رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جهاد الخازن يكتب :(مسؤولية المسلمين)

جهاد الخازن
جهاد الخازن

عجز فرانسوا هولاند عن أن يكون بطلاً في فرنسا فاختار أن يكون بطلاً في مالي، وهو استُقبِلَ بهتافات في باماكو وتمبكتو لا يحلم بمثلها في باريس.

ورأى ديفيد كامرون نجاح هولاند في مالي فزار الجزائر وليبيا وأعلن في البلدين أن بريطانيا ستدعم حربيهما ضد الإرهاب، وستخوض حرباً على القاعدة وحلفائها في شمال أفريقيا، وقال إنها حرب أجيال ضد أيديولوجيا سامة.
هولاند يتخبط في فرنسا، ورفع الحد الأعلى للضريبة الى 75 في المئة، ما جعل أثرياء فرنسا يهاجرون، وتشريع زواج المثليين يواجه معارضة، كما أن هناك جدلاً على منع الفروض المنزلية لطلاب المدارس الابتدائية. ولا بد من أن الرئيس الفرنسي نظر حوله ثم قرر أن حرباً خارجية ستحوّل نظر مواطنيه عن مشاكل يومهم وغدهم، فبعد أن قال في مقابلة مع «جان أفريك» في تشرين الأول (أكتوبر) إن دعم حكومة مالي سيقتصر على المعونة اللوجستية والمال، أرسل قوات فرنسية إلى مالي وأمر بغارات جوية على معاقل المسلحين.
كامرون لا يحتاج إلى رفع الضريبة لترتفع حدة المعارضة له، بما في ذلك داخل حزب المحافظين، وهناك أعضاء يرفضون فكرة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، أو طرحها في استفتاء، وهناك آخرون يطرحون أسماء سياسيين من الحزب لخلافة كاميرون، بينها وزيرة الداخلية تيريزا ماي، ورئيس بلدية لندن بوريس جونسون.
لن أقول إن فرنسا انتصرت في مالي، وإنما أقول إنها حققت ما انتدَبَت نفسها له، فقد هُزِم الثوار من الطوارق والإرهابيين المتطرفين، إلا أن الأمور بخواتيمها، كما نسمع، والإرهابيون لا يزالون قوة كبيرة، وهم انسحبوا من المدن بلا قتال، وقال قائدهم ادامي في تمبكتو إنهم يستعدون لمعارك قادمة.
أعتقد أن فرنسا وبريطانيا أقل قدرة على الحرب من الولايات المتحدة، ونحن نعرف نتائج حروب جورج بوش الابن على أفغانستان والعراق والإرهاب، ولا يمكن أن تحقق أوروبا نتائج أفضل في شمال أفريقيا. أزعم أن الدول الغربية تستطيع أن تنتصر في معركة، مثل إطاحة صدام حسين في العراق، أو هزم الثورة والإرهاب في مالي، إلا أنها لا تستطيع أن تربح حرباً طويلة الأمد، لما تنطوي عليه من خسائر بشرية وأعباء مالية.
في مالي تحديداً، أرسى «النصر» الفرنسي أسس حروب قادمة، والطوارق ثاروا على حكم باماكو عندما لم يكن هناك إرهاب في أي بلد

عربي أو إسلامي، فهم بعد استقلال مالي سنة 1960، قاموا بأول ثورة لهم سنة 1962، وكان احتواؤهم سهلاً، بإعطائهم حكماً ذاتياً في الشمال حيث هم غالبية، إلا أن قمع ثوراتهم المتتالية بعنف، أوصل البلاد إلى وضع استغلته الجماعات الإرهابية التي تجمع بين التطرف والجهل، وهو ما رأيناه خلال سيطرتهم تسعة أشهر فقط على بعض مدن مالي، فقد فرضوا نظام الشريعة على أفريقيين سود، ونشرت صحف غربية مقابلات مع أطباء وسكان محليين أرفِقَت بصور رجال قُطعََت أيديهم وأرجلهم من خِلاف.
الميديا الغربية وجدت فرصتها أيضاً في موقف الإرهابيين من مخطوطات مالي، وهذه تؤرخ للإسلام في أفريقيا، وتُعتبر من التراث العالمي.
وقرأت العناوين التالية:
- داخل المدينة حيث فرض الجهاديون العرب حكم الشريعة على أفريقيين سود
- تمبكتو عانت الإرهاب تحت حكم الشريعة القاسي
- هذا الإرهاب الثقافي كان بربرياً ومتوقعاً
- أهل المدينة (تمبكتو) يتحدثون عن الوحشية والموت تحت نير الإسلاميين
- مدينة الصحراء التراثية حيث أحرق الإسلاميون الكتب في فراق مرير.
لم تمضِ أيام حتى اكتشفنا أن المخطوطات لم تُحرَق، فقد سَلِم 97 في المئة منها على أيدي أبطال حقيقيين هم المسؤولون المحليون عن مكتباتها التاريخية، فهم نقلوا المخطوطات، وبعضها يعود الى القرن الرابع عشر، إلى أماكن آمنة، فلم يتلف منها سوى القليل.
هؤلاء الذين يدمرون مخطوطات تؤرخ للإسلام هم أعداء الإسلام مهما ادّعوا، وواجب المسلمين قبل أميركا وفرنسا وبريطانيا أن يحاربوا الفئة الضالة، حتى لا يدّعي زعماء غربيون بطولات على حساب الإسلام والمسلمين.

نقلا عن صحيفة الحياة