رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محمد السعيد ادريس يكتب :انتخابات الرئاسة في إيران ديمقراطية زائفة

بوابة الوفد الإلكترونية

استبعاد هاشمي رفسنجاني، الرئيس الإيراني الأسبق (1989-1997) رئيس مجلس الشورى (البرلمان) الأسبق (1981-1989)

ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام منذ تأسيسه وحتى الآن، من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة يوم 14 يونيو/حزيران المقبل ضمن عدد هائل من المرشحين الآخرين الذين جرى استبعادهم تحت دعوى “عدم الصلاحية” من جانب مجلس صيانة (حماية) الدستور وعلى رأسهم اسفنديار رحيم مشائي مرشح الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وأبرز مستشاريه، يمكن اعتباره إعلاناً مبدئياً لعدم شرعية هذه الانتخابات وانكشافاً مخزياً للتجربة الديمقراطية في إيران .

من هنا بالتحديد يجدر بنا أن نتساءل: هل هذا كان بالتحديد ما يقصده كل من رفسنجاني ونجاد من إقدام الأول على تقديم أوراق ترشحه ومخاطرة الثاني باصطحاب مشائي إلى وزارة الداخلية ليقدم أوراق ترشحه هو الآخر؟

بمعنى آخر هل قرر كل من رفسنجاني ونجاد الدخول في صدام علني ومباشر مع المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، الولي الفقيه السيد علي خامنئي؟ وإذا كان ذلك صحيحاً، فهل المواجهة ستكون منفردة من جانب كل منهما من دون تنسيق، أم أنهما يمكن أن يقبلا الدخول في تنسيق مشترك في هذه المواجهة مع المرشد الأعلى أي مع النظام الحاكم؟

الدافع للسؤال الأول مصدره أن الجميع في إيران، وربما الكثير من خارجها على علم مسبق بأن رفسنجاني لم يعد الرجل الموثوق به لدى المرشد الأعلى، وأن ولاءه للمرشد وللنظام بات مشكوكاً فيه منذ تصديه لما عرف بجريمة تزوير الانتخابات الرئاسية عام 2009 لمصلحة الرئيس نجاد، وانحياز رفسنجاني ل “الثورة الخضراء” التي قادها رئيس حكومة إيران السابق مير حسين موسوي والشيخ مهدي كروبي ومعظم قادة التيار الإصلاحي رفضاً لإعلان فوز نجاد على حساب موسوي الذي كان يعتقد أنه الفائز، واعتراضاً على دعم المرشد الأعلى لهذه النتيجة .

رفسنجاني وقتها ذهب إلى مدينة “قم” والتقى كبار علماء الحوزة العلمية، ويقال إنه كان يشكك في أهلية خامنئي بمنصب الولي الفقيه لخروجه الفاضح عن الموقف المحايد الذي كان عليه أن يلتزم به نحو المنافسات الانتخابية، وأنه - أي رفسنجاني - طرح فكرة جديدة للمرة الأولى وجريئة هي فكرة “الولاية الجماعية” التي تقول إنه إذا لم يكن هناك بد من الحفاظ على منصب الولي الفقيه، ونظراً لجسامة المهام الملقاة على هذا المنصب فيجب التخلي عن فكرة “الولاية الفردية” لمصلحة “ولاية جماعية” بمشاركة عدد يتفق عليه من كبار المراجع المقتدرين بأمور الدين والدنيا .

الأكيد أن رفسنجاني الحذر والواعي بمكر السياسة ودهائها كان على ثقة بأن خامنئي لم ولن يغفر له هذه “الخطيئة”، وأنه بات مشكوكاً فيه كركن أصيل من أركان النظام، والأكيد أيضاً أن رفسنجاني كان على دراية أكثر من غيره بأن خامنئي لم يعد يقبل أو يتحمل رئيساً ينازعه السلطة، وأنه، وبعد أن بدأ نجاد يتمرد على الطاعة المطلقة للمرشد في ولايته الرئاسية الثانية، فكر جدياً في إلغاء منصب رئيس الجمهورية، والعودة مجدداً إلى الأخذ بمنصب رئيس الحكومة الذي ألغي في التعديلات التي أدخلت على الدستور، فكيف لرفسنجاني الذي يعرف هذا كله بل وأكثر أن يخاطر ويغامر بتقديم أوراق ترشحه للانتخابات .

الإجابات السريعة كانت تقول إنه ربما يكون قد حظي بضوء أخضر من المرشد الأعلى، خصوصاً أنه كانت لديه خطة تقضي بتذليل العقبات أمام ترشح الرئيس السابق محمد خاتمي في الانتخابات الرئاسية الحالية بمباركة خامنئي، وهو ما جعله يقنع خاتمي قبل أكثر من عام بخرق مقاطعة الإصلاحيين للانتخابات التشريعية الأخيرة . ولكن تقديرات أخرى لخاتمي هي التي حالت دون ذلك وأقنعته بعدم الإقدام على هذه الخطوة، كان في مقدمتها إدراكه أن دعمه لكل من مير حسين موسوي ومهدي كروبي في انتخابات عام 2009 زاد من فجوة الثقة بينه وبين القيادة، وأن عتاة المحافظين الذين تجرأوا على اتهامه ب “الخيانة” قد أفسدوا كثيراً بينه وبين المرشد الأعلى، وهذا مؤشر كاف لإقتناعه بعدم المخاطرة بخوض الانتخابات من دون رضا خامنئي، خصوصاً أن التيار الإصلاحي مازال ضعيفاً وعاجزاً عن إنجاح مرشح رئاسي من دون اعتبار لموقف المرشد الأعلى .

المؤكد أن رفسنجاني الذي لم يأخذ رأي خاتمي في اعتباره، كان لديه أحد دافعين للتقدم بأوراق ترشحه، الأول أنه حصل بالفعل على ضوء أخضر من المرشد الأعلى، والثاني أنه قد قبل المخاطرة غير المحسوبة التي لا تتفق أبداً مع خبرته الطويلة بالسياسة ودروبها الوعرة .

المؤكد أيضاً أن رفسنجاني لم يحصل على ضوء أخضر، وأنه قرر المخاطرة بدليل صدامه مع المرشد الأعلى قبيل أيام قليلة من تقديم أوراق ترشحه في الانتخابات، عندما تجرأ ودعا إلى ضرورة إجراء انتخابات حرة وتنافسية وشرعية تحفظ التوازن في البلاد، وجاء رد المرشد الأعلى مستهجناً وعصبياً على هذه الدعوة بأن إيران خاضت منذ الثورة 34 جولة انتخابية ناجحة وهذا أكبر دليل على جدية الاقتراعات .

وكما استبعد رفسنجاني استبعد مشائي، واللوم هنا يقع على عاتق الرئيس نجاد، فهو يعلم أن المرشد الأعلى وبضغوط من عتاة المحافظين لم يقبل أبداً بمشائي أن يكون جزءاً من السلطة نظراً لانحرافاته العقائدية، فهو يتحدث عن إسلام إيراني ويعلي من شأن القومية الإيرانية على حساب الإسلام، ويحقر من شأن رجال الدين ويطالب بإبعادهم عن الحكم، ويعلن أنه مع عودة العلاقات مع الولايات المتحدة، ويتحدث عن “الشعب اليهودي الصديق”، لكن الأخطر أنه يتزعم مع نجاد “تيار المهدوية” الذي يروج لاقتراب موعد ظهور إمام الزمان الغائب الإمام المهدي، وهم هنا يقصدون النيل من ولاية الفقيه وشخص الولي الفقيه بالإيحاء بأن اقتراب عودة الإمام يعني حتماً انتهاء مبررات وجود نائب للإمام، أي التشكيك في جدوى بقاء منصب الولي الفقيه، ولذلك اتهم هذا التيار من جانب المحافظين بأنه “تيار انحراف” كما اتهم التيار الإصلاحي بأنه “تيار الفتنة” لتفجيره الاضطرابات السياسية عام 2009 .

هذه هي القضية، فالقرار الآن هو أن يكون الرئيس الجديد من الدائرة القريبة جداً من المرشد الأعلى، ولذلك بادر 100 عضو في مجلس الشورى (البرلمان) على نحو ما جاء على لسان أحمد جنتي أمين مجلس صيانة الدستور الذي أعلن أن على الرئيس الجديد أن يكون مطيعاً للمرشد الأعلى ولا يخشى أمريكا .

المعنى هنا واضح وهو أن المرحلة المقبلة هي مرحلة التشدد داخلياً وخارجياً، لكن ما هو أهم أن نظام الجمهورية الإسلامية أضحى في أسوأ حالاته، إذ لم يعد قادراً على تحمل وجود معارضة قوية، أو وجود تعدد في الرؤى والاجتهادات، وأن ما سوف يسود هو رأي المرشد مسنوداً بالحرس الثوري، وأن المرشح الأقرب إلى المرشد وإلى الحرس الثوري هو من سيفوز في انتخابات الرئاسة .

هل سيقبل رفسنجاني وأحمدي نجاد بذلك؟ وهل هناك أمل بتوحد التيار الإصلاحي مع تيار نجاد لإنجاح مرشح إصلاحي من بين الثمانية الذين قبلت ترشيحاتهم؟
نقلا علا صحيفة الشرق القطرية