رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أسامة غريب يكتب: انتهاك فكرة الدولة

أسامة غريب
أسامة غريب

أثار اعلان روسيا اعتزامها تزويد قوات بشار الأسد بصواريخ اس300 لغطاً كبيراً لدى الغرب، كما أثار حالة من الفزع لدى الجانب الاسرائيلي، وذلك بسبب ما يقال عن قدرتها على اصابة الطائرات المعادية التي تحلق على ارتفاعات كبيرة، كما يمكنها اعتراض الصواريخ الباليستية، الأمر الذي يجعلها أكثر فعالية من منظومة صواريخ الباتريوت الأمريكية.

وهنا يتبدي النفاق الغربي في أجلى صوره، حيث ان هذه الصواريخ تمثل سلاحاً دفاعياً لا يستطيع الحاق الضرر بالعدو اذا كف أذاه عنا، وانما يستطيع فقط اعتراض أسلحة الدمار الموجهة نحونا ومحاولة منعها من اصابة أهدافها.
ولكن بعيداً عن كل هذا يمكننا ان نقول بكل أسف ان هذه الصواريخ الدفاعية وكذلك صواريخ كروز المضادة للسفن والتي تسلمتها سورية أخيرا، كل هذا لن يفلح في زعزعة ميزان القوى المائل بشدة لصالح اسرائيل، ليس فقط لأن الاسرائيليين يحوزون أسلحة أكثر تطوراً وأشد فتكاً، ولكن بسبب غياب الارادة لدى الحكام العرب عموماً ولدى حكام سورية على وجه الخصوص فيما يتعلق بالمواجهة الرجولية للعدو الاسرائيلي.. ذلك ان سورية الأسد (الأب والابن) جبنت دائماً عن رد أي صفعة من الصفعات الاسرائيلية التي لا تنتهي، وهي تفضل دائماً ان يكون الرد من خلال حزب الله خوفاً على عرش آل الأسد الذي يمكن ان يتعرض للخطر اذا ما قاموا بالرد على أي من الاعتداءات الاسرائيلية!.
وقد يقودنا هذا لموضوع آخر يتعلق بفكرة الدولة ذاتها.. الدولة التي يفترض أنها نشأت بالأساس لحماية الفرد ولم تنشأ من أجل تكريم فلان أو علان واجلاسه على العرش وتوريث الحكم لأبنائه من بعده في ظل النظام الجمهوري كما حدث في سورية وكاد ان يحدث في مصر!.. فكرة الدولة هذه تتعرض للانتهاك على يد حكامنا الأشاوس الذين يشكلون السياج الآمن الذي يحمي اسرائيل ويحفظ عليها كل ما سرقته من أراض وثروات عربية.
ولا أجد مفراً بعد الوصول لهذه النقطة من الحديث عن مؤسسات الدولة عندما تهرم وتشيخ وتعمل في مواجهة أماني الأمة وتطلعاتها، وأمامنا الأمثلة شاخصة تتحدث عن الظلم البين الذي حاق بشهداء الثورة المصرية عندما فشل جهاز الأمن الموالي للمخلوع، أو قل تواطأ ولم يقدم أي دلائل أو تحريات تفيد العدالة، فكانت النتيجة أنه لم يتم ادانة أي مجرم ممن قتلوا وشوهوا وألحقوا الاعاقة بزهرة شباب مصر. أحياناً أتساءل

لو ان لجاناً شعبية من أهل مصر هي التي تولت التحري وجمع المعلومات بعيداً عن البوليس الرسمي، أما كنا قد اقتصصنا من القتلة وخلصنا المجتمع من شرورهم بدلاً من تركهم يرعون الفوضي والانفلات الأمني في البلاد؟.
وعلى الرغم من ان القضاة معذورون في أحكام البراءة التي يصدرونها بحق المتهمين بالقتل، وكذلك أحكام البراءة لصالح أفراد عصابة مبارك المتهمين بنهب المال العام، ذلك ان القضايا تصل اليهم من النيابة ومن الشرطة مهلهلة.. أقول على الرغم من ذلك فانني كثيراً ما أسرح وأقول لنفسي في الخيال: ماذا لو أننا تخلينا عن فكرة الدولة ورجعنا الى القضاء العرفي من خلال الكبراء في القبيلة؟.. أما كنا قد نجحنا في ادخال اللصوص السجن واسترداد أموالنا المنهوبة واعدام من قتلوا وفقؤوا عيون أولادنا؟.. لماذا تكون الدولة وبالاً علينا فبدلاً من ان تحمينا من العدو الخارجي تنبطح أمامه وتعمل في خدمته، وبدلاً من ان تحمينا من الأعداء الداخليين من بني جلدتنا تساهم المؤسسات الهرمة في حمايتهم وتبرئتهم.
ومع ذلك لا أظن ان العيب في فكرة الدولة ذاتها.. العيب في من انتهكوا فكرة الدولة وفيمن يتركون القراصنة يتمكنون من مفاصلها فيمنعون الشعب السوري من الرد على العدوان الاسرائيلي والقتال لاسترداد الأرض، كما يمنعون الشعب المصري من الثأر للشهداء واستعادة الأموال المنهوبة، فلا تجد الحكومة مفراً من التفاوض مع اللصوص من أجل استرداد جانب من المسروقات، لأنها تعلم ان الفوز بالغنيمة كاملة سيكون من نصيب اللصوص اذا ما احتكمنا الى القضاء!
نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية