رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

سليمان جودة يكتب :"الجماعة" عندما تخاطب «دولة»

بوابة الوفد الإلكترونية

حين ترى هذه السطور النور سوف تكون اللجنة القنصلية المصرية - الإماراتية قد انعقدت في أبوظبي للوقوف على آخر تطورات قضية المصريين الإخوان، المقبوض عليهم في الإمارات منذ ما يقرب من ثلاثة أسابيع، بتهمة تشكيل خلية تعمل ضد أمن الدولة الإماراتية.

يرأس اللجنة من الجانب المصري السفير علي العشري مساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية والمصريين في الخارج، وقد أوضح الرجل في تصريحات نشرتها عدة صحف مصرية صباح الأحد الماضي، أن المقبوض عليهم 13 مصريا، وليسوا 11 فقط، وأن اللجنة سوف تطلب من سلطات الإمارات ضرورة إبلاغ السفارة والقنصلية المصرية في حالة القبض على أي مواطن مصري، طبقا للاتفاقيات الدولية.
يعرف المتابعون للقضية، منذ بدايتها، أن وفدا مصريا مكونا من اللواء رأفت شحاتة رئيس المخابرات، والدكتور عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية، وخالد القزاز سكرتير الرئيس، كان قد سافر إلى أبوظبي فور القبض على الخلية.
وكان الوفد الثلاثي، قد عاد صفر اليدين، ولم يتمكن من إقناع سلطات الإمارات بالإفراج عن أفراد الخلية، لأن سلطات الدولة هناك قد أفهمت أعضاء الوفد، بهدوء، أن المسألة في يد القضاء، وأنه وحده هو الذي سوف يتصرف فيها.
وحقيقة الأمر أن ما يلفت النظر في القضية بإجمالها ليس أن الوفد الثلاثي حين طار في مهمته لم يسأل عن 350 مصريا آخرين موجودين في السجون الإماراتية بتهم أخرى، وإنما سأل فقط عن أعضاء الخلية إياها، لا لشيء إلا لأنهم «إخوان»، وهو الأمر الذي أثار دهشة الإعلام الإماراتي، وعلقت عليه الصحف هناك، في أكثر من موضع، بكثير من العجب؛ إذ المفترض أن الجميع في هذه الحالة مصريون، سواء كانوا في الخلية إياها، أو متهمين في قضايا أخرى، وكان الأمل أن يهتم الوفد الثلاثي بكل واحد فيهم من حيث هو مصري وفقط؛ فلا يفرق بينهم!
والحقيقة أيضا، أن مصريين كثيرين قد أدهشتهم للغاية أن يكون رئيس المخابرات عضوا في الوفد، لأن الذين أشاروا بتشكيل الوفد في القاهرة كان عليهم أن يدركوا، ابتداء، أن هذا الأمر المثار بين الدولتين، سياسي في أغلبه، وليس أمنيا، كما أن مقام رئيس المخابرات المصرية، أكبر من أن يجري اختزاله، ولا أريد أن أقول استهلاكه، في قضية من هذا النوع.. غير أن هذا ما حدث!
وحقيقة الأمر، للمرة الثالثة، أن ما يثير الانتباه في الحكاية إجمالا، ليس أيضا أن برلمان الكويت قد عقد جلسة سرية حضرها رئيس حكومتهم الشيخ جابر المبارك، وفيها قال إن تمويلا كويتيا قد ذهب بشكل أو بآخر إلى الخلية المقبوض عليها، بما جعل الأزمة هنا، والحال كذلك، أزمتين!
وحقيقة الأمر، للمرة الرابعة، أن ما يستوقفك

في القصة كلها، ليس أنها جاءت لتصب الزيت على النار، بين الإمارات ومصر؛ إذ الظاهر، منذ فترة، أن العلاقات بين البلدين ليست على ما يجب على المستوى الرسمي، بعد أن كانت الإمارات، دون سائر دول الخليج، تكاد تكون هي الأقرب إلى القاهرة، بحكم اهتمام خاص كان الشيخ زايد، رحمه الله، يبذله مع حكومات مصرية متعاقبة..
لا.. ليس هذا كله، رغم أهميته، هو ما يسترعي انتباهك، وإنما يستلفتك حقا أن الوفد الثلاثي حين طار إلى أبوظبي كان قد راح ليطالب بالإفراج عن أعضاء الخلية ليعود بهم بين يديه إلى القاهرة.. هكذا مباشرة.. دون أن يفترض حتى ولو نظريا، أن الدولة التي ذهب إليها فيها قوانين تحكم القضية وأن قوانينها يتعين احترامها!
لم تكن المشكلة، إذن، في ذهاب الوفد، ولا حتى في طريقة تشكيله، رغم ملاحظات كثيرة يمكن أن تؤخذ على ذهابه، وعلى طريقة تشكيله، وإنما كانت المشكلة، ولا تزال، في أن جماعة الإخوان تحتاج إلى أن تخرج من هذه القضية بدرس أساسي، هو أن الإمارات العربية إنما هي دولة شأن سائر الدول لها قانون يجري فوق أرضها على مواطنيها، وغير مواطنيها، وهو الأمر الذي ينبغي أن لا يكون موضع نقاش أو جدل، بل إن ما ذهبت لجنة السفير العشري تطلبه، الآن، كان هو المفترض أن نطلبه، منذ أول لحظة، احتراما لدولة لها سيادتها على أرضها.
الإخوان لا يزالون غير قادرين على التفرقة بين منطق «الجماعة» حين كانت لا تزال محظورة، ووضعها حاليا على رأس دولة في الحكم، ولو أدركوا ذلك، لكانوا قد خاطبوا الإمارات بمنطق الدول الحديثة بعضها مع بعض، وليس بفكر «جماعة» لا تريد أن تنسى ما عاشت عليه طوال 80 سنة.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط