عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

احمد فودة يكتب :مرسي واستعادة القضية الفلسطينية

احمد فودة
احمد فودة

تشير التحركات التي يقوم بها الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي، منذ وصوله إلى سدة الحكم إلى سعي حثيث من أجل إحداث تغييرات كبيرة فيما يتعلق بخط سير القضية الفلسطينية،

عبر وضع إستراتيجية تقوم على عدة اعتبارات أولها يخص الدور المصري في القضية، الذي انحرف بشدة خلال السنوات الثلاثين الماضية، تحت مسمى الوسيط المحايد الذي تحول إلى محايد سلبي يقف إلى جانب إسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية.
ويسعى النظام الجديد في مصر إلى التحول من دور المحايد السلبي إلى دور المحايد الإيجابي الذي يقف إلى جانب الفلسطينيين في مواجهة الأطماع الإسرائيلية، على اعتبار أن مصر جزء من قضية الصراع العربي الإسرائيلي.
أما الاعتبار الثاني فيتعلق باستعادة القضية الفلسطينية كقضية صراع عربي إسرائيلي، بعيدا عن الأزمات الثانوية التي افتعلتها إسرائيل من أجل حرف مسارها، مثل أزمة الحصار على قطاع غزة والصراع بين فتح وحماس ومشكلة المعابر، وغيرها من المشكلات والأزمات التي غطت على أصل القضية كقضية احتلال إسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية.
في هذا الإطار تأتي التحركات المصرية من أجل القضاء على هذه الأزمات الثانوية، حسب ترتيب الأولويات، بادئة بأزمة الحصار على قطاع غزة بالنظر إلى أن التبعات المترتبة عليه تخص، إلى جانب القضايا الإنسانية في القطاع، قضايا الأمن القومي المصري، والتي ظهرت واضحة في الحادثة الإرهابية التي وقعت في شهر أغسطس الماضي في مدينة رفح المصرية وراح ضحيتها أكثر من 16 جنديا مصريا على الحدود الدولية مع إسرائيل، حيث تشير التحقيقات إلى تورط عدد من الفلسطينيين دخلوا إلى سيناء عبر الأنفاق المحفورة بين مدينة رفح المصرية وقطاع غزة، وهي الأنفاق التي لجأت إليها حركات المقاومة الفلسطينية من أجل مواجهة الحصار الاقتصادي الخانق على القطاع، حيث تستخدم هذه الأنفاق في إدخال ما يزيد على 60% من احتياجات فلسطينيي غزة.
ومن أجل القضاء على هذه الأزمات وتبعاتها، فقد أعلنت مصر عن السعي إلى إنشاء منطقة تجارة حرة بينها وبين قطاع غزة، جزء منها يكون في مدينة رفح المصرية والجزء الآخر يكون في مدينة رفح الفلسطينية. وتمر بثلاث مراحل، تتعلق المرحلة الأولى بالتبادل التجاري الذي يوفر المنتجات الأساسية لسكان القطاع. أما فيما تتعلق بالمرحلتين التاليتين، فسيتم التوسع في حجم التبادل عبر إنشاء مشروعات استثمارية تخص مختلف الصناعات التي تخدم مصر والقطاع.
وسوف يتزامن إنشاء منطقة التجارة الحرة مع التوافق مع حركة حماس وباقي الحركات الجهادية على تدمير كافة الأنفاق على الحدود بين الجانبين، وكذلك إصدار قوانين تجرم حفر أنفاق جديدة، وذلك من أجل القضاء

على أي محاولة للتأثير في الأمن القومي المصري والعلاقات مع حركات المقاومة الفلسطينية مستقبلا، فضلا عن إخراج حركة التبادل التجاري بين الجانبين إلى الشكل العلني الرسمي بدلا من الشكل السري الذي اتخذته طوال السنوات الماضية.
وسوف تسعى مصر بالتزامن مع ذلك إلى إنهاء الصراع بين حركتي حماس وفتح من أجل توحيد الشعب الفلسطيني للتفرغ للقضية الأساسية المتمثلة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
ورغم عدم وجود مؤشرات علنية على التحرك في ملف المصالحة الفلسطيني، إلا أن هناك جهودا تبذل بشكل سري من أجل القضاء على أي معوقات يمكن أن تواجه عملية المصالحة، كما حدث من قبل حينما حاولت مصر إنجاح المصالحة بعد ثورة يناير إلا أن التدخلات الإقليمية والدولية حالت دون ذلك، خاصة من جانب إسرائيل والولايات المتحدة التي تضع العراقيل أمام هذه العملية من أجل استمرار الانقسام الفلسطيني الذي لا تستفيد منه سوى تل أبيب وواشنطن، حيث يجعل من السهل مواجهة كل حركة من حركات المقاومة على حدة بدلا من مواجهتهم متحدين.
وتأتي هذه التحركات التي تقودها مصر في إطار رؤية إستراتيجية وضعها النظام الجديد بقيادة جماعة الإخوان المسلمين من أجل إعادة تفعيل الدور المصري على المستويين الإقليمي والدولي، خاصة في القضايا المهمة مثل القضية الفلسطينية والقضية السورية، التي تأخذ حيزا كبيرا من جهود مؤسسة الرئاسة المصرية نظرا إلى تحول سوريا إلى ساحة للصراع الإقليمي والدولي، يدفع ثمنه أبناء الشعب السوري من دمائهم ومقدرات بلادهم.
لكن السؤال: هل ستقف إسرائيل والولايات المتحدة مكتوفي الأيدي أمام ما تقوم به مصر؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة على ساحات الصراع المختلفة في المنطقة.
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية