رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جلال عارف يكتب :مرسي وبيريز.. و«حبك نار»

بوابة الوفد الإلكترونية

الرسالة التي أرسلها الرئيس المصري محمد مرسي إلى رئيس الكيان الصهيوني شيمون يبريز طالباً اعتماد السفير المصري الجديد، أثارت عاصفة سياسية جديدة ضمن سلسلة العواصف التي تشهدها السياسة المصرية في ظل القيادة المرتبكة.

الرسالة التي حملها السفير المصري الجديد كانت صادمة لمشاعر المصريين، وكانت كاشفة بأبشع صورة ممكنة عن السياسة المخادعة لجماعة الإخوان المسلمين. وأيضاً عن الرغبة الاسرائيلية في فضح الجماعة وكسر أنفها، وبتسريب الرسالة التي يخاطب فيها الرئيس مرسي الصهيوني الاسرائيلي شيمون بيريز بـ"عزيزي وصديقي العظيم" ويختمها بتوقيع "صديقكم الوفي"!! وذلك بعد أيام قليلة من خطاب لمرشد الجماعة الدكتور محمد بديع يدعو فيه إلى "الجهاد" ضد العدو الاسرائيلي !!
بالنسبة لي، كان الأشد إيلاماً أن يتحدث الرئيس مرسي في خطاب للرئيس الاسرائيلي عن رغبته في اطراد" علاقات المحبة التي تربط لحسن الحظ بلدينا "..يا خبر أبيض!!.. علاقات محبة" بعد كل الرفض الشعبي لتطبيع العلاقات مع الاسرائيليين رغم أكثر من ثلاثين عاماً من الضغوط والاغراءات؟!.. "علاقات محبة" بعد كل المجازر التي ارتكبتها اسرائيل ضد شعوبنا العربية، وبعد قتل جنود مصريين في سيناء برصاصات اسرائيلية، وبعد تآمر ضد مصر لحرمانها من شريان حياتها وهو مياه النيل، وبعد أن أصبحت سيناء في قبضة الارهاب، وبتشجيع اسرائيل واختراقها للمنظمات الإرهابية، ورفضها تعديل المعاهدة مع مصر ليستطيع الجيش المصري استعادة السيطرة على سيناء؟!
في البداية قالت الجماعة بكل ثقة إن الرسالة المنشورة مزورة، وإنه لا يمكن للرئيس أن يضع توقيعه عليها، وإن الأمر كله تآمر ومحاولة لتشويه موقف "الاخوان المسلمين" الثابت من القضية الاساسية عند العرب والمسلمين. ثم سكتت الجماعة بعد ذلك، ولم تقل كلمة واحدة عن إشكالية "الجهاد" الذي دعا إليه مرشد الجماعة لتحرير فلسطين، في ظل "علاقات المحبة" التي يشيد بها الرئيس مرسي ابن الجماعة ورئيس حزبها السابق ورئيس مصر حتى يقرر الدستور القادم مصيره!
أما الرئاسة فتقول إن صيغة الخطاب الذي يحمله السفراء هي صيغة موحدة، وإن علينا أن نعترف بأن هناك معاهدة وعلاقات رسمية منذ أكثر من ثلاثين عاما، وردت القوى الوطنية علي ذلك، بأنه لو كانت هذه هي الصيغة الموحدة والمعتمدة مع كل السفراء، فقد كان من الواجب تغييرها في هذه الحالة وفي هذا التوقيت. وإنه مع الاعتراف بأن هناك معاهدة وعلاقات رسمية مع اسرائيل، فإن هناك أيضا ثورة في مصر وكارثة (هم طرف فيها) في سيناء.
طلباً للحقيقة، سألت أحد رموز الدبلوماسية المصرية، وقال الرجل إن هناك بالفعل صيغة موحدة للرسالة التي يحملها السفير المصري عند تعيينه في أي دولة، ولكن هذه الصيغة تختلف عما رأيناه في الرسالة التي سربتها اسرائيل واعترفت بها الرئاسة المصرية، أين الخلاف؟
الرسالة الموحدة التي يحملها السفراء المصريون هي رسالة رسمية بامتياز. أي أنها لا تحمل أي مشاعر خاصة، او عبارات عاطفيةوتخاطب فخامة الرئيس، او جلالة الملك، أو سمو الأمير، ولا تخاطب "الصديق الوفي" ولا تتحدث عن "علاقات المحبة"، خاصة في ظل ظروف تتباهي فيها اسرائيل بأنه رفضت طلباً رسمياً من مصر لتعديل "المعاهدة "حتى يتمكن الجيش المصري من إدخال القوات القادرة على دحر الارهاب في سيناء!
أغلب الظن أن العنوان الحقيقي الذي أريد للرسالة أن تصل إليه هو واشنطن وليس تل أبيب!!.. فلم يعد خافياً أن دعم واشنطن لوصول الاخوان المسلمين إلى السلطة

في مصر كان مرتبطاً بالتزامات قاطعة قدمتها الجماعة كان أولها الحفاظ على المعاهدة المصرية-الاسرائيلية، لكن القضية مع واشنطن لم تعد فقط تنحصر في تأمين اسرائيل، ويشعر الاخوان المسلمون، أنه بصرف النظر عن معركة الرئاسة الامريكية فهناك في واشنطن عملية مراجعة في وزارة الخارجية للسياسة الامريكية في الشرق الاوسط.
وهناك اتجاه يقوى لـ"فرملة" التأييد السابق لتجربة جماعات الاسلام السياسي (المعتدل) باعتباره طريقاً لصد التوجهات المتطرفة، بعد أن ثبت أن هذا الافتراض غير دقيق. في هذا الاطار قد يكون "العنوان الأميركي" لرسالة مرسي هو الأهم، وقد يكون المطلوب توصيله لواشنطن هو "أننا مستعدون للسير خطوات كبيرة في هذا الطريق إذا منحتونا الوقت والدعم .
فلا تهتموا بالمظاهر، وانسوا حكاية خيبر خيبر يا يهود"!! وقد يكون لافتاً في نفس الطريق أن يؤكد رئيس الوزراء المصري على دعم حكومته لبرنامج "الكويز" الذي يتشارك فيه صناعيون مصريون واسرائيليون تحت رعاية أمريكا. وقد يكون لافتاً أكثر من "الرسالة الفضيحة" إرسال السفير المصري نفسه إلى اسرائيل، وفي نفس التوقيت مع السفير الاردني الجديد بعد طول امتناع، وقد يكون لافتاً أيضاً التحرك القطري المصري مع "حماس".
في الوقت الذي يتعرض فيه الرئيس الفلسطيني أبو مازن لضغوط هائلة من أميركا وحلفائها ولتهديدات بالتصفية من اسرائيل لمنع التقدم للأمم المتحدة بطلب اعتماد فلسطين دولة غير كاملة العضوية في المنظمة الدولية . الصدمة من رسالة المحبة كبيرة بلا شك حتى في صفوف الاخوان المسلمين أنفسهم، وخاصة الأجيال الشابة. ليس فقط لتعارضها مع المواقف المعلنة للجماعة وللرئيس، ولكن لأنها تجيء في ظل ثورة كان احد توجهاتها الأساسية رفض التبعية وعودة مصر لدورها العربي الذي غاب طويلاً . لكن الأخطر، إذا أخذنا اهمية العامل الأميركي.
فيما وقع- هو أن تنزلق السلطة الجديدة إلى المحظور، وأن تعود لما آمن بها بعض أقطاب النظام السابق وألحق بمصر أفدح الأضرارحين تصوروا أن أفضل طريق للوصول لعقل الادارة الاميركية هو التفاهم مع اسرائيل التي ستضمن لك موافقة الكونجرس وتأييد الإعلام وقرار البيت الابيض !! يا ترى.. أي ثمن فادح سوف تدفعه مصر والأمة العربية، حين يتنقل البعض من منطقة "خيبر خيبر يا يهود".. إلى منطقة "حبك نار"؟!!