رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إلياس حرفوش يكتب:رسائل الاغتيال

إلياس حرفوش
إلياس حرفوش

اذا كان كثيرون قد فوجئوا بقدرة القتلة على الوصول الى العميد وسام الحسن، المسؤول الامني الذي كانت مهمته حماية الآخرين، فالارجح ان وسام الحسن نفسه لم يفاجأ.

بل يمكن القول انه كان يعرف خطر الخيوط التي يتابعها والشبكات التي يكشفها والقرارات التي يتخذها بهدف ضمان امن اللبنانيين، في بلد مشهور بانكشافه الامني على كل المصالح والاجهزة.
لذلك لم يبالغ رئيس الجمهورية ميشال سليمان عندما اعتبر في كلمته في تأبين الحسن ان اغتياله موجه الى الدولة ومقصود به اغتيالها. فالذين تمكنوا من اغتيال هذا الرجل، وهو على رأس احد ارفع الاجهزة الامنية المكلفة منع هذا النوع من الجرائم، ارادوا توجيه رسالة واضحة الى الجميع، من سياسيين وقضاة وامنيين ومواطنين عاديين، انهم قادرون على الوصول الى اي كان مهما علا شأنه ومهما بلغت درجة حذره واحتياطاته.
ولكن، من هم هؤلاء القتلة اصحاب المصلحة في توجيه هذه الرسالة الى اللبنانيين؟
كثيرون يردون: لا تتسرعوا في «الاتهام السياسي». اتركوا التحقيق يكمل عمله ويعلن نتيجة ما يتوصل اليه! من دون ان يدرك هؤلاء انه بعد اغتيال الحسن، سيحتاج اي تحقيق في قتله الى انتحاري، سواء في الجهاز الامني او القضائي، كي يجرؤ على كشف هوية الفاعل ومن يقف وراءه، هذا اذا تمكن من العثور على خيط يوصله الى ذلك.
غير انه يكاد يكون من باب تجهيل الفاعل هذه الدعوة الطوباوية الى انتظار نتائج التحقيق. فالمعروف في التحقيق في اية جريمة ان اول الخيوط التي تقود الى الاتهام هي تلك التي تبحث عادة عن صاحب المصلحة وعن المحرّض وعن الطرف الذي كان يشن الحملات قبل الاغتيال. صحيح أن هؤلاء سكتوا الآن بل كانوا يبدون الحزن العلني يوم التشييع. لكن غيابهم عن المشاركة كان كافياً لفضح شعورهم بـ «النصر» وبأنهم حققوا اخيراً ما كانوا يدعون اليه منذ سنوات من خلال حملتهم على «الشعبة» وعلى رئيسها، الذي لم يشفع له كشفه لقسم واسع من شبكات التجسس الاسرائيلية في البلد، وبينها شبكات داخل جهاز «المقاومة» نفسه وأحد أفراد الحلقة الضيقة حول «المتفاهم»، القادم في خريف العمر الى ساحة «الممانعين».
لقد كان الوزير وائل ابو فاعور شجاعاً في صراحته امام عدد من زملائه على طاولة مجلس الوزراء عندما توجه اليهم بالقول، عندما كانوا يشيدون بمزايا رئيس شعبة المعلومات القتيل: ليت وسام الحسن ما زال على قيد الحياة ليسمع اشادتكم به بعدما ظُلم

في حياته. وكنا نتمنى ان يُنصف قبل موته.
الرسالة الاخرى وراء الاغتيال موجهة الى العمل الامني الذي ينتظر ان تكمله شعبة المعلومات او اي جهاز آخر يسعى الى حفظ الامن على قاعدة السيادة الوطنية، بعيداً من المحاصصات السياسية ومن الخضوع او مسايرة الولاءات الخارجية، وعلى الاخص تلك التي يعبر عنها الاستزلام المستمر لدى عدد من القيادات للوصاية السورية. فهذا العمل الامني لا يمكن ان يصل الى نتيجة الا اذا كان أمناً محصناً وموحد الهدف. غير ان الذي يشهده لبنان اليوم هو تشتت القرار الامني، في انعكاس واضح للفرقة السياسية التي تشق البلد على اسس طائفية ومذهبية. ولم يعد سراً ان المحاصصة في الاجهزة الامنية والاضطرار الى تلزيم بعض هذه الاجهزة لجهات معينة هو الذي يعوق نجاحها في القيام بمسؤولياتها في حماية المواطنين، ذلك ان هذه الجهات التي احتكرت قرار الحرب والسلم، هي التي تحتكر ايضاً قرار المسموح والممنوع في السلوك الوطني، وتقرر على اساسه درجات الوطنية والخيانة، والعقوبات التي تترتب على ذلك.
والنتيجة ان الاختراق الامني الذي سهّل اغتيال وسام الحسن هو اختراق لبناني بالاساس. ما يدفع الى السؤال عن عمل الاجهزة الامنية وعن مرجعياتها وعن السلطة التي توجه قراراتها. وليس بعيداً من هذا الكلام التساؤل عن هوية القرار الامني في مطار بيروت الدولي، الذي خرج منه وسام الحسن وقبله جبران تويني الى قبريهما. والذي يمكن ان يودي بآخرين الى المصير ذاته طالما لم يكن الامن في لبنان يعمل على سكة واحدة ولهدف واحد.
وهذا هو الاغتيال الحقيقي للدولة يا فخامة الرئيس.
نقلا عن صحيفة الحياة