عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محمد صلاح “كراكيب” مصرية!

محمد صلاح
محمد صلاح

حتى الآن لا توجد أي مؤشرات على أن الرئيس المصري محمد مرسي، أو حزبه «الحرية والعدالة»، أو جماعته «الإخوان المسلمين»،

سيُقْدِمون على تنازلات أو تراجعات أو حتى مواءمات للخروج بالبلاد من الأزمة التي تعانيها والمرشحة للتصاعد، بحسب توقعات غالبية الأطراف، ما عدا أطراف الحكم، تستطيع أن تقرأ خطط الحكم ونوايا الحزب وتوجهات الجماعة من خلال الخطاب السياسي لرموز «الإخوان» وبعض الإسلاميين المتحالفين معهم، وليس من بينهم من ينادي مثلاً بإقالة النائب العام كخطوة في سبيل الحل، أو إقالة حكومة هشام قنديل وتشكيل حكومة أخرى تشرف على الانتخابات البرلمانية المقبلة لطمأنة المعارضة، أو السير في الخطوات لتعديل الدستور كبادرة لحسن النوايا، بل على العكس تماماً فالخطاب مليء بدعاوى تطالب «الرئيس» بمزيد من الحسم، وبعضها يصل إلى حد دعوته لـ»يضرب» بيد من حديد هؤلاء المخربين! والمقصود هنا المعارضين بمختلف أطيافهم وأفعالهم.
نعم هدأت الأوضاع على الأرض نسبياً في مصر، لكنها مرشحة دائماً للتصعيد طالما أن أسباب الاحتقان ما زالت قائمة، وما دام الحكم يراهن فقط على عنصر الوقت وعلى «زهق» الناس من التظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات والعنف، ويعتقد أن ما يجري مجرد «كراكيب» لا تأثير لها، وهو تعبير مصري مقصود به الأشياء التي لا قيمة لها ولا تؤثر سلباً أو إيجاباً. ويرى الحكم أن الأزمة ستمر وأن المناورات التي يلجأ إليها ستُنهك المعارضة وستُشغل جموع الشعب عن أسباب الأزمة فتمضي وقد حلت نفسها بنفسها!
هذا ربما ما يتمناه الرئيس مرسي، أو يعتقده، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، أو ما يعتقده يكون صحيحاً، فالقلاقل والاحتقان وحركة الشارع الملتهب تأتي كموجات عاتية على فترات ومراحل، وتقلل من قدرة الحكم على التعامل مع الواقع، والتعاطي مع الأزمات أو تجاوز المشاكل، وحين تزيد وتصل إلى الذروة فلن يجدي أسلوب «لوم الضحية» الذي تلجأ إليه الرئاسة أحياناً، والقوى المحسوبة على الحكم غالباً، والمؤسسات التابعة أو الموالية له دائماً، وتكفي الإشارة هنا إلى ردود الفعل المندهشة والمستغربة والمستنكرة لموقف «مجلس الشورى» من قضية التحرش بالنساء أثناء التظاهرات، خصوصاً في ميدان التحرير عندما انتهى نواب المجلس، بعدما بحثوا في المشكلة، إلى تحميل المتحرّش بهن مسؤولية ما حدث لهن، إذ «وضعن أنفسهن في مواقف تجعل من التحرش بهن أمراً طبيعياً»! لم يُجهد النواب أنفسهم في البحث عن أسباب الظاهرة، أو

اتخاذ الإجراءات التي تكفل وقفها، أو معاقبة القائمين عليها، ما دعم وجهة النظر التي تقوم على أن الأمر ممنهج ويهدف إلى تخويف النساء من المشاركة في التظاهرات، أو التردد على الميدان وإحراج الشباب والرجال وكسر إرادتهم، وبالتالي إنهاء مظاهر الاحتجاج ضد مرسي و»الحرية والعدالة» و»الإخوان»!
يحتاج الرئيس مرسي إلى مناخ آخر غير الذي أحاط به نفسه كي يحل معضلات ظلت متراكمة لعقود، لكنه ومعه حزبه وجماعته وبدعم من بعض حلفائه زاد المعضلات وأوجد مزيداً منها، فصار صعباً عليه أن يحل أياً منها، بل إن أقصى ما يتمناه بعض المصريين الآن أن تمضي ولاية مرسي من دون مزيد من المشاكل، لاعتقادهم أن حل ما هو قديم منها، أو نشأ بعد توليه الحكم، صار أمراً مستحيلاً! أما استمرار شتم قوى المعارضة عموماً وجبهة الإنقاذ خصوصاً ورصد أخطائها، وهي كثيرة بالفعل، وتحميلها المسؤولية عن كل عنف وإخفاق، وكذلك اتهام المحتجين بارتكاب العنف دائماً أو الممارسات المخلة غالباً أو الجهل وانعدام الرؤية أحياناً، وأيضاً تصوير الإعلام وكأن القائمين عليه فاسقون محرضون مغرضون، فكلها أمور تزيد من الأزمة ولا تحلها، وترسخ الاحتقان ولا تخففه، وتباعد المسافات بين الحكم وكل المعارضين ولا تقربها. فمطلوب من الحكم حلول وليس اتهامات حتى لو كان بعضها صحيحاً.
جرّب الرئيس مرسي أسلوباً طوال أكثر من سبعة شهور من حكمه فلم ينجح، وليس عيباً أن يبدله أو يطوره. ربما تكون النتيجة مختلفة، لا أن يوحي بأنه بدّله أو طوره ويطالب الآخرين بأن يصدقوه ويكذبوا عيونهم ويغلقوا قلوبهم ويُغيبوا عقولهم.