رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عبدالزهرة الركابي يكتب :الغرب والفشل في تقييم المواقف

بوابة الوفد الإلكترونية

بدا واضحاً أن الغرب وعبر المحللين السياسيين، أخفق في إيجاد التعريف المناسب لمطالب الثورات والأحداث المشتعلة في المنطقة، بما يخص الكرامة والعدالة والاحترام، عندما اعتبر هذه الثورات أحداثاً لا تتجاوز غلو الشارع العربي، الأمر الذي حدا بالمعقّبين في المنطقة إلى القول إنهم يحتاجون إلى فهم مجتمعات الشرق الأوسط الإسلامية المتنوعة والمعقدة . فالاعتماد على البيانات الكمية والنماذج التحليلية الغربية فقط، غالباً ما يؤدي إلى تحليلات غير كافية، وعدم القدرة على توقع الربيع العربي قبل أكثر من عامين هو مثال على ذلك .

وقد رأينا في البداية كيف استصعب الغرب الثورة كثيراً، وبالتحديد فإن الإعلام الغربي والساسة الغربيين استصعبوا كثيراً ممّا جرى، حتى إن أستاذ العلوم السياسية الفرنسي جان بيار فيليو في كتابه “الثورة العربية . . عشرة دروس على الانتفاضة الديمقراطية”، لم يستقر على مصطلح واحد بهذا الشأن، فتارة يتكلم عن ثورة، وأخرى عن انتفاضة أو نهضة أو تعبير عن غضب .

لن نأتي بجديد إذا ما قلنا، إن نظرة الغرب إلى العربي كانت نظرة سلبية للغاية، ومن الطبيعي أن تمتد هذه النظرة إلى الإعلام الغربي الذي نظر بدوره إلى العربي بصورة فوقية، حيث كان العربي دائماً، هو المتخلف، هو الغاضب، هو المتمرد، هو المزاجي، وهو أيضاً غير المنطقي، وهو المتطرف إلى أبعد الحدود، وبالتالي لا ضرورة إلى التعامل مع العربي، كونه لا يفهم المعايير الغربية .

وبهذه النظرة كأن هنالك طرفين: الطرف الغربي والطرف العربي، وهما طرفان منفصلان، وطرفان ذوا إرادة، ونستطيع القول إن العربي لربما أتى بنفسه إلى مثل هذه الأوصاف، ولكن في الحقيقة أتى من علاقة ذات أبعاد تاريخية على صعيد الاحتلال والتبعية والهيمنة، وهي علاقة أدت إلى هذه النظرة الفوقية .

وأمام موقف الغرب هذا، حيال الثورات العربية، والمتسم بالتردد والتأرجح والخشية، وحتى ركوب الموجة، انبرى الكثير من المعقبين في الرد عليه، إذ جاء في هذه الردود والتعقيبات، أن الثورة أحدثت واقعاً جديداً لم يحسب له حساب داخلياً وخارجياً، ما استهوى القوى الغربية ركوب موجته عندما تأكدت بعد أسابيع من الاحتجاجات أن الثورة التونسية والمصرية وتُضاف إليهما الليبية واليمنية والموجة تتوسع، تسير كلها في طريق ذي اتجاه واحد .

عندما أخذت الثورة تؤسس لمنظومة جديدة تتقاطع مع الماضي،  لكن الظاهر أن الدرس لم يصل إلى الآن بالكامل إلى الغرب والأنظمة التي أُطيحت معاً، عندما أرادوا تدارك مصالحهم وإنقاذها، وعملوا لذلك سراً وعلانية من غرف تحكّم لاستيعاب مسارات هذه الثورات، وبرزت فكرة التضحية بالرؤوس في مقابل المحافظة على أنظمة التبعية، ورغم تظاهر أمريكا والغرب عموماً، بتفهم خيارات الشعوب العربية في التحرر، فإنهم اليوم أمام مفترق طرق في التعامل مع الثورات العربية: فإما تهميش وركوب  الأحداث

دون تجاوب حقيقي لإرادة هذه الشعوب، والسقوط في مطب جديد يضيفونه إلى موروثهم الاستعماري الذي أسهم إلى حد كبير في إشعال شرارة اندلاع هذه الثورات، وإما أن هذا الغرب سيحتكم إلى منظومته القيمية في احترام خيارات وإرادات الشعوب كأمر واقع، على الرغم مما قد يكون فيه من اختلاف في بعض القضايا، ويتعامل مع هذا المتغير الجديد بنفس الاحترام الذي لايزال سائداً بين بلدانه .

وعلى كل حال، وبعدما أُطيحت الأنظمة التي كانت قائمة في تونس ومصر وليبيا واليمن، حيث أصبحت المراحل الانتقالية في البلدان المذكورة أمراً واقعاً، سارعت أمريكا والغرب عموماً إلى ركوب موجة تأييد الثورات، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن أمريكا كانت تنظر بقلق إلى ما يحدث في تونس وتعطي الشرعية التامة لنظام الحكم المعروف بولائه لها، لكن مع تدهور وضع النظام التونسي، أعدت بعض السيناريوهات وتوقعت إمكان سقوط نظام بن علي فغيرت نسبياً موقفها من الأحداث، وجعلت نفسها في موقف الوسط بين النظام والشعب .

وفي ذلك الحين، اعتبرت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية أن الثورات والانتفاضات الشعبية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا أثبتت فشل استراتيجيات القوى الغربية الدبلوماسية تجاه العالم العربي .

وذكرت الصحيفة أنه لم يكن أحد يتوقع أن يشهد هذا العام ثورات تجتاح أقطار العالم العربي، وتطيح أنظمته في كبرى البلدان العربية، ومن المؤكد أن نتائج تلك الثورات تركت تأثيرها الأكبر في العالم العربي، إلا أن فشل القوى الغربية في تقييم المواقف، ورؤيتها بأن أربعة من حلفائها في المنطقة - على الأقل - سينجحون في الصمود في أحلك الظروف، يجعل من الضروري إلقاء نظرة أكثر عمقاً وتحليلاً على سياسات تلك القوى إزاء المنطقة، بعدما عجزت عن الاستيعاب السريع لحجم التغييرات الهائلة التي عصفت بالمنطقة .
نقلا عن صحيفة الخليج