عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أمجد عرار يكتب :انتخابات أمريكا والمراهنون

أمجد عرار
أمجد عرار

من يستمع إلى بعض المحللين العرب وهم يتحدّثون عن الانتخابات الأمريكية يضع رأسه بين كفّيه ويستغرب ما يسمع . الكلام والتحليلات والمراهنات هي ذاتها تتكرّر مع كل انتخابات أمريكية و”إسرائيلية«،

وكأن كل خيبات الأمل السابقة لا تراكم استنتاجات كافية لموقف واقعي يسلّم بأن المراهنة على التغيير الجذري في السياسة الأمريكية ارتباطاً بمن يجلس على كرسي البيت الأبيض، تضع أصحابها على سكّة انتظار بلا قطار ولا فائدة ولا نتائج سوى مضيعة الوقت والجهد والدم .

إذا كان الرئيس الساعي إلى ولاية ثانية من الحزب الجمهوري، يغرق هؤلاء المحللون في التوقّعات ويستخدمون الاعتبارات ذاتها المبنية على أنه في حال فوزه لن يعود بحاجة لإرضاء “إسرائيل”في ولايته الثانية والأخيرة، وبالتالي تتجه تحليلات “الجهابذة”لبث التفاؤل وزف البشرى للعرب بأن فوز الرئيس الديمقراطي لولاية جديدة سيعني أن أمريكا “الجديدة”ستدير ظهرها ل “إسرائيل”وتجبرها على تجميد الاستيطان والجلوس إلى طاولة المفاوضات وقبول الاختراع العربي العبقري المسمى “حل الدولتين«، الذي لم يخلص له سوى الانقسام الفلسطيني مشكوراً حيث أتى بدولتي الضفة وغزة . وإذا كان الرئيس الساعي للتجديد من الحزب الجمهوري تتمحور تحليلات “العباقرة”حول عقم سياساته الاقتصادية وتشويهه لسمعة أمريكا في العالم، ويستنتجون أنه لن يقنع الأمريكيين لانتخابه مجدداً، وبالتالي سيفوز منافسه “الديمقراطي«، ونعود لإسطوانة المراهنة عليه مجدداً .

لحسن حظ النقاش في هذا الموضوع أن التنافس في الولايات المتحدة مقتصر على حزبين لا ترى الفروق بينهما سوى بتلسكوب يملك القدرة على اكتشاف نجوم جديدة خارج درب التبانة . فالحزبان يتناوبان على كرسي الرئاسة منذ استقلال أمريكا، وبالتالي فإن كلا الحزبين مجرّب مراراً وتكراراً، لذلك سأصدّق حكمة الأجداد القائلة إن “من يجرّب المجرّب عقله مخرّب”أكثر من أي تحليل يخرج عن ربطة عنق فاخرة .

ليس ممكناً في هذه المساحة الضيّقة استعراض السياسة الأمريكية بالعودة كثيراً إلى الوراء، ويكفي المرور سريعاً على الحقبة الأخيرة، ففيها ما يكفي لنسج الحقيقة الدامغة التي تطرح أية مراهنة، بالضربة القاضية . نبدأ من “الديمقراطي”جيمي كارتر، فهو الذي جلب لنا اتفاقية “كامب ديفيد”التي أخرجت مصر من الصراع العربي

- “الإسرائيلي”وكبّلتها بقيود ما زالت مصر تعانيها حتى بعد سقوط النظام الذي وقّعها . ولم يصح ضمير كارتر على الحقيقة العنصرية ل “إسرائيل”إلا بعد أن أصبح مواطناً أمريكياً .

الجمهوري رونالد ريغان دعم العدوان “الإسرائيلي”على لبنان بلا حدود، وأتحفنا بمقولته الشهيرة، حين قال إن أجمل لحظة في حياته هي رؤية المقاتلين االفلسطينيين يغادرون لبنان، ورأينا كيف نتجت عن ذلك الخروج، مجزرة صبرا وشاتيلا . وإذا كان ريغان صاحب قرار قصف ليبيا في 1986 حيث قتل عشرات الأبرياء، فإن خلفه جورج بوش “الجمهوري”أيضاً دمّر العراق وجوّع شعبه .

“الديمقراطي”بيل كلنتون الذي أثار سيلاً من التوقّعات المتفائلة، هو الذي منح “إسرائيل”الضوء الأخضر لاجتياح الضفة الغربية بعد مفاوضات “كامب ديفيد”الثانية، عندما حمّل القيادة الفلسطينية مسؤولية فشل تلك المفاوضات . أما جورج بوش الابن فيكفي التذكير بالمطالبات في أمريكا نفسها وأوروبا بمحاكمته مجرم حرب، ما زالت آثارها الكارثية تتفاعل في العراق .

أما باراك أوباما فقد كان أكثر الرؤساء الأمريكيين إثارة لتفاؤل البعض، لدرجة أنه حاز جائزة نوبل للسلام “على اعتبار ما سيكون«، لكن شيئاً لم يكن، ولو كان هناك مبدأ منصف لسحبت منه الجائزة، لكن الواهمين يراهنون على ولاية ثانية، لنعود إلى الدوران في الحلقة المفرّغة ذاتها، مع فارق ظهور مراهنين جدد على منافسه رومني، بأن يعود إلى المنطقة بحرب من أجل “الحرية”.
نقلا عن صحيفة الخليج