رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حسين شبكشى يكتب : أفريقيا.. الحلم القادم!

حسين شبكشى
حسين شبكشى

أوضحت دراسة اقتصادية مهمة صادرة من دار بحثية مرموقة، أن هناك اتجاهات جديدة ستشكل وجه الاقتصاد العالمي في السنوات العشر المقبلة.

وفي هذه الدراسة تظهر القارة السوداء أفريقيا كالاختيار البديهي لتكون مركز الصناعات للتكلفة المنخفضة، وهي المكانة التي احتكرتها لسنوات غير قصيرة أكثر من دول في جنوب شرقي آسيا بالتناوب، فكانت تنتقل بين تايلاند وماليزيا وإندونيسيا وتايوان وكوريا والصين وفيتنام وكمبوديا، وذلك لأن الأيدي العاملة في أفريقيا تكلفتها أقل، وهناك تطور وتحسن واضحان في مناخ الأعمال والبنية التحتية المصاحبة له.
السنوات القليلة الماضية شهدت ضخا متواصلا من رؤوس الأموال في مشاريع بكل من نيروبي ولاغوس وأكرا على سبيل المثال لا الحصر.
دول جنوب الصحراء الأفريقية تحولت إلى مغناطيس جاذب للاستثمارات ولمديري المحافظ في كبرى بيوت المال، والدليل المؤكد لذلك أن معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر في القارة ارتفعت بأكثر من 50 في المائة منذ عام 2005.
هناك الكثير من المصارف المرموقة الدولية التي باتت تضع القارة السوداء نصب عينيها وتراقب فرص الاستثمار فيها بجدية كبيرة، ومن أهمها مصرف «جي بي مورغان» الذي أضاف نيجيريا إلى مؤشر اقتصاديات الدول الناشئة لديه، وفي نفس الوقت توقع أن يجني الاقتصاد النيجيري أكثر من 1.5 مليار دولار كعوائد من بيع سندات خزانة نيجيرية للمساعدة في تمويل مشاريع مهمة ومطلوبة.
وفي نفس الوقت، هناك مجاميع من «الشكاكين» في فكرة ومقولة، إن أفريقيا على موعد مع عصرها الذهبي، وإن هذه المسألة مبالغ فيها جدا وغارقة في تفاؤل مضلل، لأن معظم الدول الأفريقية أسيرة خلطة مدمرة من الفقر والفساد والبؤس، ويستدلون على ذلك بدراسة كبيرة قدمت من مؤسسة دولية مرموقة ذكرت أن 9 من الدول الـ11 الرئيسية المهددة بمجاعة كارثية هي دول أفريقية.
ولكن هناك لغة أخرى لا يمكن إنكارها ولا الإقلال من أهميتها، وهي لغة الأرقام، ولغة الأرقام تقول عن القارة الأفريقية معلومات تستحق التمعن فيها والوقوف عندها. فبناء على إفادة صندوق النقد الدولي التي تقول، إن أفريقيا تتمتع بمعدل نمو متوسط يفوق الـ5 في المائة سنويا في عام 2012، وهو أقل من التقديرات التي كانت قد وضعت لها في السابق، وأوضحت أن النمو سيصل إلى 5.4 في المائة، وطبعا هذه النسبة أعلى بكثير من القارة الأوروبية

العجوز المصابة بنكبة اقتصادية حادة جدا.
أفريقيا فيها الكثير من مواضع ومكامن الجذب الاقتصادي للمستثمرين، ففيها تعداد سكاني شاب ونسب تعليم متحسنة وتحسن في نسب طول العمر وتحسن جودة الحياة وزيادة في سكان المدينة على حساب سكان الأرياف، وهذا يجعل الاستثمارات أكثر فعالية وديناميكية، وطبعا تعدد الثقافات واللغات يضيف للقارة ميزة تنافسية لافتة لتكون معبرا صناعيا لأسواق أخرى.
وتلعب التقنية الحديثة العالية دورا مهما وفعالا في ردم الهوة بين الأغنياء والفقراء وبين الخدمات وطالبيها، فعن طريق شبكات الهواتف الجوالة وشبكات الإنترنت قدمت وسائل سداد حديثة بإيصال المبالغ والخدمات والسلع في أماكن بعيدة جدا، وبات من الممكن تقديم الخدمات التعليمية والصحية لناس فقدوا الأمل تماما في أن تصل لهم في يوم من الأيام.
وهناك نقطة أخيرة مهمة حصل فيها تطور لا بد من ذكرها، وهي الحوكمة الرشيدة؛ الحكومات اليوم كثير منها ينتخب في حراك ديمقراطي لافت يلقى استحسان الهيئات السياسية الدولية لمؤسسات المجتمع المدني العالمية، وبات الإعلام والقضاء عينين للشعب لمواجهة ومحاربة الفساد السياسي بقدر الإمكان، وإن كان المشوار لا يزال بعيدا حتى يصل للدرجة المرضية، ولكنها خطوات مهمة في طريق طويل، كل ذلك جعل أفريقيا هدفا لذهاب رؤوس الأموال والكفاءات البشرية إليها. وتذكر كبرى شركات التوظيف في العالم أن معدلات مرتبات التنفيذيين الذاهبين لأفريقيا زادت بأكثر من 30 في المائة في العام الماضي.
باختصار شديد جدا أفريقيا اليوم هي ما كانت عليه الصين والهند منذ عشر سنوات!

نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط