رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فايز الفايز يكتب :التوتر في علاقات الدول العربية

بوابة الوفد الإلكترونية

من المحزن جدا أن نرى حجم الخلافات المخبوءة تحت رماد العلاقات السياسية الساخنة بين الدول العربية، حتى إذا ما نفخ أي فم مغرض لا يعيّ مرامي كلامه، أو لعله يدرك تماما ماذا يريد، ترى اللهب وقد اخترق هدوء السطح، فتبرز الخلافات إلى الهواء مباشرة وعبر وسائل الإعلام التي تلعب بعضها دورا غير بريء في تأجيج الصراعات والخلافات بين الدول الشقيقة عن طريق الغمز واللمز من قناة الخصوم، وهذا كله في المحصلة لا يؤثر على المزاج العام فحسب، بل يضرّ بالمصلحة العليا للشعوب العربية المتلهفة للخلاص من الويلات والحروب ومن سفك الدماء والشقاق والفقر وتخلف التنمية.

عندما نلتفت حولنا في هذا العالم الذي أصبح أصغر من قرية، بل أصغر من حيّ، نرى كم هو حجم العلاقات السياسية والاقتصادية والتعاون المتكامل بين الدول، وهناك من لا يرتبط أصلا بأي رابط مما ترتبط به دول العرب، فلا دين ولا لسان ولا ثقافة ولا قيم موحدة، ومع هذا تسعى حكومات تلك الدول إلى تمتين العلاقات البينية بينها على أساس المصالح المشتركة، ولا تخشى من ردات الفعل غير المتوقعة والتي قد تؤثر على مصالح الدول التي تخدم شعوبها في الأصل، لأن العلاقات هناك مبنية على أسس راكزة لا تتداخل مع الغايات الشخصية، وهي علاقات مؤسسية لها استراتيجيات طويلة الأمد ومستقرة.
في عالمنا العربي هناك عدد من تجارب الوحدة بين الأقطار ولكن للأسف لم يكتب لغالبيتها البقاء أو التكامل بتلك الصورة الناصعة التي قامت النية عليها، فتوحيد الضفة الغربية مع الأردن عقب قيام الكيان الإسرائيلي على الساحل الفلسطيني إنهار مع احتلال القوة الإسرائيلية لما تبقى من فلسطين أي الضفة الغربية لنهر الأردن عام 1967 ولا تزال العلاقة بين الطرفين مشوهة، ثم دخول الأردن إلى حلف بغداد الذي كان سيضم تركيا أيضا، ولكنه إنهار مع ثورة 1958 ضد الحكم الملكي في العراق، تبعه الوحدة بين مصر وسوريا، ولم تدم أيضا تلك الوحدة لأسبابها المعروفة، ثم قيام مجلس التعاون الخليجي عام 1981، وفي فبراير 1989 قام مجلس التعاون العربي الذي ضم العراق والأردن ومصر واليمن الشمالي ولم يدم هذا الحلف حيث نتيجة لاحتلال الجيش العراقي للكويت، وبعد يوم واحد من إعلان قيام ذلك المجلس، أعلن عن قيام اتحاد المغرب العربي الذي ضم المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، الذي لا يزال قائما شكلا، ولكنه فارغ مضمونا مثل غيره من التحالفات على مستوى القادة، حيث تتغير الإسترتيجيات بتغير الأشخاص
في المقابل نرى أن التحالفات والمعاهدات المشتركة بين بعض دول العالم تصل إلى ما يشبه الوحدة دون تقنين ذلك خصوصا الدفاع المشترك أو السوق المشتركة وغيرها، أما فيما حدث لأوروبا التي امتزجت دولها بوحدة اليورو فقد أسست للاتحاد الأوروبي ضمن إستراتيجيات وأفكار بعيدة المدى بدأت منذ عام 1957، وتوج الاتحاد عقب توقيع معاهدة " ماسترخت " 1992، واعتمد اليورو عملة موحدة وأيضا

علم الاتحاد في المؤسسات المحلية، وألغيت المنافذ الحدودية بين كافة البلدان السبعة والعشرين الأعضاء وتوحدت تأشيرة الدخول لدول الاتحاد، ولنا أن نرى كيف تحملت الدول الكبرى فيها مسؤولية دعم الدول التي واجهت خطر الإفلاس وانهيار اقتصادها كاليونان وقبرص حيث تم ضخ عشرات المليارات لمساعدتها.
عندنا الوضع غريب عجيب، لا ندري ما سيحدث غدا، ولا يمكن تخيل تبعاته ولا تأويلات أحداثه، فالدول التي كانت تعتبر " زوايا العالم العربي " سقطت أنظمتها وقاربت إلى الفوضى، ومن بقي منها على حاله انكشف عجزها عن الإمساك بزمام القيادة السياسية للعالم العربي وانكفأت داخليا، ومن يبادر من الدول إلى المبادرة والمناورة السياسية يتهم فورا بمحاولة السيطرة على الساحة السياسية العربية، في ظل عجز تام عن الرؤية أو الاستكشاف أو تقديم الحلول أو حتى الأفكار لإعادة تصويب الأوضاع في المحيط العربي، بل إن هناك دولا لاذت قياداتها وحكوماتها بالصمت المطبق، تجاه ما يجري في الدول الأخرى، كما يحدث في سوريا اليوم من إجرام بحق الشعب العربي السوري وقبله الشعب الليبي، دون أن ننسى ما يجري للفلسطينيين على أرضهم، ولا يبادر أحد منهم إلى التحرك لرأب الصدع بين الفصائل أو بين القطبين الفلسطينيين في رام الله وغزة.
باعتقادي أن السبب في بقاء عالمنا العربي في ذيل الأمم المتقدمة، هو خشية القيادات من المشاركة الشعبية أولا في صنع سياسات دولها، وخشية الدول الغنية من مشاركة ثرواتها لأهداف التنمية، وتطاول الجدار النفسي العازل بين الأنفس والعقول، لذلك على من لا يستطيع أن يترك المجال لمن يستطيع ويقدر، فالشعوب متعطشة للخلاص من هذه التركة البغيضة التي فرقتنا طويلا بناء على توتر العلاقات بين أشخاص في مراكز الحكم، دون وجود استراتيجيات لا تتغير مع تغير الأشخاص، ولا تتأثر مصالح الشعوب بتأثر الحالة العاطفية لدى الزعماء أو الأجهزة الأمنية، أو بعض الشخصيات السياسية التي تتبنى قراراتها تبعا لمصالحها الخاصة.

نقلا عن صحيفة الشرق القطرية