رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

د. مغازي البدراوي يكتب :تشرشل والإخوان والقضاء

بوابة الوفد الإلكترونية

الكثيرون منا يعرفون قصة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل أثناء الحرب العالمية الثانية، عندما أمرت محكمة بريطانية بنقل مطار حربي بعيداً عن منطقة سكنية، لأنه يزعج الأهالي ويعرض حياتهم للخطر، وأعطت المحكمة مهلة سبعة أيام لتنفيذ الحكم.

وكان تشرشل مشغولاً في إدارة المعارك الحربية الضارية ضد هتلر وجيوشه، وعندما وصله خبر حكم المحكمة، سأل عما تبقى من زمن لتنفيذ الحكم، فأخبروه 48 ساعة فقط، فأمر بنقل المطار على الفور قبل انتهاء المدة، وقال قولته الشهيرة "أهون أن نخسر الحرب من أن يخسر القضاء البريطاني هيبته".

القضاء المصري أصدر حكماً منذ أيام، يقضي ببطلان قرار رئيس الجمهورية محمد مرسي بتعيين النائب العام الحالي طلعت عبد الله، ونص الحكم على عزله فوراً من منصبه، ولكن السلطة التنفيذية رفضت تنفيذ الحكم. وهذه ليست المرة الأولى التي يهدر فيها الإخوان المسلمون كرامة وهيبة القضاء المصري منذ وصولهم للحكم قبل سبعة أشهر.

ورغم ثورة رجال القضاء في مصر، المستمرة والمشتعلة ضد تصرفات الإخوان معهم، إلا أن السلطة الإخوانية الحاكمة لا تعير الأمر أي اهتمام يذكر، ومصممة على سياستها تجاه مؤسسة القضاء.

في دولة مثل مصر، يحظى فيها القضاء منذ زمن طويل بهيبة وسمعة عالية، جعلته نموذجاً يحتذى ويستعان به في الدول العربية الأخرى، وهو نفس القضاء الذي كان يحمي الإخوان المسلمين وباقي فصائل وجماعات الإسلام السياسي من بطش وظلم الأنظمة الحاكمة السابقة، يواجه القضاء المصري حملة شرسة، تبدو للعيان أنها مبرمجة وممنهجة ولها أهدافها المحددة.

حيث يسعى الإخوان المسلمون في مصر إلى الاستحواذ على كافة السلطات ومراكز صنع القرار، ومنها الأمن والجيش والإعلام، وبالطبع القضاء الذي يشكل عقبة كبيرة أمام بطش السلطات. ونظراً لقوة وهيبة مؤسسة القضاء المصري، وعدم قدرة الأنظمة الحاكمة على إحكام قبضتها عليها،

فقد لجأ الإخوان إلى أسلوب آخ.

وهو كسر هيبة هذا القضاء عن طريق عدم تنفيذ أحكامه، ولأنهم يسيطرون على المؤسسة الأمنية المنوط بها تنفيذ أحكام القضاء بالقوة، فقد أبطلوا بذلك مفعول أحكام القضاء، وليس بعيداً عن ذلك المادة التي أقحمت في الدستور المفبرك، الذي طرحه الإخوان للاستفتاء الشعبي، والتي تنص على تحصين قرارات رئيس الجمهورية ضد الطعن من أية جهة، بما فيها القضاء.

ما يفعله الإخوان في مصر، لا يمكن تفسيره بشيء آخر سوى "هدم كيان الدولة"، عن طريق هدم مؤسساتها الرئيسة، وهذا ما نراه في سياساتهم في الأمن والقضاء، وربما قريباً في الجيش، باعتباره هدفاً رئيساً لهم، على حد تصريحات شخصيات بارزة في جماعة الإخوان.

لا يمكن لعاقل أن يتصور، من كل ما يحدث وما يفعله الإخوان في مصر الآن، أنهم ينوون التعامل في ما بعد بالديمقراطية والصناديق كما يزعمون، وأنهم سيتركون الحكم إذا أتت الانتخابات بغيرهم، ولقد اعترفوا مراراً وتكراراً بأنهم لا يؤمنون بالديمقراطية، وأنها حرام، لكنهم أحلوا لأنفسهم خداع الشعب، واللعب على العواطف الدينية للعامة، باستخدام الديمقراطية كسلم للصعود للقمة، ثم حرق هذا السلم، والبقاء في القمة للأبد.

نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية