رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أمينة أبوشهاب تكتب: الجماعة حزب أم طائفة؟

أمينة أبوشهاب
أمينة أبوشهاب

تمارس الجماعة الإخوانية سلوك الانغلاق السياسي والاجتماعي والشعور بالكينونة المختلفة بما يخبر بطبيعة “الطائفة” والتشابه الكبير مع هذا المفهوم.

فهنالك اندماج من قبل الجماعة في المشهد السياسي في مصر، كما أن هنالك في الوقت نفسه نقيضاً لهذا الاندماج السياسي وتمسكاً بالوجود “كمجتمع خاص”، وهو ما لم يكن متوقعاً من الجماعة بعد ذهاب مبارك ومباشرتها هي الحكم بدلاً منه . تبقى الجماعة جسداً سياسياً وكياناً منغلقاً على نفسه ومحاطاً بحدود الفصل والفرز عن المجتمع العام، وكذلك بشعور الخصوصية والفوقية على هذا المجتمع .

لا تمارس الجماعة سياسة العلن، وهي في العلن وفي قمة رأس السلطة التنفيذية، بل تمارس سياسة السر وأجندتها، مثل محاولة التسلل والانتشار في وزارة التربية والتعليم في مصر . وزارة التربية والتعليم هي المؤسسة الأولى المتوجب والمرغوب السيطرة عليها إخوانياً في أي بلد توجد فيه الجماعة، سواء كان في الإمارات أو الأردن أو مصر، وكان هذا الهدف يسبق مرحلة الصعود الإخواني إلى الحكم، غير أنه أجندة اليوم أيضاً كما هو ملاحظ في مصر .

تواصل الجماعة إذاً، العمل من خلال مفهوم المجتمع الخاص الذي لا يساوم على خصوصيته ويستبقي عليها . ولقد انتشرت في الآونة الأخيرة مقاطع فيديو صدمت الجميع بمفهوم خصوصية الجماعة وتصرفها بما يشبه توجهات “الطائفة”، ولم تكن مقاطع الفيديو هذه جديدة تماماً، ولكن الجديد هو مستجدات الفهم العام للجماعة، ومحاولة الاستزادة والتوسع فيه، وذلك بعد أن زال ستر “القداسة” عنها . هنالك مقطع الفيديو الذائع بقوة هذه الأيام الذي يتحدث فيه القيادي الإخواني المعروف صبحي صالح ووجهه مشدود باللفافات الطبية، إثر اعتداء عليه، حيث يقول داعياً الله: “اللهم توفّني على الإخوان” . الدعاء الأصلي إسلامياً كما يسأل المسلم ربه حين يواجه المحن: “اللهم توفّني على الإسلام”، وتحوير الدعاء يوحي بشعور الجماعة بأنها مِلّة أو طائفة ضمن مجتمع المسلمين، ويتعزز هذا الاستنتاج بمقطع فيديو تم تصويره في مناسبة اجتماعية إخوانية يخاطب فيها صبحي صالح نفسُه أيضاً الإخوانَ داعياً إياهم ألا يتزوجوا “خارجياً” من غير جماعة الإخوان، حتى وإن كانت النساء متدينات ومحجبات . لقد زعم صالح أن الزواج من خارج الإخوان هو اقتران واستبدال للذي هو أدنى بالذي هو خير .

جماعة المجتمع الخاص أو الطائفة التي تعيش بذهنية “الغيتو” هي التي تتزاوج داخلياً، كما الجماعة القرابية، ولم يكن نصح صبحي صالح أو تحذيره من الزواج خارج الجماعة، إلا إشارة إلى ممارسة واسعة الانتشار في الجماعة أينما كانت في الأقطار والبلدان على تنوعها . اقتران الإخوان بإخوانيات هو مظهر للمجتمع الخاص، وهذا التوجه في الارتباط الزوجي يقودنا إلى مظاهر أخرى في الخصوصية والتمايز عن المجتمع العام، مثل مناسبات الإخوان الاحتفالية، وتجمعاتهم في العزاء أو الرحلات . . إلخ .

للإخوان، رجالاً ونساء، طابع خاص في المظهر الشخصي العام واللباس والحديث والخطاب والتفكير وأسلوب العمل والخُلُق العام .

والذي له صلة بالواقع الاجتماعي والسياسي للإخوان المسلمين الشبيه بالطائفة هو التصنيف الأمريكي لهم في تقرير الحريات الدينية الذي تصدره وزارة الخارجية الأمريكية، فهو يضعهم في صفة الطائفة جنباً إلى جنب مع الشيعة

والبهائيين في مصر أيام مبارك، حيث الجميع، بحسب التقرير الأمريكي، يتعرضون للتمييز الديني والاضطهاد وسلب الحرية الدينية . لقد فتح الباحث المصري في شؤون الإسلام السياسي، حسام تمام، باب التساؤل واسعاً عن الرضى الإخواني عن التصنيف الأمريكي لهم كطائفة، جنباً إلى جنب مع طائفة الشيعة في مصر، وسبب عدم الاعتراض على ذلك، وإن كان مرتبطاً باقتناع بالوصف أو كونه واقع حال فعلياً .

هل للمغالاة في الانفصال عن المجتمع والتشديد على الخصوصية والثبات المستمر على ذلك، علاقة بعدم ذوبان الجماعة واستمراريتها في وظيفتها السياسية بدعم خارجي؟ إن هذا السؤال يستحق الطرح في ضوء انبثاق هوية وكينونة مختلفة للجماعة في منتصف الخمسينات من القرن الماضي، إثر الاصطدام السياسي العنيف مع النظام القومي الناصري .

ولقد كانت هنالك قوى سياسية خارجية داعمة للإخوان في هذا الصراع، بحكم عداوتها للتجربة الناصرية، في تلك الفترة تشكل خطاب إخواني يدّعي امتلاك الإسلام ورمي النظام بالكفر والإلحاد .

لقد كان التمايز بالإسلام من دون النظام السياسي ومن دون المجتمع ككل هو أمر وظيفي، ووسيلة في صراع سياسي محتدم، واليوم وصل الإخوان إلى رؤية أنفسهم كصفوة وكمجتمع خصوصي وسط العموم من المسلمين، ووصل تعبيرهم عن هذه الرؤية إلى القول (كما هو في مقطع فيديو آخر)، إنهم قمة الطهارة والنقاء في المجتمع، وإنه لولاهم لبقيت الأمة في آثامها . إنه تفسير وخطاب “طُهرانيّ فوقيّ غريب على الإسلام وأسسه” وخطابه ومبادئه المعروفة .

إن هذا النطاق المعلن من تكوين الطائفة وشعورها وتفكيرها ورؤيتها، هو نطاق غير متصالح مع الحكم والدولة، وهو ما يفسر لنا أيضاً، وفي رؤية مستجدة، أسباب فشل الإخوان سياسياً، وفي أداء مهمات الحكم المتوقعة .

إن إطار الطائفة الدينية هو إطار ضيق ومحدود، لا يستوعب إبداعية الأفراد واختلافهم وغناهم العلمي والعملي . ولذلك يثبت اليوم مدى فقر جماعة الإخوان في الكوادر المفكرة والخبيرة في المجالات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية .

“الإخوان” هم حزب في تكوين طائفة، وتنظيم عولمي، غير أنه منغلق ومتقوقع ضمن كينونة جامدة تمارس السياسة والحكم من هذه المنطلقات .