رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أسامة غريب يكتب:بلاد ربنا الجميلة

أسامة غريب
أسامة غريب

كل مرة أسافر فيها الى بلاد ربنا الجميلة تتناوشني الأفكار بخصوص الناس والحياة.. يحدث هذا اذا زرت ريفاً جميلاً أو جلست على ضفاف بحيرة بديعة أو بالقرب من نبع صاف أو فوق تلة تشرف على وادٍ ذي زرع وورد وفل وياسمين.

أفكر كيف ان هؤلاء الناس يستطيع الواحد منهم ان يستمتع بالحياة دون ان يكون فاحش الثراء أو حتى دون ان يكون مجرد ثري فقط بدون أي فُحش!.. فالسكن على ضفاف البحيرات ليس مكلفاً جداً لكنه في متناول الأسر المتوسطة، كذلك الصعود الى التلال والبناء فوقها ليس صعباً وأيضاً اقتناء كوخ في الغابة ليس بالأمر العسير.. وهنا لابد من التنويه ان الطبيعة الغنية في بلاد ربنا الجميلة ساعدت على وجود وانتشار الأماكن ذات الطلة الأخاذة الساحرة بكثرة بعيداً عن زحام المدن وضوضائها وتلوثها، وقد ساعد هذا مع الادارة الرشيدة للدولة ومد الخدمات لكل مكان في امكانية الاختلاء بالطبيعة والعيش في ظلها الوارف. حتى بالنسبة للذين لا تساعدهم قدراتهم المالية على السكن والاطلال الدائم على ما يبهج النفس ويفتح الشهية للحياة فلا يستطيع أحد ان يمنعهم من صيد السمك على النهر أو استئجار مركب في البحيرة أو حتى التمشية على الكورنيش.
كل هذا يرد على ذهني عند السفر للخارج، ووقتها أقارن بين الطبيعة الخلابة التي أراها أمامي وبين الطبيعة الفقيرة في بلادنا الصحراوية المجدبة، كما أجد أنه من الأسهل الحصول على بيت صغير يطل على بحيرة في أوروبا أو أمريكا من الحصول على بيت مماثل ذي اطلالة على بحيرة قارون بالفيوم في مصر مثلاً.. فهنا قد استولت اسماك القرش البشرية على كل الأماكن المميزة ورفعت أسعارها واستطاعت بمساعدة المال المسروق ان تستحوذ على ما يسر النظر ويبهج النفس دون ان تشرك فيه عوام الناس.. ويرد على خاطري أيضاً كيف ان غياب الرحمة في بلادنا قد منع الناس العاديين من مجرد التمشية على كورنيش النيل في بلد يمتد فيه النهر الخالد بطول أكثر من

ألف كيلومتر.. نعم ألف كيلومتر ولا يوجد بكل مدينة أو بلدة يعبرها النيل بضعة أمتار بالمجان لراغبي امتاع النظر واستنشاق الهواء. فعلى طول الكورنيش استولى الأقوياء على الأراضي فبنوا عليها النوادي الخاصة والمقاهي والكافيتريات، وفي مدينة مثل القاهرة تحتل نوادي الشرطة والقوات المسلحة والنقابات والهيئات معظم كورنيش النيل من شبرا الى حلوان دون ان تسمح للانسان الفقير بمكان يحصل منه على اطلالة على النهر الذي أرسله الله للناس جميعاً! ولعل هذا هو سبب الظاهرة التي ننفرد بها عن العالمين وهي نزول الناس من البيوت وبحوزتهم كراسي صغيرة الحجم والتوجه بها نحو الكباري والجسور التي تعبر النيل والجلوس على أرصفتها لاقتناص شمة هواء، ذلك أنه من حسن الحظ ان الضباع الضارية لا تستطيع ان تبني بيوتاً أو منشآت على أرصفة الجسور والا انهار الجسر!.
والواقع ان هذا ليس حال مصر وحدها ففي بعض البلاد العربية يستولي الحكام على مساحات شاسعة من الأراضي تضم كل الأماكن المميزة المرتفعة والمنخفضة والمنبسطة ويبنون عليها لأنفسهم القصور والمنتجعات، وفي بعض الأحيان يتركونها جرداء ويحرمون الناس منها.
الخلاصة ان من كان فقيراً وأراد ان يحصل على نصيبه العادل من الطبيعة التي خلقها الله للناس كافة، فعليه ان يسافر بعيدا عن الدنيا الضيقة الكئيبة الى رحابة بلاد ربنا الجميلة.
نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية