رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

فيصل جلول يكتب :سيناريوهات يونيو المصري

فيصل جلول
فيصل جلول


لايمكن لزائر القاهرة هذه الأيام إلا أن يصاب بالذهول من جراء حجم الاحتقان الكبير في الشارع المصري الذي ما انفك يتراكم منذ انتخاب الرئيس محمد مرسي قبل عام . ينتشرالاحتقان في كل مكان تقريباً في بهو الفندق وفي الشارع وفي مكتبات ميدان طلعت حرب، وفي المطعم وفي مقهى الفيشاوي الشعبي وفي مقهى ريش النخبوي، وصولاً إلى مقهى الأصدقاء المجهول في ناحية هامشية في الزمالك حيث النقاش يمتد إلى ساعة متأخرة ليلاً ومعظمه يدور حول كيفية إجبار الرئيس على التخلي عن منصبه .

وعندما ينخفض النقاش في أماكن النخبة يرتفع  نداء استقالة الرئيس في الشارع والأسواق عبر عرائض التمرد التي يقدر لها أن تجمع نحو 15 مليون توقيع .

في هذا الوقت لا يهمل  الرئيس ولا يهمل أفراد حكومته فرصة إلا ويصبون الماء في طاحونة معارضيهم المطالبين برحيلهم، فقد بادر وزير الثقافة مطلع الشهر الجاري إلى اتخاذ إجراءات سلبية ضد الأوبرا المصرية أثارت ضده النخبة الحداثية، وارتجل الرئيس مرسي سياسة مرتبكة في قضية سد النهضة الإثيوبي فكان أن ألّب عليه الطبقة السياسية من دون أن يكسب الخارج . ويبقى الوضع الاقتصادي سيد الموقف إذ تعاني العملة الوطنية المضاربة ويزداد باطراد عدد العاطلين عن العمل ويفقد الجنيه المصري جزءاً معتبراً من قدرته الشرائية .

ليس الارتجال سبباً حصرياً في تراجع أسهم الحكومة لدى الرأي العام، فالواضح أن أزمة ثقة كبيرة قد استقرت بين الإخوان المسلمين وعامة الناس حيث يجري حديث متواتر عن أخونة الدولة لتوفير شروط استمرار الحكم الإخواني إلى أمد بعيد .

صحبة القاهرة المتعددة الانتماء السياسي لا تأخذ على مرسي ارتجاله السياسي فحسب، وإنما الاقتصادي أيضاً وإهماله دول الجوار فهو أعطى البنك الدولي كل ما يريد، الأمر الذي يذكر بعهد الخديوي عباس حيث كانت الدول الأوروبية تمسك بخناق الحكومة المصرية وتعطل حركتها وتحجم طموحاتها، وقد دامت هذه الحال حتى ثورة يوليو عام 1952 وصعود نجم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر .

وفي مجال العلاقات الخارجية يلاحظ أن مصر ما كانت يوماً في مثل هذا الموقع الضعيف في علاقاتها الخارجية، فالوضع الداخلي في ليبيا على الحدود المصرية متفجر، ويهدد بانعكاسات سلبية للغاية على مصر، بيد أن القاهرة تتصرف وكان شيئاً لا يحدث في هذا البلد، وكذا الأمر بالنسبة للسودان الذي انفصل جنوبه عن شماله تحت سمع المصريين وبصرهم، وهم الذين لايكفون عن وصف السودان بحديقتهم الخلفية . أما عن قطاع غزة وسيناء فحدث ولا حرج، هنا تتصرف القبائل وعصابات التهريب وكأن لا دولة ولا من يحزنون، في هذا الوقت يرفع مرسي صوته عالياً نزولاً عند رغبة الإخوان المسلمين ضد سوريا ويهدد النظام السوري بالويل والثبور وعظائم الأمور ويقطع علاقات بلاده معه في خطوة فئوية أخرى

رد عليها المعارضون بالحديث عن سفارة “إسرائيل” وسد النهضة، ما استدعى رداً ورد من الجيش المصري بالقول إنه “لن يحارب أبداً دولة شقيقة”، الأمر الذي جرّد نبرة الرئيس العالية من كل أثر جدي .

ما من شك في أن روافد الاحتقان المتراكمة داخلياً وخارجياً من جراء سياسة الرئيس الإخواني الأول في تاريخ مصر ستتجمع في 30 يونيو بقوة، حيث ينتظر أن  تتخذ التظاهرات المتوقعة في هذا اليوم إجراءات طويلة الأمد فلا ينتظر الناس ويغادرون المكان على عادتهم وإنما من المتوقع ألا يغادروا الشوارع قبل سقوط الرئيس . يستفاد من شروحات منظمي التمرد أن الجيش المصري لن يتراجع هذه المرة إلى الخلف فهو قد يتولى زمام الأمور إذا ما طالبه المتظاهرون بذلك، وإذا ما كان حجمهم قياسياً، وإذا ما ارتكبت الشرطة فظائع بحق المتظاهرين .

تبقى ورطة المعارضة الأبرز ماثلة في اختلافها حول الشخصية التي يمكن أن تمتص كل هذا الاحتقان، وأن ترث مرسي في حال خضوعه لإرادة الشعب  حين يطلب منه ذلك . فالواضح أن تعدد الزعماء لا يسهل الاختيار في حين تمر الضغوط الخارجية على اللاعبين مرور الكرام، وبالتالي لا تتيح تجميع قوى الشارع حول زعيم واحد، الأمر الذي يهدد بإضاعة فرصة تاريخية لتسلم الحكم عبر انتخابات مبكرة .

قد يكون من الصعب الحديث عن حلول سهلة لما بعد آخر يونيو وإن كانت السيناريوهات المحتملة تتوزع  في اتجاهات ثلاثة:

الاتجاه الأول يقضي ببقاء مرسي في منصبه وبالتالي استمرار المجابهة وتحولها إلى ما يشبه لا سمح الله، الحرب الأهلية، والاتجاه الثاني ينطوي على عجز المعارضة عن تحمل مسؤولية البلاد عبر الاتفاق على مرشح معقول، والاتجاه الثالث يكمن في  تولي الجيش السلطة خلال مرحلة انتقالية طويلة نسبياً وبالتالي مساعدة المعارضة على ترتيب صفوفها، وفي كل الحالات قد لايكون الحل سهلاً .