عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فهمى هويدى يكتب : رسالة على العنوان الغلط

فهمى هويدى
فهمى هويدى

ليس مفهوماً لماذا يغلق معبر رفح لمدة ستة أيام؟ (حتى الآن)، رغم الإعلان الرسمي على لسان المتحدث العسكري المصري بأن قطاع غزة ليس طرفاً في أزمة اختطاف الجنود السبعة، وإن المشكلة سيناوية بالكامل.

ما فهمته هو أن جنود الأمن المركزي غضبوا لاختطاف زملائهم وتظاهروا احتجاجاً على ما حدث لهم، وقد يكونون محقين فى ذلك، لكنني لم أجد تفسيراً لاعتصامهم أمام بوابة معبر رفح بعد إغلاقه بالسلاسل الحديدية. وأغلب الظن أنهم سارعوا إلى ذلك بعد انتشار خبر اختطاف زملائهم، فتحركوا تلقائياً صوب المعبر وأغلقوه، تأثراً بالتعبئة التقليدية التى دأبت على تحميل حماس وفلسطينيي غزة المسؤولية عن أي حادث يقع في سيناء، وأحياناً في مصر كلها. ولكن بعدما قطع الشك باليقين فإن استمرار الاعتصام وإغلاق المعبر يفقد معناه ومغزاه، حيث لن يقدم أو يؤخر في موضوع الجنود المختطفين. فلا هو يمكن أن يشكل ضغطاً على الحكومة أو الخاطفين، وإنما سيتحول إلى تصرف انفعالي عبثي، لن يتجاوز أثره حدود الفرقعة الإعلامية التي يتردد صداها فى الفضاء دون ان تحقق شيئاً يذكر على الأرض، كأنما الهدف النهائي المتمثل في إطلاق سراح المخطوفين لم يعد مهماً، أو على الأقل فإن الوسيلة المتبعة انفصلت عن الهدف المنشود.. الشيء الوحيد المحقق، أن إغلاق المعبر من شأنه أن ينزل عقوبة جسيمة بالفلسطينيين الذين كتب عليهم أن يعيشوا فى ظل الشقاء والعذاب الذي يتلقونه من الأعداء تار،ة ومن الأشقاء تارة أخرى. كل ذلك لأنهم تمسكوا بأرضهم ولم يهاجروا إلى أصقاع الأرض، كما فعل غيرهم.
ليست معروفة أعداد الفلسطينيين من أصحاب الحاجات والمرضى الذين حال إغلاق المعبر دون خروجهم من القطاع، خصوصاً الذين ارتبطوا بالتزامات تتعلق بالعمل أو الدراسة أو مواعيد الأطباء. لكن المعلوم أن أكثر من ثلاثة آلاف فلسطيني ينتظرون الفرج على الجانب المصري، ويفتحون أعينهم كل صباح أمام المعبر آملين في أن يرفع عنهم العذاب، وتخف وطأة اللعنة التي تلاحقهم، ويسمح لهم بالعبور والعودة إلى أهلهم ومصالحهم.. لو أن إبقاءهم وتكديسهم أمام المعبر طوال الأيام الستة الماضية أسهم بأي قدر في حل مشكلة المخطوفين لهان الأمر، ولطالبناهم بالصبر حتى تنجلي الغمة، ولكن الوضع الراهن لا يوفر أملاً من ذلك القبيل.
ليس ذلك وحده الغريب فى الأمر، لأنه لابد أن يلفت نظرنا أن الجنود المعتصمين تركوا وشأنهم، ولم يحاول أحد فى الدولة المصرية أن يَثنيهم عن عزمهم ويقنعهم بأن إغلاق

المعبر لا يحل شيئاً فى مشكلة المخطوفين، وأنه يعاقب ألوف الأبرياء على ذنب لم يقترفوه ولا علاقة لهم به. وإذا تذكرنا أن هؤلاء جنود ينتمون إلى هيئة نظامية، ولهم قيادات يأتمرون بأمرها. فإن ذلك يضاعف من غرابة المشهد. لأنه يثير أسئلة عديدة حول أسباب سكوتهم ـ بدورهم ـ على إغلاق المعبر دونما حاجة إلى ذلك.
قال لي أحد المعنيين بالموضوع: إنه خاطب مسؤولاً أمنياً كبيراً حول المسألة، فكان رده أن جنود الأمن المركزي أغلقوا باب المعبر بالجنازير، وكان ذلك رداً مضحكاً لا تفسير له سوى أن بين المسؤولين الأمنيين من لايزال يفكر بعقلية وسياسة النظام السابق، الذي لم يحمل وداً للفلسطينيين، وظل يعتبر قطاع غزة خطراً يهدد الأمن المصري!!. السؤال الذي يطرحه ذلك المشهد العبثي، هو: أين السياسة في الموضوع؟ أقول ذلك رغم أن الموضوع من البساطة بحيث لا يحتاج إلى ذكاء سياسي أو غير سياسي، لأنه ليس هناك منطق أو عقل سويٍ يقبل بمعاقبة شعب بكامله على جريمة لا علاقة له بها، وكل الوزر الذي ارتكبه ويحاسب عليه، أن الأقدار شاءت له أن يعيش إلى جانب مصر، وعلى حدود مشتركة معها، حتى أصبحت الجغرافيا عبئاً عليهم ولعنة تلاحقهم.. إننا لا نستطيع أن نلوم جنود الأمن المركزي الذين نتفهم أسباب انفعالهم، لكننا لا نستطيع أن نجد تبريراً لسكوت المسؤولين عن الملف الفلسطيني على تعذيب آلاف الفلسطينيين الأبرياء، وإذلالهم أمام أبواب المعبر طوال الأيام الستة الماضية على الأقل. وكانت النتيجة أن الجنود أرادوا أن يحتجوا على جريمة بارتكاب جريمة أخرى.
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية