رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رغيد الصلح يكتب: الإسلام الآسيوي والديمقراطية

رغيد الصلح
رغيد الصلح

فيما تمر المنطقة العربية في حالات متفاقمة من التخبط ومن عدم الاستقرار، فإن الصورة تبدو مختلفة في المجتمعات الإسلامية الآسيوية.

ما سر هذا الاختلاف؟ هل يعني ذلك أن الدول العربية غير مهيأة للديمقراطية، أما الآسيوية فهي أهل لها؟ هل يعني ذلك أن الدول العربية -واكثر الدول العربية هي من هذا النوع - لا توفر المناخ المناسب لقيام الأنظمة الديمقراطية التي تعيش هي والدول التي تحتضنها بفضل أموال الضرائب التي يدفعها المواطنون وليس شركات النفط الأجنبية؟ هل يعني ذلك أن الديمقراطية العربية تعتبر أنه لا تمثيل نيابياً من دون ضرائب بدلاً من لا ضرائب من دون تمثيل الشعب والأفراد في المجالس النيابية؟ أم أن الأمر بين مجتمعات آسيوية تتنافس على الحكم فيها أحزاب لا دينية، ومجتمعات عربية تغيرت حكوماتها، وأصبح حكامها من الإسلاميين كما هو الأمر في مصر؟

تقدم الباكستان التي جرت فيها خلال شهر مايو/أيار الفائت انتخابات عامة، واحداً من هذه الأمثلة . لقد اشترك في الانتخابات عدد متزايد من المقترعين حيث بلغت نسبة الاقتراع 55% أي الأعلى منذ انتخابات عام 1970 . وكما هو معلوم، نجحت في الانتخابات “الرابطة الإسلامية” الباكستانية التي يتزعمها نواز شريف . وكلّف شريف بتشكيل الحكومة الجديدة، وذلك للمرة الثالثة في تاريخه السياسي .

نواز شريف ليس نموذجاً للسياسي الديمقراطي . خلال حكوماته السابقة حاول أن يبسط سلطة مطلقة على الجميع، وأن يضعف الجماعات المعارضة وأن يقصيها . كذلك حاول أن يبسط نفوذه على المؤسسة العسكرية . لم يكن في ذلك من خطأ أو عيب . بالعكس، فإن سيطرة الحكومات على المؤسسات العسكرية هي هدف لكل حكم ديمقراطي خاصة في دول العالم الثالث، حيث دأب العسكريون الاستيلاء على السلطة، وعلى التدخل في الشأن السياسي مهملين في أغلب الأوقات مهام الدفاع عن الوطن . إلا أن شريف لم يكن يتدخل في الشؤون العسكرية من أجل ضمان خضوعها للسلطة التنفيذية  كما يقضي القانون، وكما تقول المبادئ الديمقراطية، ولكن كان يتدخل في شؤون الجيش الباكستاني لأنه كان يسعى إلى تعيين أنصاره والموالين له، وإقصاء من لم يدينوا له بالولاء في هذه المؤسسة . هذا النهج أضرّ بالعلاقة بين السلطة التنفيذية والجيش، وأفسح المجال أمام الجيش للتوغل في الحياة السياسية وفي الإطاحة بالحكومة المنتخبة التي كان يرأسها شريف نفسه .

يبدو أن شريف تعلم الدرس من المرات الماضية لذلك فإنه سعى إلى إدخال حلفاء أقوياء له

في الحكومة . اذا حافظ على هذا التحالف فأمامه فرصة لكي يعبر المطبات الكثيرة التي تنتظره، ومنها مسألة العلاقات مع الهند . ولكن مهمة شريف مهما بلغت من الدقة فإنها لن تكون صعبة مثل المهام التي تنتظر الأحزاب الإسلامية الحاكمة في المنطقة العربية التي ينبغي أن تتخذ موقفاً نهائياً من النظام الديمقراطي بعد أن انتقلت الى مقاعد الحكم .

إن حزب شريف ليس حزباً دينياً حتى ولو وصف بالحزب الإسلامي . إنه لا يطالب بتطبيق الشريعة في الحكم . هذا أيضاً شأن المنظمة القومية للملاويين المتحدين التي انتصرت في الانتخابات الأخيرة في ماليزيا . إن هذه المنظمة التي تحكم ماليزيا منذ عام 1957 من دون انقطاع تقريباً تمثل الأكثرية الملاوية المسلمة في البلاد . ولكن المنظمة ليست حزباً دينياً ولا تطالب بتطبيق التشريع الديني . صحيح أنها في الآونة الأخيرة بدأت ترفع بعض الشعارات الدينية كي تسرق الصورة من منافسيها، ولكنها لم تتحول إلى حزب ديني . إن التحديات التي تواجه هذا الحزب كبيرة، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار التنوع الإثني والديني الكبير في البلاد، ولكن الحزب الذي حكم ماليزيا لأكثر من نصف قرن بات معتاداً على احتواء التحدي الإثني، أما التحدي الديني فإنه كفيل بأن يسبب له مصاعب كبيرة .

هذه المصاعب تواجه الأحزاب الإسلامية في المنطقة العربية خاصة التي دخلت الحكم منها . حتى الآن لم تدل الاحزاب الإسلامية العربية على أنها قادرة على معالجة هذه المشكلات والمصاعب . لعلها تجد اليوم أن الديمقراطية هي الحل، وليس التعاليم الدينية فقط .
نقلا عن صحيفة الخليج