رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فايز رشيد يكتب :عبد الناصر.. كم نحبك ونفتقدك

بوابة الوفد الإلكترونية

في ذكرى رحيلك في 28 سبتمبر 1970، ما أحوجنا إليك! في ليالي أمتنا المظلمة نفتقدك أيها البدر، الذي أعاد للأمة العربية كبرياءها وكرامتها بعد حقبات طويلة من الاستعمار القديم والحديث. لم تكن رئيساً لمصر فقط وإنما زعيماً للأمة العربية، اتسع قلبك لأحلامها من المحيط إلى الخليج. استنفرت فيها طاقاتها المخبأة والكامنة وناضلت من أجل امتلاكها لثرواتها وزمام أمرها. كنت أيضاً عالمياً فاتسعت أحلامك لكل المناضلين والمقهورين في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية. في زمنك كانت القاهرة محجاً لكل المناضلين من ارنستوتشي جيفارا إلى أحفاد باتريس لومومبا وأحمد بن بلة وكل قادة الثورة الجزائرية. سطع نجمك في الدول النامية فأسست مع نهرو وتيتو وبندرنايكة كتلة عدم الانحياز. التي ابتدأ تنظيمها في مؤتمر باندونغ عام 1955 واستمرت حتى اللحظة إلى طهران في عام 2012. احتضنت القضية الفلسطينية مبكرا وأنت الذي حاربت الصهاينة في الفالوجة. ونتيجة للخيانات بدأت التفكير في الثورة وفجرتها ورفاقك في 23 يوليو 1952.

لا نقول مثلما يؤمن البعض"بأن القائد يولد قائدا بالسليقة" ولكن تعّمدت قيادتك وما امتلكته من"كاريزما" بنضالاتك على الصعيد المصري والآخر العربي والكفاح التحرري حيثما كان. وعلى الصعيد العالمي. مبكرا تآمروا عليك في مصر وحاولوا اغتيالك فيما يعرف بحادثة المنصة (وهي غير حادثة قتل السادات) لكنهم فشلوا واستمررت في خطابك. جمعوا جيوشهم بعد أن قمت بتأميم قناة السويس لتصبح مصرية خالصة. حشدوا قواتهم في العدوان الثلاثي: البريطاني-الفرنسي-الإسرائيلي وأشعلوا حرب السويس على مصر في عام 1956. لم تهتز شعرة في رأسك، وقفت مع الشعب المصري والأمة العربية وكل الشرفاء على صعيد العالم وخاطبت هؤلاء كلهم من على منبر الأزهر وانهزمت إسرائيل وحلفاؤها في محور العدوان. آمنت بالوحدة العربية من المحيط إلى الخليج وكانت الوحدة بين مصر وسورية في عام 1958. لكن المتآمرين واصلوا خططهم السوداء وكان الانفصال في عام 1961.
مصر في عهدك لم تكن مدانة للخارج بدولار واحد سوى من بعض المبالغ المستحقة كثمن أسلحة سوفيتية سلّحت بها مصر. بعد أن قمت بكسر احتكار الغرب وإسرائيل للسلاح. وقد امتنعت هذه الأطراف عن بيعه لمصر. فكانت صفقة الأسلحة التشيكية التي باعتها تشيكوسلوفاكيا لبلد النيل،
في عام 1967 وبعد الهزيمة التي رفضتها وتحملت مسؤوليتها بشجاعة واستقلت على أثرها من منصبك. صرّح ديان وزير الحرب الإسرائيلي آنذاك تصريحاً شهيراً(وأورد ذلك في مذكراته) بأنه(الآن) ينتظر مكالمة هاتفية منك تعلن استسلام مصر واستسلامك! رددت عليه بالجملة الشهيرة"خسارة معركة لا تعني خسارة الحرب"، وأجبته بلاءات مؤتمر قمة الخرطوم في عام 1968:لا مفاوضات لا صلح لا اعتراف بإسرائيل. انتفضت الجماهير العربية بعد إعلانك الاستقالة وامتلأت شوارع مصر والبلدان العربية بلا استثناء (بها) وفي الكثير من مدن العالم أجرت الجاليات العربية فيها مظاهرات والكل يطالبك: العدول عن الاستقالة. استجبت لها. ورُدت الروح إلى الجماهير العربية التي أصرّت على النضال وهزيمة إسرائيل. انطلقت المقاومة الفلسطينية للرد على الهزيمة. ابتدأت مصر حرب الاستنزاف. التي خسرت فيها إسرائيل كثيراً. واستشهد خلالها وزير الدفاع المصري عبد المنعم رياض أثناء زيارته للمواقع الأمامية. الذي أثبت باستشهاده أن حرب الاستنزاف كانت البروفة لحرب عام 1973. وقد أثبت فيها الجندي العربي كفاءته العالية باختراق خط بارليف (الذي شبهه الخبراء العسكريون) بخط ماجينو في الحرب العالمية الثانية، واستعادة هضبة الجولان العربية السورية، لكن السادات أرادها حرباً تحريكية لا تحريرية ووافق على وقف إطلاق النار على الجبهة المصرية، الأمر الذي أدى بإسرائيل إلى تركيز قوتها على الجبهة السورية فأعادت إسرائيل احتلال الجزء الأكبر من الجولان. السادات امتثل لنصائح العزيز هنري(كيسينغر) وآمن أن 99% من أوراق الحل بيد أمريكا.
تآمر جونسون والكثيرون من قادة الغرب في

أواسط الستينيات لهزيمة مصر وإقصاء عبد الناصر(ومن يريد البحث في هذه المؤامرات يمكنه الاستفادة من كتب وكتابات(من بينها إسرائيلية) منها على سبيل المثال لا الحصر: مذكرات جونسون، كتاب هشام شرابي "المقاومة الفلسطينية في وجه أمريكا وإسرائيل"، كتابات ومؤلفات ومقالات عديدة لمحمد حسنين هيكل تتناول من ضمن ما تتناوله حقائق عن حرب عام 1967 وبالوثائق).
لأنك ابن أصيل للجماهير العربية أحبتك هذه الأمة. كانت تتحلق حول الراديو تنتظر خطاباتك، وقد كانت إذاعة (صوت العرب) ممنوعة في أكثر من قطر عربي في الخمسينيات والستينيات(تصوروا!!) وذلك في محاولة لعدم إسماع صوت عبد الناصر لشعوب هذه البلدان، ومن يُكتشف أنه يسمع للمحطتين المصريتين تُصادر منه الراديو ويجري سجنه بضعة شهور. رغم كل الخلافات العربية ومن أبرزها خلافات العديد من الأنظمة مع عبد الناصر. إلا أنه كان يستطيع جمع كل الزعماء العرب في القاهرة في مؤتمرات القمة. لذلك يوم وفاتك سارت المظاهرات المليونية في المدن المصرية والعربية وبعض العالمية تبكي حزناً عليك.
بعد وفاتك حاولوا الإساءة إليك وإثبات بعض التهم عليك، فلم يجدوا في حسابك البنكي سوى بعض مئات من الجنيهات.احتاروا فبدأوا باعتبار بناء السد العالي(خطأً)...إلى هذا الحد!!.حاول الرؤساء(كلهم) من بعدك التشبه بك ومنهم من لا يزال يحاول!فشلوا جميعاً. فقد ظلوا في حقيقتهم رؤساء لمصر(أو حتى لحارات منها ومنهم من لا يصلح إلا أن يكون من سدنة المساجد- مع عدم الاستهانة بالمنصب الذي نكن له كل الاحترام) وفشلوا في أن يكونوا زعماءً للأمة العربية.
عبد الناصر: كنت رئيساً وزعيماً كبيراً بحجم أمتك العربية وامتداد الخارطة العربية ولهذا عشقتك أمتك. كنت محكوماً بأيديولوجيا الجماهير وحسها العفوي نحو القضايا واتجاهها السياسي. لم تكن تابعاً لأحد ولم تكن محكوماً بأيديولوجيا حزب. زاوجت بين الإيمان النظري والمسلكية الشخصية، فلم يسجلوا عليك ولا على أحد من أقربائك أنه(أو أنك) استفاد من وجودك في السلطة لا مالياً ولا منصبياً ولا نفوذاً. وُلدت بسيطاً وعشت بسيطاً ومت بسيطاً. كنت قريباً من الجماهير ومتحدثاً رسميا باسمها. في ذكرى رحيلك آن للذين يناصبونك العداء(وأن أظهروا غير ما يبطنون) أن يكفوا عن حقدهم الأسود وسوء ظنونهم ومحاولتهم اغتيال شخصيتك وتاريخك، ليس ذلك فحسب وإنما تاريخ مصر في عهدك، يودون لو يبدأ التاريخ منذ مجيئهم هم للسلطة. فشل من قبلهم وسيفشلون. عبد الناصر: كم نحبك ونفتقدك!.عزاؤنا في ذكرى رحيلك: أن الأحزاب الناصرية في مصر اتفقت على التوحد في حزب ناصري واحد.