رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سمير الحجاوي يكتب:القوة الناعمة للجزيرة للدراسات

سمير الحجاوي
سمير الحجاوي

حقق مركز الجزيرة للدراسات التابع لشبكة الجزيرة الإعلامية قفزة نوعية خلال السنوات الثلاث الأخيرة نوعا وكما، إذ قفز إلى المرتبة الثامنة في "الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" والرابع عربيا على قائمة أهم المراكز البحثية في المنطقة حسب اللائحة السنوية التي تعدها جامعة بنسيلفانيا الأمريكية، مما يعبر عن التقدم الكبير الذي أحرزه المركز خلال فترة وجيزة من وجوده.

ويكفي أن نشير إلى ارتفاع عدد إصدارات المركز من 1802 عام 2009 إلى 3141 إصدارا بحثيا في العام التالي ثم انخفاضه إلى 1234 وارتفاعه مجددا إلى 2338 إصدارا بحثيا العام الجاري الذي لم ينته بعد، غطت مواضيع مختلفة شملت الانتخابات في عدد من البلدان العربية وحركات الإسلام السياسي وحقوق الإنسان والديمقراطية والصراعات والنزاعات والسياسة الخارجية والعولمة والأمن الغذائي والثورات العربية والقضايا الدستورية وغيرها من المواضيع المهمة.
هذه القفزة النوعية تعبر عن الدور المهم الذي بدأ يلعبه مركز دراسات الجزيرة في قطر والخليج العربي والعالم العربي بشكل عام، فدخوله التصنيف العالمي إنجاز من بين نحو 6545 مركزا بحثيا في العالم دخل ثلثها التصنيف العالمي حسب معايير جامعة بنسيلفانيا الأمريكية إنجاز كبير، ومن بين 6 مراكز بحثية في قطر لم يتم تصنيف سوى نصفها فقط وهي مركز الجزيرة للدراسات ومؤسسة راند البحثية ومركز كارنيجي للأبحاث مع ملاحظة أن المركزين الأخيرين ليسا قطريين بالمفهوم الحرفي بل فرعين لمركزين أمريكيين، في حين يبقى مركز الجزيرة للدراسات مركزا قطريا وعربيا خالصا من حيث النشأة والتمويل والأهداف والاستراتيجية، وهو ما يعطي الجزيرة للدراسات أفضلية عليهما.
عمليا لم يسبق الجزيرة للدراسات في الترتيب إلا مركز الخليج للدراسات في الإمارات العربية المتحدة ومركز الأهرام للدراسات في مصر اللذان احتلا المركزين الثاني والثالث أما المراتب الأخرى في القائمة فقد احتلتها مراكز إسرائيلية وتركية وهي تحتل المراتب الأربع قبل الجزيرة.
لا شك أن مركز الجزيرة للدراسات يمكن أن يشكل أحد أهم أدوات القوة الناعمة للسياسة القطرية على المستوى الإقليمي والدولي إذا تم الاعتناء به كما ينبغي، إذ من المنتظر أن يصبح أحد أهم المراكز البحثية في المنطقة العربية والعالم إذا منح الرعاية اللازمة والتمويل الكافي، فباحثوه يقدمون تحليلات عميقة يمكن أن تخدم صانعي السياسات ومتخذي القرار القطريين والعرب، بعيدا عن الاستقطاب والانحياز أو الانحراف البحثي ملتزمين بجملة من القيم البحثية على رأسها الدقة والموضوعية والنزاهة وعدم توظيف المعلومات بطريقة ملتوية أو تحريفها أو الخضوع للأهواء، وهذا ما اقنع جامعة بنسيلفانيا على وضع المركز على قائمتها ومنحه رتبة متقدمة رغم عمره القصير، وربما يغري هذا الأمر القائمين على المركز والراعين له على المضي قدما من أجل تبوء مركز عالمي مرموق.
وحتى تكون الصورة مكتملة ودقيقة لابد من النظر إلى النصف الفارغ من الكأس، فالمركز غير مصنف ضمن أفضل 50 مركزا بحثيا في العالم ولا يحتل مكانة تذكر في التصنيفات النوعية التي اطلعت عليها في موقع جامعة بنسيلفانيا، بينما يحتل مركز كارنينجي بنسخته العربية المرتبة 21 ومركز الأهرام المرتبة 35، كما أنه غير موجود ضمن قائمة أفضل 30 مركزا بحثيا في آسيا وغير موجود ضمن قائمة المراكز التي تؤثر في السياسات المحلية في بلدانها في حين يحتل مركز الأهرام المرتبة 34 من حيث تأثيره على السياسات المصرية الداخلية، وهذا يظهر أن صاحب القرار في قطر لا يزال يعزف عن الاستعانة بالمركز وباحثيه وأبحاثه خلافا لما يحدث في مصر

مثلا، حيث تستعين الحكومة بخدمات مركز الأهرام للدراسات، مما يكشف عن وجود فجوة بين ما ينتجه المركز وبين صانعي القرار في كل المستويات، ومن شان تجسير هذه الفجوة إعطاء المركز قيمة أكبر على المستوى العربي والإقليمي والعالمي، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن وزارة الخارجية القطرية وقعت قبل شهور اتفاقية مع المركز للاستفادة من الباحثين والأبحاث، إلا أن نتائج هذا التعاون لم تدخل حيز التقييم بعد، وهو تعاون مهم من قبل وزارة الخارجية لكنه لا يكفي إذ لا بد من استفادة الدولة في كل مفاصلها من البحث العلمي للمركز.
أوردت هذه المعلومات من باب الأمانة العلمية ليكون القارئ وصانع القرار في صورة الوضع كما هو دون تزيين أو تزييف أو تحريف عبر غمض النظر عما هو غير مقبول، واعتقد أن الانطلاقة الحقيقية لمركز الجزيرة للدراسات يبدأ من تحديد هوية المركز، فهل هو "ذراع خدماتي" للقنوات التلفزيونية في شبكة الجزيرة؟ أم مؤسسة بحثية قائمة بذاتها تتبع لشبكة الجزيرة تخدم قنواتها التلفزيونية لكنها في الوقت نفسه تسوق إنتاجها بشكل مستقل للعالم العربي والعالم؟ والإجابة على هذا السؤال الوجودي تحدد شكل المركز وطبيعة عمله وتكوينه، والرأي عندي هو تحويل المركز إلى مؤسسة مستقلة بالكامل تتبع لشبكة الجزيرة سيعطيه زخما كبيرا في التأثير على صناعة القرار بشكل لا يقل عن الدور الذي تلعبه قنوات الجزيرة المختلفة.
وبالعودة إلى النصف المليء من الكأس فإن مركز الجزيرة للدراسات استطاع أن يثبت نفسه خلال فترة وجيزة، وازداد الطلب الغربي على أبحاثه وكتبه في الآونة الأخيرة على النقيض من الحالة العربية، مما يفتح الباب للمركز لكي يتحول إلى أهم مركز بحثي في العالم العربي والمنطقة وربما أهم المراكز البحثية في العالم بعد ذلك، وهو ما تحتاجه قطر والعالم العربي أيضا، إذ لا بد لنا من تقديم "روايتنا" للعالم كما نراها بعيوننا وكما نحللها بأدواتنا ومنطلقاتنا، وهو ما يكرس المركز "قوة ناعمة" تستفيد منها قطر والعرب، ويكفي أن اذكر أن معظم المراكز البحثية الأمريكية المهمة تلعب دورا أساسيا في صناعة القرارات في واشنطن، فهل يمكن أن يلعب مركز دراسات الجزيرة دورا في صناعة القرارات في الدوحة؟ سؤال أترك الإجابة عليه للمسؤولين القطريين
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية