عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحمد البرنس يكتب : يارب نفهم!!

بوابة الوفد الإلكترونية

ما يجري الآن على أرض المحروسة، من أقصاها إلى أدناها، من إضرابات واعتصامات وقطع للطرق.. إلى آخر مظاهر الفوضى المجتمعية - وليس الانفلات الأمني - التي تسود البلاد لا يجب أن تثير دهشة أحد واستغرابه.

كذلك ينبغي على المصريين - بمختلف شرائحهم - إدراك أنهم يواجهون الآن - ولعقود طويلة قادمة - إحدى لحظات الحقيقة الفارقة في تاريخهم والتي يتعين بالضرورة أن تكون مرحلة فرز إنساني تستهدف البحث عن هوية مستقبلية قبل دفن الماضي، وهذا ما أدعي انه القضية الجوهرية التي يتطلب التعاطي معها قدرا من الفهم والوعي، لأنها بظني المتغير المستقل في هذه القضية، وفي هذا الإطار تكون حالة الفوضى المجتمعية هي المتغير التابع التي من أهم وأبرز أعراضها حالتا الاحتقان النفسي والاجتماعي، التي تنعكس في سلوكيات غير سوية، من أشخاص يفترض أنهم أسوياء كالإضراب أو الاعتصام أو قطع الطريق هنا وهناك.
إذا اتفقنا من البداية على أن هذه هي الأرضية التي يمكن أن يبنى عليها الحوار، فلابد من الانتقال الى علامة الاستفهام الأكثر أهمية حول مدى قدرة المصريين أولا، ورغبتهم ثانياً في التعاطي مع تلك اللحظة الفارقة التي أشرت إليها وأكدت في مقالات سابقة طبيعتها الحتمية التي لا يجوز تأجيلها أو التغافل عنها لأنها تكشف مدى ما وصلنا اليه من تخلف ممزوج بالتعصب والاحتقان، وفي هذا الإطار ينبغي ملاحظة ان كلمة «المصريين» تعني شعباً وحكومة، هذا من جانب، ومن جانب آخر مدى توافر الآليات - سواء مادية أو معنوية - للمواجهة، مع إدراك المحدد الثالث وهو أن كلمة «لحظة» التي أوردتها في أكثر من موقع مجازية وليست حقيقية، بمعنى أنها قد تستغرق أجيالاً، وتستهلك اعماراً، لكنها في عمر الاوطان والشعوب مجرد لحظة.
أخطر ما في القضية أن ظاهر سلوكيات شرائح نخبة المجتمع، على اختلاف تياراتهم وتباين توجهاتهم، يؤكد أنهم لا يدركون تلك الحتمية، او على الأقل غافلون عنها تحت وطأة مطامح وهمية، لذا تراهم منهمكين في مشكلات فرعية أو جزئية مما يمكن اعتبارها توافه الأمور يهدرون خلالها طاقاتهم فيما لا طائل من ورائه.
على الجانب الآخر من المجتمع، وفي السياق ذاته تبدو بساطة القضية لدى العوام والشرائح الدنيا سواء انتهت تأسيسية الدستور من عملها أم لا؟!، وأجريت انتخابات برلمانية ام لا، لان مسيرة الحياة تمضي لديهم لا

اراديا، وكل متطلباتهم تنحصر في كفالة الاحتياجات الأساسية بالحد الادنى من كرامتهم، اما معارك الكبار والنخب فلا شأن لهم بها، رغم انهم وقودها، لكن لهؤلاء واولئك اقول ان المستقبل ليس كالماضي، ولكل منهما سماته ومحدداته وتداعياته ويتجاور فيهما عوامل الربح والخسارة.
قد تشهد الفترة القادمة تطويرا في جانب وتحسينا في آخر، تغييرا ايجابيا هنا او هناك، لكن لا مجال للحديث عن مشروع نهضوي شامل يمكن ان يشكل نقلة نوعية تاريخية في حياة مصر والمصريين، لان الظروف غير مهيأة والمناخات ليست ملائمة، فضلا عن ان الارض التي يمكن البناء عليها، مازالت تئن تحت وطأة ركام اداري عمره الظاهري نصف قرن اما الحقيقي فهو عقود ترجع لما قبل عهد المماليك، بالاضافة الى مخلفات السلوك الانساني التي تفشت وانعكست علينا فعلا وقولاً وتحتاج الى تغييرات جذرية.
ما لا يريد ان يدركه احد ان كافة «صواميل» الدولة قد تفككت بفعل فاعل وظرف زمني، وكلاهما افرزا فسادا حكوميا وشعبويا منقطع النظير ولا سابق له لكن الامانة تقتضي الاعتراف بفضل النظام السابق بمنهجته ودفع الشعب الى تجرعه لدرجة الادمان.
أنصح نفسي والآخرين بالتجاوز عما يحدث من خلل مجتمعي، حتى لو وصل ذروته بإضراب الاطباء وأساتذة الجامعات، بل واجتراء صبية من فصيلة لولو وتوتو ومودي على جامعتهم وإغلاق بواباتها بالجنازير تحت سمع المجتمع وبصره، وبالمقابل ردود الأفعال الرخوة للاجهزة والانحناءات المتكررة للدولة أمام الرغبات الفئوية الناجمة عن قانون الفوضى، فكلها أمور طبيعية وفي السياق تماماً، ولا ينبغي أن تقلق أحداً.
نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية