رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

احمد فودة يكتب :الثورة التي بيعت

احمد فودة
احمد فودة

كما أنه كان من الطبيعي أن تتحد كافة القوى الثورية المتضررة من نظام مبارك من أجل إسقاطه خلال ثورة يناير، كان من الطبيعي أيضا أن تختلف هذه القوى بعد إسقاط رأس النظام ونجاح الثورة بشكل جزئي. فعلم الاجتماع يخبرنا أن المرحلة الأولى من كل ثورة تسمى بمرحلة "الحلم الثوري"،

حيث تتحالف القوى الاجتماعية والسياسية من أجل الثورة على النظام الفاسد وإسقاطه. لكن هذه المرحلة تنتهي بسقوط النظام أو جزء منه لتبدأ بعد ذلك مرحلة الصراع السياسي بين القوى الثورية حول كيفية بناء النظام الجديد، حيث تظهر الفوارق والاختلافات في الرؤى والأيديولوجيات.
وقد مرت الثورة المصرية بالمرحلتين، فقد رأينا حالة التوحد الثوري خلال الثمانية عشر يوما التي انتهت بسقوط حسني مبارك. ثم بدأت المرحلة الثانية بالاختلاف حول خريطة طريق المرحلة الانتقالية، ما بين التيار الإسلامي الذي طالب ببناء مؤسسات الثورة أولا عن طريق إجراء انتخابات برلمانية ثم رئاسية قبل وضع الدستور حتى لا يتم وضعه في ظل سلطة تعتبر امتدادا للنظام السابق، وما بين التيار العلماني الذي طالب بوضع الدستور أولا خوفا من هيمنة الإسلاميين على المؤسسات المنتخبة وبالتالي وضع دستور يعبر عن الهوية الإسلامية.
لكن هذه المرحلة أيضا لم تستمر طويلا، حيث تحول هذا الصراع السياسي إلى عداء سياسي يستخدم أطرافه، خاصة من التيار العلماني، كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة من أجل منع الإسلاميين من السيطرة على مفاصل الدولة، مهما كانت التضحيات، والتي وصلت إلى محاولة التضحية بالثورة ذاتها من أجل تحقيق هذا الهدف.
وذلك من خلال التحالف مع فلول النظام السابق ومنع الإسلاميين من تحقيق أية إنجازات تصب في مصلحة تحقيق أهداف الثورة. ثم تطور الأمر إلى محاولة إعادة النظام القديم مرة أخرى نكاية في الإسلاميين، من خلال المشاركة مع مؤسسات الدولة التي يسيطر عليها الفلول في وضع الخطة التي تقضي على حكم التيار الإسلامي وتعيد مبارك ورموز حكمه إلى سدة السلطة مرة أخرى.
وكانت أبرز هذه المؤسسات المشتركة في هذا المخطط هي مؤسستا الإعلام والقضاء. فقد حاول الإعلام طوال الشهور الماضية شيطنة التيار الإسلامي، خاصة جماعة الإخوان المسلمين، والتعمية على أية إنجازات يحققها حكم الإسلاميين؛ في مقابل إظهار السلبيات وتضخيمها حتى يكره المواطن العادي هذا النظام الجديد ويتحسر على النظام الساقط.
وسعت مؤسسة القضاء لاستكمال هذا المخطط من خلال إصدار أحكام لصالح مبارك ورموز

نظامه في كافة القضايا المتهمين فيها، خاصة قضايا قتل المتظاهرين وقضايا الفساد السياسي والمالي. وهو ما كان يعني إرسال رسالة إلى المواطن العادي بأن هذا النظام كان مظلوما ولم يرتكب تلك الجرائم التي تم اتهامه بها.
وشارك في هذا المخطط بعض من فصائل التيار الإسلامي الذين تربطهم علاقات عداء مع جماعة الإخوان المسلمين؛ وتحديدا الدعوة السلفية بالإسكندرية والحزب المنبثق عنها "حزب النور"، الذي تحالف مع فلول النظام و"جبهة الإنقاذ الوطني" التي بذلت كل جهدها من أجل إسقاط حكم الإسلاميين، عبر نشر العنف والفوضى في الشارع.
فقد ملأ "حزب النور" الدنيا صراخا بدعوى محاولة الجماعة أخونة مؤسسات الدولة عبر تعيين أعضائها في أكثر من 13 ألف وظيفة قيادية. كما رفض الحزب أية محاولة لتطهير مؤسسات الإعلام والقضاء بدعوى أن الهدف الأساس من ذلك أخونته وليس وقف مخططاته ضد الثورة. كما رفض الحزب المشاركة في أية فعاليات تؤدي إلى تحقيق هدف التطهير، بل وقام بطرح مبادرة تقضي بإعادة النائب العام السابق الذي أقاله رئيس الجمهورية، رغم التأكد من تورطه في قضايا فساد سياسي ومالي، فضلا عن تعمده إفشال محاكمة مبارك ورموز حكمه. لم يكن يتصور أحد ساعة أن تنحي الرئيس المخلوع عن الحكم، أن يأتي اليوم الذي تتحول فيه بعض القوى الثورية إلى مساندة النظام الذي ثارت من أجل إسقاطه، وتبيع الثورة، التي دفع الآلاف من دمائهم وحريتهم من أجل إنجاحها، في سوق النخاسة؛ لا لسبب إلا لأن الصندوق الذي هو أساس الديمقراطية، أتى بالتيار الإسلامي إلى الحكم.
نقلا عن صحيفةالشرق القطرية