رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نبيل عمرو يكتب:الكرة في ملعب الإخوان

نبيل عمرو
نبيل عمرو

بعد أيام يفترض أن تستأنف جهود المصالحة الفلسطينية، ومركز هذه الجهود هو القاهرة.

منطقيا.. فإن تطورات مهمة حدثت خلال الأسابيع الماضية جعلت المصالحة المتعثرة ممكنة وربما أكثر من أي وقت مضى. هذه التطورات هي بالضبط شعور فتح بتحقيق انتصار سياسي نوعي في الأمم المتحدة، وشعور حماس بتحقيق انتصار عسكري في غزة، ما أفرز التفافا شعبيا واسعا حول الحركتين، تجسد في المهرجانين الكبيرين.. الأصفر والأخضر.
هذا الشعور خلق توازنا نفسيا بين الحركتين، إضافة إلى إظهاره حقيقة موضوعية لا مجال لتجاهلها، وهي استحالة سيطرة حركة على زمام الأمور في فلسطين بمفردها. فبعد سنوات من سيطرة فتح في الضفة وسيطرة حماس في غزة، بدا من خلال المهرجانات أنه لا فتح استطاعت تحجيم شعبية حماس في الضفة، ولا حماس استطاعت ذلك في غزة، بل العكس هو الصحيح، فإن سيطرة أي طرف في أي مكان ولد نفوذا واسعا للطرف الآخر، وهذا يترجم سياسيا بخلاصة تقول: حيث مارس أي طرف السلطة على الطرف الآخر خسر، ولا أمل بالربح إلا إذا وجد صيغة جديدة هي على الأرجح المشاركة بدل الاستئثار.
غير أن الفلسطينيين الذين تباهوا ردحا طويلا من الزمن بأنهم أصحاب قرار مستقل، ظهروا في سياق الانقسام وصعوبة المصالحة بأنهم يحتاجون إلى طرف ثالث أو أكثر لمساعدتهم على الخروج من انقسامهم، وهذا الطرف المتكرس بحكم الجغرافيا وأشياء أخرى هو مصر، ولقد شاءت الأقدار أن تصل إلى قيادة مصر قوة شقيقة لحركة حماس، وهذا ينبغي أن يكون عامل حسم في أمر المصالحة.
ذلك أن الإخوان في مصر الذين يجاهدون بصعوبة بالغة لتحويل فوزهم في الانتخابات إلى سلطة فعلية، يحتاجون إلى إنجاز معتبر هو تحقيق المصالحة التي بدت شبه مستحيلة في عهد مبارك، إضافة إلى أن الوضع الصعب للإخوان في مصر على صعيد تثبيت السلطة يحتاج إلى بلوغ حالة من الاستقرار في غزة تبعد عن كاهل إخوان مصر إحراجات هي غير مستعدة لها، خصوصا في ما يتصل بالعلاقة مع إسرائيل، التي لا تزال رغم وقف إطلاق النار تبدو حرجة للغاية، وقد تفضي إلى مزيد من المضاعفات المتعبة لمصر وقيادتها.
إن المصالحة الفلسطينية لو تمت وفق الوثائق التي تم إقرارها في القاهرة والدوحة هي الوصفة الوحيدة التي تؤدي إلى مزيد من الاستقرار على الساحة الفلسطينية، وهذا من شأنه أن يوفر وضعا مريحا لمصر التي تراها إسرائيل كمرجل يغلي بالأخطار الظاهرة والكامنة.
لقد قرأت حماس التطورات الأخيرة في مصر، أي منذ فوز الإخوان المسلمين في الانتخابات،

بقدر لافت من المبالغة في الرهان، إذ رأت في هذا الفوز نوعا من التتويج الأزلي لها في غزة والوعد المضمون بالسيطرة على الضفة، ولقد لاحظ كثيرون أن إخوان مصر كانوا محرجين كثيرا من هذا الرهان الثقيل وغير الواقعي، إذ انطلقت من غزة أصوات كثيرة أبدت خيبة أملها من قدرات الإخوان في مصر على قلب المعادلة بشأن غزة.
إن السقف الذي بلغه الإخوان الذين يحكمون أو يفترض أنهم يحكمون مصر هو ذات السقف الذي بلغه مبارك.. أي التوصل إلى وقف إطلاق للنار مع إضافة جديدة كان مبارك يعارضها تماما بينما وافق عليها إخوان مصر، وهي ضمان وكفالة حماس في التقيد بالقرار.
هذا الواقع ينبغي منطقيا أن يحسم قرار المصالحة في مصر، ويبد الإخوان المسلمين تحديدا، وحتى لو تطلب الأمر ضغطا قويا من المرشد ومساعديه على إخوان غزة كي ينفذوا ما عليهم من وثائق القاهرة والدوحة، وأن لا يضيعوا الوقت في الحوار المسهب على كل كلمة وفاصلة في الوثائق، التي تم التوصل إليها، ذلك أن ترف الحوار وإن كان مفهوما في سياق أوهام السيطرة المطلقة في الماضي، إلا أنه أضحى مضيعة للوقت وإهدارا للفرص وعلى إخوان مصر أن يقتنعوا بذلك.
أمر آخر يتعين على من سيتحاورون مجددا بشأن المصالحة إدراكه، وهو أن الشعبية الكاسحة للطرفين في الشارع الفلسطيني سوف تتحول منطقيا، إذ لم يقتنع المواطن الفلسطيني بأن المصالحة أنجزت بالفعل، وتخطئ حماس وتخطئ فتح لو ظنتا أن الجمهور الفلسطيني معهما كيفما كانتا وأينما اتجهتا.
إن مليونيات الضفة وغزة سوف تتلاشى تماما حين يكتشف المواطن أنه في واد وقيادات الانقسام في واد آخر!
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط