رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شريف عبدالغني يكتب :النخبة المصرية بين الانتهازية والغباء السياسي!

شريف عبدالغني
شريف عبدالغني

كلما حاولت أن أجلس بهدوء لتقييم الفترة الماضية من حكم الرئيس محمد مرسي، بعيدا عن الصخب الإعلامي والضجيج المثار حوله وعاصفة المطالب الفئوية التي تهب عليه باستمرار،

أجدني مضطرا إلى «التخندق» معه والدفاع عنه. السبب بسيط جدا: إنه أول حاكم مصري يصل إلى السلطة بـ «الشرعية الشعبية»، والواجب والمنطقي أن نعينه على أداء مهامه باعتبار أن نجاحه يعود على مصر ومعها العالم العربي بالإيجاب. أما العمل على إفشاله فهو فعل يرتكبه حمقى لا يدرون أن «غرق المركب» تعني نهاية كل من فيها.
هل معنى أن نعينه على النجاح، ألا ننتقد أداءه؟ بالطبع لا. فأول أسس نجاحه أن نبصّره بما وقع فيه من أخطاء، وأن نشيد بما أنجزه من إيجابيات. الرجل نفسه بعد فوزه بانتخابات الرئاسة طلب من الشعب أن يقوّمه إذا أخطأ، وأكد -وأظنه صادقا- «أن عليه واجبات وليس له حقوق». ملحوظة: وزير المالية صرح مؤخرا أن الرئيس لم يتقاض راتبه حتى الآن. ومرسي ذكر في خطاب شعبي «أنه لا يتقاضى بدلات سفر خلال جولاته الخارجية».
ما يحدث في مصر حاليا من هجوم على رئيس الدولة ليس نقدا أو تقويمًا أو حتى هجوما لاذعا. إنها محاولة صريحة وعلنية وفاجرة لإسقاطه. بصراحة ودون لف أو دوران %99.9 من معارضي «مرسي» من السياسيين الذين يصفون أنفسهم بـ «زعماء الشارع»، لا يعارضونه من أجل مصحة مصر. هم لا يفكرون سوى في أنفسهم، وكل هدفهم قصور السلطة ومقاعد الحكومات ووهج الاجتماعات. ومن هذا المنطلق يدعون إلى مظاهرات ضد الرئيس اليوم الجمعة.
مهما فعل الرئيس فلن يعجبهم. لو أتى بلبن العصفور فهو «فاشل». وإذا جاءت كل قراراته في صالح الوطن فإنه- كما يرونه- ليس إلا أداة في يد مرشد جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع، ووسيلة لتنفيذ «مخططات» نائب المرشد المهندس خيرت الشاطر بالسيطرة على مفاصل الدولة، لكنهم لم يهدؤوا لحظة ليروا أن الواقع يكذبهم ويفضحهم. فـ «الإخوان» قدموا 34 مرشحا لمناصب وزارية تم اختيار 5 منهم فقط.
كتبت من قبل عن مساوئ من يطلقون على أنفسهم «النخبة المصرية». من بينها الانتهازية و «التنظير» والبعد عن الشارع والتعالي على اختيارات الشعب. لكن الأحداث أثبتت أنهم فوق هذا «إزدواجيون» ولديهم نصيب وافر من «الغباء السياسي». هذا الغباء الذي ظهرت بوادره أثناء جولة الإعادة من انتخابات الرئاسة بخروج مطالبات من شخصيات معتبرة ذات قوة تنظير ثلاثية في استديوهات الفضائيات، بأن يتنازل المرشح رقم 1 في عدد الأصوات الدكتور محمد مرسي لصالح المرشح رقم 3 حمدين صباحي ليخوض الإعادة أمام أحمد شفيق صاحب المركز الثاني. أطلقوا هذه المسخرة التي جعلتهم أضحوكة أمام العالمين. فلم يكلفوا خاطرهم أن يقرؤوا قانون الانتخابات ليعرفوا أن هذا التنازل لا يصح، وأنه في حالة حدوثه لن يتم تصعيد «صباحي» بدلا من «مرسي» بل يجري استفتاء على «شفيق» بمفرده، ووقتها كان سيصل لا محالة لكرسي الرئاسة.
قبل هذا وبعده تزداد مواقفهم المتناقضة والإزدواجية كل يوم. يصرخون من «سريـحة» الصحف والفضائيات الذين انهالوا سبا وقذفا على كل الرموز المساندة للثورة، وخلطوا الرأي بالخبر والمعلومات بالأكاذيب، وجعلوا سمعة الإعلام المصري في الحضيض، وحينما تتخذ الدولة إجراءات ضد هؤلاء المخالفين لكل القواعد المهنية والأخلاقية، تفاجأ بأن فئة «الصارخين» ينقلبون 180 درجة ويتباكون على «تكميم الأفواه» وكبت الحريات ومطاردة أهل الفكر.
حينما بدأ الرئيس جولاته الخارجية، مارسوا نفس التناقض. دعوا إلى الاتجاه إلى القوى الصاعدة عالميا، لكنه لما زار الصين إحدى أهم القوى الكبرى الناهضة عالميا

لم يعجبهم، وقالوا إن أوراق الشرق الوسط بأيدي الولايات المتحدة. إذا أرسل رسائل اطمئنان إلى واشنطن بأن القاهرة ملتزمة بتعهداتها نحو السلام وما وقعت عليه من اتفاقيات دولية، يتهمونه بممارسة نفس سياسة مبارك في موالاة الغرب. لو زار دولة عربية يتهمونه بالتقليل من قيمة مصر، ويسألون: «لماذا لا يأتون هم إليه بدلا من أن يذهب إليهم». ولما يأتي حاكم عربي إلى القاهرة يوجهون سهام النقد إلى «مرسي» بأنه يلتقي القادة حتى يقبض منهم دعما لجماعة «الإخوان» وليس لمصر.
كثيرا ما خرجوا في مظاهرات يطالبون بإنهاء حكم العسكر، وإلغاء الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري وإقالة المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان، عندما ينفذ الرئيس هذه المطالب التي ظنوها مستحيلة عليه، إذا بهم لا يعترفون له بإنجاز، وبمنتهى الصفاقة يتهمونه بالانقلاب على «الإعلان المكمل» الذي تولى السلطة على أساسه، وبالتدخل في عمل القوات المسلحة.
الأمر نفسه فعلوه عند إعفاء النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود من منصبه والذي طالما بحت أصواتهم من المطالبة بإقالته ومحاكمته باعتباره أحد كبار «فلول» مبارك، واتهامات له بطمس الأدلة في قتل المتظاهرين وغيرها من القضايا التي تدين نظام المخلوع. ولما قرر «مرسي» إعفاء «محمود» لم يكن غريبا أن يمارسوا نفس التراجع للخلف ويقسمون أن الرئيس «يتغول» على السلطة القضائية، ولا يحترم القانون. هكذا الرئيس الشرعي دائما مدان.. إذا صلى في العلن فهو يكلف الدولة مبالغ باهظة لحراسته. ولو سكن في شقة «إيجار» فهو يدعي الزهد.
ولأن العدوى في مصر تنتشر بسرعة الصاروخ، فإن مأساة القوى المعارضة للرئيس انتقلت إلى جبهة المعارضة بالنادي الأهلي أكبر وأهم الأندية المصرية والعربية والإفريقية. الجبهة طالما انتقدت رئيس النادي حسن حمدي وطالبت بعزله، ولما أحيل الرجل للتحقيق بتهم تضخم الثروة والكسب غير المشروع اضطروا إلى مساندته خوفا مما أسموه «أخونة» النادي، بعدما نما إليهم أن وزير الرياضة سيقرر إذا جرى إحالة «حمدي» إلى محكمة الجنايات، تعيين مجلس مؤقت لإدارة النادي برئاسة أحد أنقى أبنائه وهو عبدالعزيز عبدالشافي. وكل تهمة الأخير أنه ملتزم دينيا، وهذا يعني حسب اعتقادهم أنه «إخوان»!!
يا دكتور «مرسي».. سنؤجل وقت الحساب والتقييم، طالما من يقودون الحرب ضدك أشخاص كريهة بلا مبدأ، ولا يعرفون الفارق بين «نقد رئيس الدولة» و «هدم الدولة»!!
نقلا عن صحيفة العرب القطرية