رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حسين شبكشى يكتب : من «العولمة» إلى «العوالم»!

بوابة الوفد الإلكترونية

«الظاهرة المصرية» هي التوصيف الأنسب لوصف المظاهرات الشعبية التي تحصل في أكثر من دولة حول العالم، وأبرزها كما بات معروفا في تركيا والبرازيل تحديدا.

وكلها تحمل نفس الملامح وذات الشعارات التي ترددها الحشود والجماهير المحتشدة في الميادين والساحات العامة جميعا، كما يبدو وكأنها نسخة متكررة من مشاهد ميدان التحرير المعروفة التي كانت نقطة انطلاقة ثورة 25 يناير في مصر، ولكن شيئا ما يستحق التوقف عنده هنا لتحليل ما يحدث بدقة وتمعن.
نفس الدول الثلاث مصر وتركيا والبرازيل كانت كافة المؤشرات الاقتصادية الأساسية بها مرتفعة من مؤشرات خاصة بمعدلات الاستثمار المتدفق للبلد، وحراك البورصة الإيجابي ومعدلات التصنيع والتصدير المتصاعدة وتطور الرقعة الصناعية بشكل رأسي وأفقي واضح وبالغ الأهمية، ولكن كل ذلك لم يكن كافيا لأن يصل إلى طبقات كادحة ومحرومة وكبيرة عددا، وهذا النجاح الاقتصادي «رقميا» لم يكن وحده كافيا لأن يمد جسور الأمان لتغطية الهوة المالية السحيقة بين الطبقات في المجتمع، وبالتالي صار ينظر للنجاح الاقتصادي على أنه مكافأة للمقتدرين، وأن الغني يزداد ثراء والفقير يزداد فقرا، وبالتالي زادت حالات السخط والتذمر وطبعا الغضب، ولكن اللافت في هذه المجتمعات الثلاثة أنها كلها لها خلفية «اشتراكية» بنيوية رسخت تراكما من الإخفاقات والإحباطات وكانت بمثابة مخدر كامل للمجتمع لإيهامه أنه منتج ولديه اكتفاء ذاتي بينما واقع الأمر يقول إن البنية التحتية كانت تهترئ بالتدريج ورقعة الفساد كانت تتسع والإنتاجية تتدنى بشكل مرعب وسريع ومخيف، وعندما حل الانتقال إلى ليبرالية السوق والانضمام لخطوط العولمة والأسواق المفتوحة التي تشترط إزالة القيود وتحرير الأنظمة والقوانين وإزالة العقبات التي تعيق الاندماج مع أسواق العالم الأخرى لم تكن هناك الآلية الاجتماعية التي تحمي من الانتقال وتؤمن ضد آلام الانتقال والنمو وتخفض من آثار التكلفة المجتمعية الباهظة وهو ما كان.
ولعل الخاسر الأكبر والمصدوم الأول من جراء هذه

المشاهد والمظاهرات هم من يعرفون باسم «العولميين» The Globalists وهم الذين يروجون لفكرة عالم واحد معولم بنفس الشروط والمزايا تحت سقف العولمة، ولعل أشهرهم عراب الفكرة الشعبوي الكاتب الأميركي توماس فريدمان، صاحب فكرة العالم المسطح التي كانت عنوانا لأحد كتبه المعروفة. حتى هذه الظاهرة انتقلت إلى الولايات المتحدة نفسها في الظاهرة التي عرفت باسم «احتلال وول ستريت»، وانتقلت بهدوء إلى بعض العواصم الغربية تشكو من ذات الأسباب ولكنها «قُتلت» أمنيا بسرعة. الميادين اليوم في بعض العواصم تحولت إلى ساحات «للعوالم السياسية» رافعين فيها الشعارات والأقوال المليئة بالمطالب والتحديات، منها ما هو هزلي ومنها ما هو جاد ومنها ما هو مستحيل ومنها ما هو مثالي، والعالم يراقب مدى سرعة انتشارها وقوتها ومدى القدرة التي لديها على الاستمرار.
العولمة كان لها نجومها وفرسانها، والمظاهرات (التي تبدو في ظاهرها سياسية ولكن بالتدقيق يبدو أن الأمر الأهم هو اقتصادي بالدرجة الأولى) يبدو أنها قد تشير إلى أن مرحلة العولمة سيعاد تقييمها مجددا، فكما كان للرأسمالية وللشيوعية ضحاياها يبدو أن موجة العولمة سيكون لها ضحاياها هي الأخرى.
نجحت العملية ومات المريض.. قد يبدو الوصف المناسب لحالات بعض الدول مع تجربتها مع العولمة.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط