رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خليل حسين يكتب :استثمارات نتنياهو بالدم الفلسطيني

 خليل حسين
خليل حسين

ثمة ثوابت في الاستراتيجيات العسكرية والأمنية “الإسرائيلية” تتمركز على عدم قدرتها على بلع وهضم أي كسر لتوازن القوى يمكن أن تقع فيه، والثابت أيضاً في نفس المجال سعيها الدائم إلى تكريس الردع في مختلف جوانب الصراع مع الفلسطينيين وغيرهم في المنطقة .

في العام 2006 كُسر التوازن في عدوانها على لبنان كما ذهبت هيبة الردع، وتكرر الأمر عينه في عدوانها على غزة في أواخر العام 2008 . اليوم تعود “إسرائيل”إلى محاولة إعادة التوازن وترميم هيبة الردع كما حددها وزير الدفاع إيهود باراك في معرض تحديد الأهداف الأولية من عملية “عمود السحاب” . وبصرف النظر عن حقيقة الأهداف المعلنة حتى الآن، ثمة أبعاد وخلفيات رمت “إسرائيل” إلى محاولة تحقيقها .

في الجانب الفلسطيني تحاول “إسرائيل”، كما هو معلن، تحقيق إعادة ترميم هيبة الردع التي تداعت خلال الفترة الماضية، وبخاصة بعدما تبين مستوى القدرات  الاستراتيجية التي تمكنت المقاومة في غزة من امتلاكها كصواريخ “كورنت” و”فجر 5” وغيرها من الأنواع التي تعد نقلة نوعية مهمة في الصراع مع “إسرائيل”، والتي تمكنت من خلالها تسجيل سابقة فلسطينية نوعية بقصف” تل أبيب”، وهي المرة الأولى أيضاً منذ حرب الخليج الثانية بعد تساقط الصواريخ العراقية في العام 1991 . كما أطلقت صواريخ أخرى باتجاه منطقة ديمونا، وهي قضايا لا يمكن ل”إسرائيل” التساهل فيها أو غض الطرف عنها . لكن في المقابل ماذا حدث؟ بكل بساطة عززت المقاومة مستوى توازن الرعب وأبقت نصف مناطق “إسرائيل” تحت رحمة صواريخها، بصرف النظر عن مستوى تمدد العدوان زمانياً ومكانياً .

وفي المقلب “الإسرائيلي” الداخلي وهو الأمر غير المعلن طبعاً، يحاول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعزيز قدراته في الانتخابات التشريعية بالدم الفلسطيني، وهو أمر اعتادته القيادات “الإسرائيلية” سابقا، فمع كل انتخابات أو قضايا “إسرائيلية” مصيرية كان الدم الفلسطيني العامل الأهم ومجالاً مربحاً في عمليات تعداد الأصوات .

وبطبيعة الأمر اعتادت “إسرائيل” أيضاً استثمار الدم الفلسطيني في توجيه رسائل خارجية مختلفة، من بينها إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما وهو على أعتاب ولايته الثانية، في محاولة لتقييد سياساته تجاه مشروع حل الدولتين التي حاولت سابقاً

إجهاضها وتحاول حالياً القضاء عليه نهائياً قبل أي تحرك محتمل .

وإذا كان حلم نتنياهو بتوجيه ضربة عسكرية إلى البرنامج النووي الإيراني قد تبدّد قبل الانتخابات الأمريكية، فهو يحاول الآن بعدها، وكأنها ضربة غير مباشرة لطهران بعد إعلان الحرب بالواسطة التي بدأها مؤخراً بضرب مصنع اليرموك في السودان . الأمر عينه ينطبق على المقاومة في لبنان وإن بأوجه وبمستويات مختلفة .

ثمة مأزق كبير وضعت “تل أبيب” نفسها به، فهي بدأت الحرب على غزة لكن من الصعب تحقيق أهدافها المعلنة والمضمرة منها، فظروف غزة اليوم ليست كما قبلها، ومن الصعب تكرار السيناريوهات “الإسرائيلية” السابقة بأكلاف عادية يمكن استيعابها، كما أن الظروف العربية المحيطة ب”إسرائيل” وبخاصة المصرية ليست كسابق عهدها، ثمة روابط قوية بين الإخوان المسلمين الذين يحكمون مصر حالياً وحركة حماس، وهو اختبار وتحد حقيقي هو الأول من نوعه على هذا المستوى من التعقيد في العلاقات المصرية “الإسرائيلية” .

بين عملية “الرصاص المصبوب” في العام 2008 وعملية “عمود السحاب” في العام ،2012 الكثير من الشبه في الأهداف والدلالات وربما النتائج المحتملة للثانية . فهل سيتعلم القادة “الإسرائيليون” هذه المرة من الدروس السابقة؟ أو ستكون دروساً غير مستفادة في ظروف مغايرة لم تعرف “إسرائيل” قراءتها، أو تجاهلت فهمها كالعادة وسط حسابات داخلية عنوانها شهوة السلطة ولو على دماء الفلسطينيين مجدداً؟
نقلا عن صحيفة الخليج

تابعونا من جديد على فيس بوك:

بوابة الوفد الإلكترونية‎‎