رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

احمد القديدي يكتب :ماذا يخبئ (ميت رومني) للربيع العربي ؟

بوابة الوفد الإلكترونية

كلما حل موعد الانتخابات الأمريكية إلا وتساءل الستة مليارات من البشر عن مواقف الرئيس الجديد أو الجديد القديم من هذه القضية أو تلك لأن ما يمس أمريكا يمس العالم بأسره إلى درجة أن المفكر السياسي الفرنسي (ألن مينك) طالب بأن يقع انتخاب الرئيس الأمريكي من قبل كل سكان الدنيا لا من قبل الأمريكان فقط.

وفي الحقيقة رغم المبالغة فإن التأثير الأمريكي على مسيرة العلاقات الدولية تأثير عميق وحاسم لأسباب قد ترفضها الأيديولوجيات ولكن يقر بها الواقع والواقعيون لا للرضوخ الآلي لخيارات وضغوط واشنطن ولكن للتعامل مع السياسات الأمريكية بحذر وذكاء وإرادة. ولدينا في التاريخ السياسي الحديث أنموذجان عربيان من هذا التعامل العقلاني مع العملاق الأمريكي: الأول هو توظيف الزعيم بورقيبة لبعض اللقاءات مع كاتب الدولة الأمريكي (دين أتشيسن) في الأربعينات ليحرج القوة الاستعمارية الفرنسية أمام حليفها وولي نعمة تحريرها فيكسب لحركة التحرير التونسية صديقا مؤثرا وفاعلا، أما الثاني فهو الزعيم عبد الناصر أثناء العدوان الثلاثي على مصرفي أكتوبر 1956 حين أقنع الرئيس الأمريكي (دوايت إيزنهاور) بأن فرنسا وبريطانيا وإسرائيل تتحدى واشنطن وتريد زعزعة مصالح أمريكا في الشرق الأوسط فهدد (إيزنهاور) الحلفاء الثلاثة وأمرهم أن يغادروا أرض مصر. أما النماذج الفاشلة والمدمرة فكثيرة أبرزها (الطز في أمريكا) التي رفعها القذافي شعارا أجوف انتهى به منذ حادثة (لوكربي) إلى التفريط في كل ثروات ليبيا للغرب وتبني شعار (طز في العرب) إلى آخر المسرحيات الهزلية المأساوية المعروفة.
واليوم نقف أمام حدثين لا بد أن نربط بينهما وهما: تداعيات الربيع العربي على طبيعة العلاقات الدولية واقتراب موعد 18 نوفمبر الذي سيحدد فيه الناخب الأمريكي مصير البيت الأبيض. وحتى أدرك خفايا تحول متوقع في الاستراتيجيات الأمريكية تجاه العرب استطلعت آراء صديقي القديم (ليندن لاروش) وهو المستشار الأسبق للرئيس ريغن وأبو برنامج حرب النجوم ثم آراء صديقي الحميم (جاك شوميناد) المرشح للرئاسيات الفرنسية 2012 والمحلل الاستراتيجي القيم واتفق الرجلان بأنه في حال فوز (ميت رومني) بالرئاسة فإن موقف واشنطن من العالم العربي سوف تعاد صياغته على أسس مختلفة تفرضها فلسفة الحزب الجمهوري الجديدة إزاء الحفاظ على المصالح العليا للشعب الأمريكي وهي فلسفة مناقضة تماما للرؤية (الأوبامية) للعالم العربي والإسلامي عموما والتي عبر عنها في خطاب جامعة القاهرة يوم 6 يونيه 2009 وهي رؤية بدأت بالسلام عليكم ورسم خطة أمريكية عربية لمقاومة الإرهاب (بالمعنى الأمريكي والإسرائيلي) لا بالمعنى اللغوي للكلمة وخطة للتعاون الاقتصادي واعتراف بأن لا دولة يمكن أن تفرض الديمقراطية على دولة أخرى (هنا كان أوباما يريد طمس معالم بوش الابن) وخطة لمعالجة الملف النووي الإيراني بجعل العرب يعوضون العداء لإسرائيل بالعداء لإيران.
ويأتي اليوم (ميت رومني) في صورة فوزه بنظرة مختلفة لنفس القضايا العالقة فيرى أن أوباما لم يحم القنصلية الأمريكية بليبيا وأن مصرع أسامة بن لادن ليس عملا بطوليا لأن استفحال القاعدة في شمال مالي وجنوب اليمن

وعلاقات الأحزاب الإسلامية العربية بالقاعدة والسلفيين عموما بعد وصولها للسلطة ما تزال تطرح أسئلة مقضة لمضاجع ومصالح الأمريكان ولأن واشنطن عاينت قلة خبرة النخب الحاكمة وتلعثمها الأمني بعد الربيع العربي من خلال مقتل السفير (كريستوفر جونز) في ليبيا والهجوم على السفارات الأمريكية في تونس ومصر وصنعاء وحللت بطانة (رومني) من الخبراء الوضع في سوريا لا على ضوء المسيرة الديمقراطية العربية (كما تعلن الوزيرة هيلاري كلنتن) بل على ضوء العلاقات الأمريكية الروسية والصينية لأن (رومني) يعتقد أن أوباما يزج بالولايات المتحدة في أتون حرب باردة جديدة تقترب جدا من نشوب حرب عالمية نووية بسبب انتشار درع صاروخي أمريكي – أطلسي على تخوم روسيا وهو أمر يرفضه (بوتين) وهو بصدد مراجعة قواته بتعزيز قدرات روسيا النووية في البر والبحر والجو.
إننا في العالم العربي نرتكب أخطاء استراتيجية فادحة لأن نخبنا تنقسم إلى قسمين وهميين: قسم يؤله الدور الأمريكي ويضخمه وينفخ فيه لأسباب عقائدية وقسم يهون منه ويستصغره بل أحيانا لا يعترف به أصلا. وكلا الفريقين على ضلال مبين وتدرك واشنطن من خلال مراكزها البحثية هذه الحقيقة فلا تعول على رأي عربي عام له توجهات عقلانية ومصالح دائمة ومخططات مسؤولة بل تتعامل مع العالم العربي مع الأسف كأنه شظايا دول غير مكتملة وتحكمه نخب مزاجية عاطفية لا تجتمع على رأي ولا تحترم الاختلافات بينها. هذه عقيدة (رومني) التي سيواجه بها شعوبنا لو انتصر في الرئاسيات القادمة وهي مرحلة دقيقة لست مقتنعا شخصيا أننا استوعبناها وقيمناها وأعددنا لها ما استطعنا من الحكمة والترفع. الأمر المجهول في سلوك (رومني) تجاه المسلمين ربما يكون نوعا من التعاطف السري وغير المعلن مع تعاليم الإسلام الذي يبيح تعدد الزوجات لأن (رومني) كما نعلم ينتمي إلى طائفة المرمون (7 ملايين أمريكي) وهي الطائفة التي تبيح التعدد بل تدعو إليه لأنه حسب منشورات المرمون يصون المرأة والأسرة والمجتمع.

نقلا عن صحيفة الشرق القطرية