عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بركات شلاتوة يكتب :أبجديات الثورة

 بركات شلاتوة
بركات شلاتوة

اتضح بالتجربة والبرهان أن أية ثورة، لتنجح، يجب ألا تخرج عن سلميتها ونظافتها، لأنها في أي حال من الأحوال لا تعني نقل البلاد من السيئ إلى الأسوأ، ومن الاستقرار تحت القبضة الأمنية للنظام إلى الفوضى والتدمير والتخريب بفعل الاحتراب الداخلي .

لذا فإن للثورة أبجديات أبسطها القيادة الحكيمة والفعل المنظم المدروس الذي يركز على الطابع السلمي حتى لا تخرج الأمور عن سياقها، والحرص على البلاد ومستقبلها، ومراعاة الخروج بأقل الخسائر الممكنة بشرياً ومادياً، وغير ذلك يسمى أي شيء إلا ثورة، لأن للثورة وقعاً رومانسياً يذكّر بالحرية والانطلاق نحو الأفق الأرحب .

ليبيا التي تحتفل هذه الأيام بالذكرى الثانية لثورة 17 فبراير، مازالت تراوح مكانها إلا قليلاً، فخطر التقسيم مازال يتهدّد البلاد بعد تعالي المطالبات بالفيدرالية، خاصة في المناطق الشرقية من البلاد، إثر عدم رضا هذه المناطق وبخاصة، مهد الثورة بنغازي، من التهميش الذي تعانيه من قبل القيادة الجديدة في طرابلس، حيث لم تأخذ حجمها في التمثيل في المؤسسات الجديدة، ومن المركزية المفرطة التي تتبناها طرابلس .

أضف إلى ذلك المراوحة في السير نحو بناء دولة ديمقراطية حديثة، فلجنة كتابة الدستور الجديد لم تر النور إلى الآن، بعد أن استقر المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، على اختيار أعضائها الستين بالانتخاب، لعدم التوافق بشأنها داخل “البرلمان”، وهذا دليل على حالة اللاتوافق التي تسود داخل النظام وحتى المجتمع .

ومر العامان ولم يتم إطلاق حوار وطني جامع، يلزم أي دولة تعيش وضعاً انتقالياً، لوضع الأمور في نصابها، وإشراك جميع أبناء البلاد في رسم ملامح وطنهم، وإطلاق مصالحة وطنية، ليبيا في أمسّ الحاجة إليها، لأنها تعيش وضعاً استثنائيا، حيث تفتقد إلى الأمن والاستقرار بفعل سيطرة الميليشيات والعقلية القبلية

على البلاد، واندلاع الاقتتال بين الفينة والأخرى على السلطة والنفوذ والثروة .

كما أن دولة مر عامان على ثورتها ينبغي أن تكون قد بدأت في بناء جيش وطني قوي بإمكانه أن يذود عن حمى الوطن، وإنشاء قوى أمنية لتحل محل المليشيات التي مازالت تصول وتجول وتمارس تصفية الحسابات بلا حسيب أو رقيب . وبدا ذلك واضحاً في بنغازي حيث تقوم ميليشيا “أنصار الشريعة” مقام قوى الأمن هناك، إذ تنشر الحواجز الأمنية والنقاط العسكرية وتلزم الأفراد بالخضوع لقوانينها . كما تحدث بين الفينة والأخرى هجمات مسلحة وبالسيارات المفخخة على مراكز أمنية، واغتيال ضباط أمن أو حتى شخصيات لا تروق لهؤلاء المتشددين .

لذلك، على النظام الليبي الجديد أن يسارع إلى تطبيق الإصلاحات التي وعد بها، وأن يترجمها على أرض الواقع لينقذ البلاد من المسار المجهول الذي تسير فيه، وأهم الخطوات التي لا تحتمل التأجيل أو الانتظار هي إرضاء المناطق الشرقية من البلاد وبالذات برقة وبنغازي التي كان لها الفضل في الشرارة الأولى، لقطع الطريق على الأصوات التفتيتية التي ظهرت هناك وبدأت تتسع احتجاجاً على التغييب والتهميش .
نقلا عن صحيفة الخليج