رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

محمد مصطفى علوش يكتب : مصر بحاجة إلى أسلوب مختلف يا ريس!

بوابة الوفد الإلكترونية

مصر تنازع أو تعيش آلام المخاض بعد ثورة 25 يناير، أزمات الأرض اجتمعت بها أو ظهرت للعلن دفعة واحدة.. يصرّ الرئيس محمد مرسي على أن الحلول تبدأ من كتابة دستور، وسنّ قوانين تحكم المؤسسات، والسرعة في تشكيل المجلس التشريعي (البرلمان) الذي ستنبثق منه حكومة تشاركه إدارة البلاد.

ربما يحتاج مرسي طريقة أخرى في التفكير، طريقة غير نمطية، طريقة فيها مجازفة لاستيلاد حلول إبداعية لمشاكل عصية. يقول البعض إن التجربة التركية ثرية للحكام الجدد في مصر، وهي قد تساعدهم على كيفية بناء الدولة القوية.
لا بأس، فالنموذج التركي صاحب تجربة إسلامية ذات خصوصية قد لا يمكن نسخها تماماً لكنها تبقى الأقرب إلى الوضع المصري إذا ما قورنت بتجارب أخرى في العالم الإسلامي.
عند وصول رجب طيب أردوغان إلى الحكم، قيل له: إن العراة يملأون شوارع تركيا وأحياءها، فقال أردوغان: "عندما أتيت كان هذا موجوداً ولم أكن سبباً فيه، همّي كيف أحول تركيا إلى دولة اقتصادية تنافس عالمياً".. كان أردوغان صاحب نظرة بعيدة إذ إن البحبوحة الاقتصادية توفر عوامل قوة لصانع السياسة قد لا توفرها جيوش بأكملها. لقد نجح أردوغان في رفع معدلات الدخل الفردي للمواطن التركي ثلاثة أضعاف، ما بين أعوام 2002 و2012م حيث ارتفع معدل الدخل الفردي من 3000 $ إلى 10000$، وهو ما أهّل حزب العدالة والتنمية أن يكتسب شعبية جارفة أبقت الحزب في البرلمان والحكومة والرئاسة لعدة دورات انتخابية. ومكنته من إقصاء الجيش الخصم اللدود للتيار الإسلامي في تركيا.
تجربة العدالة والتنمية كانت نسخة مصححة أو معدلة عن عدة تجارب لم يكتب لها النجاح للحركة الإسلامية منذ منتصف التسعينيات مع رائد الإسلام السياسي في تركيا نجم الدين أربكان الذي يشبه في طروحاته كثيراً القيادات الحالية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر.. أُسقط أربكان أكثر من مرّة على يد حماة العلمانية من الجيش.. جاءت بعده فكرة العدالة والتنمية التي رأت أن الحلّ لا يكون بالانقلاب الجذري في الحياة السياسية والاجتماعية بل في النهوض بالاقتصاد.
في مصر لم يحدث تحول سياسي طبيعي وإنما ثورة، ورغم أن الانتخابات النزيهة والحرة هي التي أوصلت جماعة الإخوان إلى السلطة إلا أنها ليست كافية لنجاح تجربة هؤلاء. بدوره النظام القديم لم يعتبر نفسه انهزم كليا، وإنما خسر جولة في لعبة الملاكمة، ولا ينبغي للحكم الجديد أن يستأنس بوضعه الحالي فيظن أنه انتصر.. ومن طبائع الأمور أن تكون هناك ثورة مضادة تتشكل من مراكز القوى السابقة أو التي تضررت مصالحها من الحكم الجديد، وقد يحصل هناك حالة تحالف بين قوى جديدة وأخرى قديمة لمواجهة الحكم الجديد الذي بدأ بالتشكل.
إن أبرز الأسباب التي ولدت الثورات العربية ليس القمع ولا الديكتاتورية المفرطة، وإنما لقمة العيش والبطالة المتزايدة ويأس الشباب من تحسن الأوضاع في المدى المنظور. ولعلّ المحرك الأساسي لكثير من الثورات العربية التدني الملحوظ للقدرة الشرائية عند المواطن بعد الأزمة الاقتصادية العالمية في العام 2008.
مصر اليوم لا تحتاج إلى أطر تقليدية في إعادة بناء الدولة كما ترى جماعة الإخوان.. كتابة دستور جديد، إجراء انتخابات برلمانية، سنّ قوانين تنظم العمل السياسي، إدارة الدولة بالتحالفات الحزبية.. هذا نمط تقليدي في الحكم وقد تحتاجه دول تعيش استقرارا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.. في مصر لا يوجد شيء من هذا.. مصر تحتاج إلى حلول إبداعية غير قائمة على التسلسل المنطقي.. في ظني أن توفير فرص عمل للآلاف من العاطلين عن العمل سيكون له مردود شعبي وسياسي أكثر بمائة مرة من تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية شفافة.. تأهيل السياحة المصرية بأساليب بسيطة مثل رفع تأشيرة الدخول للسياح العرب والأجانب وفتح مراكز تسوق ضخمة موازية لها سيكون له مردود أكثر من وجود رئيس يتورع عن أكل مال الدولة.. مصر فيها 300 ألف بلطجي اليوم هم عبء على الثورة.. والحلّ مع هؤلاء لا يكون بمراقبتهم ورصد تحركاتهم وتنقلاتهم ولكن باحتوائهم عبر توفير فرص عمل لهم تتناسب مع ثقافاتهم وبيئاتهم، حينها نخفف الضغط عن الداخلية والحكومة ونوجد فردا منتجا يخدم الدولة بعمله وليس فردا عبئا على الدولة ومؤسساتها.. مع هؤلاء البلطجية لن ينفع قانون ولا موعظة حسنة ولا وعد ولا وعيد وإنما عمل دءوب.. وقس على ذلك.. الأولوية في اعتقادي هي للشأن الاقتصادي ولا ضير في تأجيل الانتخابات أو تشكيل حكومة وفاق وطني طالما أنها قد تعيد الأمن والاستقرار وتوفر بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية..
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية