عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فهمي هويدي يكتب :ليبق الإخوان في بيوتهم

فهمي هويدي
فهمي هويدي

إذا كنا لا نستطيع أن نمنع حدوث العنف في ميدان التحرير غدا. فأضعف الإيمان ألا نتطوع بتقديم ذريعة له. ذلك أن أي عاقل لابد أن يتوقع احتمالات العنف في أجواء الاحتقان المخيمة على الشارع وبعدما تواصلت طوال الأيام الماضية

عمليات التعبئة والتحريض. عبر وسائل الإعلام. حين ركزت على تهيئة المتظاهرين لتوقع ما وصفته بعض الصحف بساعة المواجهة التي يتبدى فيها الغضب الساطع وتشارك فيها مجموعات «الأقنعة السوداء». إعدادا لحرب الشوارع التي تستلهم وتكرر إحراق واقتحام محكمة جنايات الإسكندرية. إلى غير ذلك من رسائل التحريض التي أشرت إليها، أمس.
هذه الأجواء إذا لم تكن فرصة مواتية لإشاعة الفوضى وتفجير العنف، فهي على الأقل تغري بذلك. وإذا كانت خبرة الأشهر الماضية قد علمتنا أن العنف بات واردا حتى في المناسبات شبه العادية. فما بالك به حين تكون المناسبة غير عادية كتلك التي نتوقعها غدا في جمعة الخروج، حيث الحشد المفترض معبأ وكبير وكل أدوات وعناصر التفجير متوافرة. بالتالي فأي عود كبريت يلقى في الساحة سيكون كفيلا بإشعال الحريق. ولأنه من السذاجة أن نطالب الساعين إلى ذلك بأن يصرفوا النظر عما ينتوونه، فكل ما أدعو إليه وأؤكد عليه هو ألا نتطوع نحن بإهداء ذلك العود إلى الذين ينتظرونه، ولنترك الأمر إلى أصحابه لكي يقوموا من جانبهم بما يلزم لتحقيق غضبهم. وهذه مسألة تحتاج إلى توضيح يعيننا عليه استعادة درس ما جرى عند محاصرة قصر الاتحادية في شهر نوفمبر الماضي. حينذاك ذهب المعارضون إلى محيط القصر، تجمعوا وتظاهروا ونصبوا خيامهم واعتصموا. إلا أن هذا السلوك استفز قيادة حزب الإخوان «الحرية والعدالة»، وسواء لأنهم أرادوا أن يتحسبوا لاحتمال اقتحام القصر من جانب المتظاهرين أو لأنهم لم يكونوا مطمئنين إلى أن الشرطة ستقوم بما يلزم لحماية مقر الرئاسة، أو لأنهم أرادوا أن يثبتوا حضورا في مواجهة المعارضين، فالشاهد أنهم دفعوا بأعداد من أنصارهم إلى محيط القصر، الأمر الذي أدى إلى اشتباكهم مع المعارضين. وظهر السلاح في ذلك الاشتباك، الأمر الذي أدى إلى قتل عشرة أشخاص وإصابة أكثر من مائة آخرين. ورغم أن استخدام العنف كان جريمة بكل المقاييس، إلا أن الجريمة بدأت بقرار خاطئ تمثل في دفع جموع المؤيدين إلى محيط القصر، الأمر الذي هيأ فرصة الاشتباك ووفر ذريعة استخدام السلاح.
تداعيات الحدث لم تكن أقل سوءا من وقائعه، ذلك أنه ما أن وقعت الواقعة حتى روجت بعض الأطراف للادعاء بأن قيادة حزب الإخوان لم توفد إلى محيط الاتحادية أنصارا يتظاهرون للرد على تظاهرة المعارضين، ولكنهم دفعوا بميليشيات مسلحة و«شبيحة» مارست العنف فأسقطت القتلى وأصابت الجرحى. كانت الفكرة ساذجة وعبثية، لأن العشرة الذين قتلوا كان تسعة منهم من الإخوان، وليس معقولا أن يكونوا قد سقطوا بنيران زملائهم الذين

جاءوا معهم. ومن المفارقات أن ما جرى في محيط الاتحادية وقع في اليوم التالي لاقتحام ومحاولة إحراق 26 مقرا للإخوان، في المقدمة منها المقر الرئيسي للجماعة، دون أن تعترض طريقها عناصر «الميليشيا» التي تحدثت عنها الشائعات وروجت لها وسائل الإعلام، الأمر الذي يعني أنها ليست سوى كيان اخترعه الإعلام المعارض ولا وجود له على أرض الواقع.
في أجواء الاحتقان السائدة فإن خطأ إرسال الموالين إلى محيط الاتحادية، لم يوقع قتلى وجرحى فقط، ولكنه ألصق التهمة بالإخوان وحملهم مسؤولية العنف الذي وقع، وهو ما كان ينبغي أن تتوقعه الجهة التي قررت إرسال ذلك العدد الكبير منهم لمواجهة المعارضين. واستقرت الفكرة في أذهان البعض، حتى قرأت في مقالة نشرتها صحيفة الشروق في 21/1 لإحدى الكاتبات ذكرت فيها أن (عملية الهجوم المسلح قادتها مجموعات دينية منظمة ومسلحة قاصدة المحتجين أمام قصر الاتحادية). وهو حكم شاع رغم أن تحقيقات النيابة في القضية لم تنته بعد. وقد استمعت حتى الآن إلى أقوال 180 شخصا من شهود الحدث.
أرجو أن تكون قيادة حزب الحرية والعدالة قد تعلمت الدرس من خطأ تجربة موقعة الاتحادية، بحيث تدفعها تلك التجربة المحزنة إلى دعوة أعضاء الجماعة إلى الإبقاء في بيوتهم وعدم التوجه إلى ميدان التحرير يوم الجمعة، لكي لا يوفروا للمتصيدين والمتربصين فرصة التذرع بوجودهم لإطلاق شرارة العنف وإشاعة الفوضى التي تتمناها بعض الأطراف. وأكرر أن عدم نزول الإخوان ربما لا يمنع العنف، ولكنه قد يضعف احتمالاته، وعند الحد الأدنى فإنه سوف يخرجهم من ضمن أسباب وقوعه لا قدر الله. ولا يظنن أحد أن ما أسعى إليه هو تبرئة الإخوان وتحميل الآخرين بالمسؤولية عن العنف، لأن أكثر ما يشغلني هو إبطال الذرائع التي يتوسل بها دعاة الفوضى لتحقيق مرادهم. لأجل الوطن وليس لأجل الإخوان.
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية