطنية حقيقية”، محذراً من أن الجيش لن يظل صامتاً “أمام انزلاق البلاد في صراع تصعب السيطرة عليه” .

المراقبون توقفوا أمام هذا المشهد المتداخل، فهم يتابعون ما سيكون عليه الحراك الشعبي الذي سيجري بعد إعداد لأسابيع بدا منظموها على قدر كبير من الثقة بحشد ملايين الغاضبين والمقهورين من حكم الإخوان في عموم البلاد بما سيترتب على هذا من نتائج وردود أفعال من جهة، ومن جهة ثانية يرون أن دعوة وزير الدفاع للحوار جاءت متأخرة قد يجد فيها الإخوان “استراحة” لإعادة ترتيب الأوراق، لكن المعارضة لم تعد في احتمال الخداع والكذب الذي مارسه الإخوان منذ وقت مبكر للقفز فوق الالتئام الوطني والشراكة بهدف الاستئثار، وهو ما يجري منذ بدء رئاسة مرسي للبلاد .

مراقبون توقفوا أمام تحذير وزير الدفاع المصري من أن الجيش لن يظل صامتاً “أمام انزلاق البلاد في صراع تصعب السيطرة عليه”، وتساءلوا: هل قرر الجيش العودة إلى الحياة السياسية في البلاد؟

السؤال وجيه، لكن الجيش المصري الآن لم يعد بتلك الصورة الزاهية حين تحرك من أوساطه الضباط الأحرار وقاموا بثورة 23 يوليو عام 1952 التي غيرت أوضاع مصر في الداخل ودورها ومكانتها العربية والدولية في آن، ولا هو بذلك القدر من الثقة التي كان عليها حين بدأ تدخله لإمساك الأوضاع في ذروة اندفاع الأجهزة الأمنية والبلطجية في قمع الجماهير المنتفضة لإسقاط مبارك ونظامه، لأن هذا الجيش دخل لعبة الصفقات المشبوهة التي دارت على الثورة بأهدافها وقواها وجماهيرها وقادت إلى ترتيب الوضع السائد في مصر الآن، والأهم من هذا أن التداعيات المتسارعة في هذا البلد باتت مفتوحة على غير احتمال .

هناك من يرى أن حالة الإخوان الرمادية لن تنقشع في غضون فترة وجيزة، لا لأن لدى هؤلاء وشركائهم من الجماعات قدرة على حشد أعداد من الناس باستغلال الجهل والفقر، بل لأن هؤلاء يحصلون على دعم متواصل سياسياً من أطراف إقليمية ودولية وعلى تدفق الأموال .

وهناك من يرى أن تظاهرة 30 يونيو لن تكون مجرد إشهار رفض جماهيري وشعبي سياسي لرئاسة مرسي وحكم الإخوان، بل ستكون مسيرة متواصلة في هذا الاتجاه، وأن لجوء السلطة إلى العنف وذهاب جماعات الإخوان إلى صدام مع المتظاهرين ستكون نتائجه في الشارع المصري بالنتائج ذاتها التي حصدها مبارك ونظامه من الاصطدام بالشعب .

ومن هؤلاء المراقبين من يذهب مسبقاً إلى القول: “بصرف النظر عما قد تسفر عنه تظاهرات 30 يونيو بمصر، سواء نجحت المعارضة في إسقاط الرئيس أو لم تنجح؛ فالواقع يقول إن مشروع الإخوان المسلمين بمصر قد فشل وسيعاني الإخوان هذا الفشل أعواماً طويلة سواء في مصر أو المنطقة” .

وللاستدلال يقول هؤلاء: “قدم الإخوان وعوداً ديمقراطية لها أول وليس لها آخر، لكن وعودهم تلك كانت مجرد كلام في الهواء، فمعالجة الإخوان لكل أزمات مصر اتسمت بالتذاكي ومحاولة الإقصاء ومن خلال مبدأ “فرق تسد” ما شرذم الأوضاع كلها بالبلاد، وحاول الإخوان إقصاء العسكر وكان التوقيت مناسباً لأنه وافق هوى لدى

المعارضة والثوار لكن إقصاء العسكر ما لبث أن تحول إلى مشروع إقصاء للجميع من الأزهر إلى القضاء والإعلام، وحتى المعارضة نفسها، هذا عدا عن محاولة الاستئثار بالدستور وتمريره بشكل متسرع وإقصائي، وحدث كل ذلك مع ترد اقتصادي مرعب يهدد الدولة المصرية ككل، وبإيجاز، مصر انحدرت من أفق ثورة الحرية والكرامة والعدالة إلى نفق الإخوان وهو وضع أسوأ مما كان .

إلى هذا أو ذاك، يتردد على نحو أقرب إلى الإجماع انزلاق مصر في حرب أهلية، ويبدو أن الإخوان في هذا الخيار الانتحاري بإعداد واستعداد ميليشياتهم التي تسرح وتمرح في البلاد وهم يتواطؤون أمام حملات البغضاء والكراهية والأحقاد بين القبائل والمذاهب والطوائف والأديان في نسف لوشائج الإخاء والتعايش والتسامح الإنساني القائم في مصر عبر الأزمان، ويرعون ظلم وظلام الإقطاع على المجتمع المصري بأسره، والإخوان استبقوا تظاهرات 30 يونيو بتسيير تظاهرات الجمعة قبل الماضية لاستعراض القوة .

والمفارقة أن لافتات ال”سلمية” السوداء كانت تترجم بوعود لقاتلي المعارضين بالجنة .

وتبقى الإشارة إلى ما بات مثاراً حول مستقبل دور الجيش في الحياة السياسية، هنا يمكن القول إن وزير الدفاع بطلبه من طرفي الصراع السلطة والمعارضة إنجاز مصالحة وطنية حقيقية في غضون أسبوع، حاول أن ينأى بمؤسسته العسكرية عن المسؤولية عما ستقود إليه المواجهة بين السلطة والمعارضة، غير أن غياب الشجاعة والجرأة تتمثل في مطالبة الرئيس وحزب الإخوان المستأثرين بالسلطة بالإقدام على خطوات من شأنها تهيئة الأوضاع لمثل هكذا حوار بدا كمن يفتقد إلى استيعاب الأزمة والمتطلبات الجدية لبدء مواجهتها .

صحيح أن تحذير وزير الدفاع بتدخل الجيش لمواجهة انزلاق البلاد إلى الهاوية قطع الطريق أمام مرسي والإخوان استدعاء تدخل الجيش لقمع المتظاهرين لكنه افتقد موقف التفريق بين الضحية والجلاد .

تدخل الجيش بات أمراً جدياً، ويبدو أن هذا ليس ابن اللحظة إذا ما نظرنا إلى دلالة وأبعاد ما طرحه وزير الخارجية الأمريكي أمام الكونغرس الأمريكي حين طالب بعدم ربط المساعدات للجيش المصري بالديمقراطية، لأن الأهم مصالح أمريكا وأمن “إسرائيل” والمساعدات للجيش المصري تصب في هذا السياق .

متى سيتدخل الجيش؟ وهل سيرى الإخوان تدخله إنقاذاً لهم من الإنهيار؟ أو سيكونون في مخاوف الانتقام؟
نقلا عن صحيفة الخليج