عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جهاد الخازن يكتب :العودة الى التراث

جهاد الخازن
جهاد الخازن

بدأ الأمر بسيطاً ثم دخلت مدخلاً لم أعرف كيف أخرج منه، فرأيت أن أُدخل القارئ معي، فلعله مثلي تُسعده السياحة بين الكتب.

كنت قرأت «العقد الفريد» لابن عبد ربه الأندلسي أيام الجامعة، وأعدت قراءته بعدها، ووجدت فيه ما اعتقدت أنه حديث نبوي، وهو «تفاءلوا بالكنى فإنها شبهة»، وعندما حاولت أن أعود إلى الكتاب، وهو عندي في سبعة مجلدات وصادر عن لجنة التأليف والنشر والترجمة في القاهرة سنة 1956، اكتشفت أن المجلد الأول مفقود، ما اضطرني إلى الاستعانة بالمواقع الإسلامية على الإنترنت، ففوجئت بأن كثيراً منها لا يجزم بصحة حديث آخر أكثر شهرةً بكثير، وهو «تفاءلوا بالخير تجدوه».
أذكر من قراءاتي القديمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أبردتم إليَّ بريداً فأبردوا بريداً حَسَنَ الوجه والاسم». وحسن الوجه هنا لا يعني الجمال، وإنما سماحة الوجه والخلو من العيوب، وهذا ما كان رسول الله يفعل إذا أبرد إلى أمرائه. وكذلك يُنسب الى النبي القولُ: «يعجبني الفأْلُ»، اي الكلمة الطيبة، وكان يكره الطِّيَرَة. وقرأت الحديث: «ليس منا من تَطَيَّرَ»، وهناك قوله: «ثلاثةٌ لا يكاد يسلم منهن أحد: الطِّيَرَةُ والظن والحسد»، قيل: فما المخرج منهن يا رسول الله؟ قال: «اذا تطيرْتَ فلا تَرجِعْ، واذا ظننتَ فلا تحقِّق، وإذا حسدتَ فلا تبغِ».
البحث الإلكتروني لم يفدني، وتذكرت شيئاً آخر من كتاب «العقد الفريد»، هو أن الخليفة عمر بن الخطاب عُرِض عليه رجلٌ من سادة العرب -هو أبو صفرة- ليولِّيَه إمارةً، وحين وجد أن اسمه ظالم بن سارق (او سرّاق او سراقة) قال: تظلم أنت ويسرق أبوك؟ واللهِ ما ولَّيتُكَ أبداً.
وجدت مادة كثيرة عن الفاروق عمر والمهلب بن أبي صفرة، وأيضاً عن يزيد بن المهلب، فقد كان المهلب أصغرَ أبناء أبيه، فأعجب الخليفة به وقال للأب إنه سيكون أَنْبَهَ أبنائه، كما نصح الأبَ بأن يختضب، فعاد إليه وهو أصفر الشعر واللحية، فقال عمر: أنت أبو صفرة، فغلب عليه اللقب.
ولم تكن قصة أبي صفرة شيئاً نادراً في ما قرأت عن الفاروق عمر، فقد أقبل عليه رجل فسأله عن اسمه فقال: شهاب بن حرقة، قال: ممّن؟ قال: من أهل حرّة النار، قال: وأين مسكنك؟ قال: بذات لظى، قال عمر: اذهب، فإن أهلك قد احترقوا.
عاندت الإنترنت ومضيت في البحث، ووجدت مقالاً لي منقولاً عن الجريدة الإلكترونية «إيلاف» عنوانه: «تفاءلوا بالكنى فإنها شبهة» (نشر بتاريخ

17/7/2009)، والموضوع عن بوش الابن ومكتبته التذكارية التي سيكلف بناؤها 220 مليون دولار، مع أن الرجل الذي تحمل المكتبة اسمه جاهلٌ لا يكاد يتقن الكلام بلغته الإنكليزية.
مضيت في البحث، فوجدت مقالاً نشرته «الأخبار» اللبنانية كتبه الزميل والصديق جوزف سماحة، رحمه الله، ويحمل تاريخ 31/12/2006، وكان ضمن بحثي، لأنه حمل العنوان «تفاؤل الأضداد»، وموضوعه اتهام حزب الله بالاغتيالات في لبنان من دون دليل ( سبب وجود المقالين كلمة «تفاؤل» في عنوانيهما).
أتوقف هنا لأقدِّم للقراء زميلتين عزيزتين تكتبان في «الحياة»، هما أمينة خيري وبدرية البشر، ولست أقدِّم أمينة في الذكر على بدرية بسبب العمر، فأنا لا اعرف عمر أي منهما، وإنما لأن معرفتي بها أقدم، وأسأل: هل هناك أجمل من كلمات «أمينة» و «خير» و «بدرية» و «بشر»؟ الكنى جميلة، وتعكس ما عند الكاتبتين من بهاء ورواء وأدب. وخشيةَ أن يعتقد القارئ أنني أنتصر لقبيلة «الحياة»، فإنني أزيد في الذكر الشاعرةَ سعدية المفرح، فهي جمعت في اسمها السعدَ والفرحَ، وكم أفرحتنا بشعرها. وهكذا... فقد جمعتُ للقراء ثلاث مبدعات، مصرية وسعودية وكويتية.
الأسماء الجميلة أجمل، والعرب أطلقت على أولادها أسماء قبيحة (من نوع معاوية وكلب وظالم -السابق الذكر-) واختارت لعبيدها أسماء جميلة، وحين سئل أعرابي عن سر ذلك الأمر قال: لأنها سمَّتْ أولادها لأعدائها وسمّت عبيدها لأنفسها.
إذا كان لي أن أنزل من علياء الحديث النبوي والتراث إلى أرض الواقع اليومي، فإنني أقول إن بعض الناس يطلق أسماء قبيحة على الأولاد لرد العين، فلا أقول للأولاد سوى: الله يعينكم على هذه الأسماء.
نقلا عن صحيفة الحياة