رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العزب الطيب الطاهر يكتب:سيناء.. وجع في رأس المحروسة

العزب الطيب الطاهر
العزب الطيب الطاهر

مباركة سيناء تلك الأراضي الشاسعة الممتدة في الجزء الشرقي من المحروسة مباركة بتاريخها ونضالاتها ودورها في وأد الغزوات وإجهاض الراغبين في احتلال الوطن كله من بوابتها.

مباركة بطورها الذي احتوى البقعة المقدسة التي كلم فيها الله سبحانه وتعالى نبيه موسى ومنحه فيها ألواح التوراة الحقيقية.
مباركة بأشجار زيتونها التي طرزها القرآن الكريم في إحدى سوره القصيرة.
تشغلنا الآن سيناء بمفردات واقعها المر بعد أن هبط عليها الوجع منذ أن وقع الراحل أنور السادات اتفاقية كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني في العام 1979فغرقت في متاهة الغياب عن الوطن والنأي عن سيطرة قواته المسلحة بعد أن جعلت أجزاء واسعة منها مجردة من السلاح وخضعت لقوات ما يسمى بحفظ السلام .
وتعامل الرئيس الذي تلاه -حسني مبارك - مع سيناء بحسبانها منتجعا سياحيا وترك أهاليها نهبا للضياع والجوع والفقر والتهميش مما ساعد على خلق مناطق تطرف وتخوم غضب قابل للانفجار وهو ما جرى غير مرة خلال العقد الأخير .
وتكابد سيناء الآن وجعا أو بالأحرى سلسلة من الأوجاع بعضها بفعل الكيان القريب منها والذي يضعها دوما في بؤرة إستراتيجيته العدوانية والتوسعية التي لم يتخل عنها يوما واحدا أو حتى ساعة واحدة رغم اتفاقية السلام التي وقع عليها مع السادات وكثيرا ما اخترقها وكسرها ولم يتمكن النظام السابق من كبح جموعه بل تركه يرتع في برها وصحرائها وحدودها في حين أن بعضها الآخر ناجم عن الغياب الرسمي سواء عسكريا أو اقتصاديا أو اجتماعيا فانفرط العقد وتفككت الأواصر وكادت سيناء تصبح إمارة مستقلة وفق أشواق نفر من المتطرفين الذين استغلوا هذا الغياب فسيطروا على الواقع وباتوا هم القوة القادرة على التحرك والتمدد وفرض سياسة الأمر الواقع .
ووفقا لما يقوله بعض المحللين فإن الأوضاع في سيناء تزداد يوماً بعد يوم اشتعالا سواء على الحدود مع الكيان الصهيوني أو داخل حدود شبه الجزيرة الممتدة على مساحة توازي سدس مساحة مصر، وهو ما يعلي من سقف غموض مصير تلك البقعة التي دأب المصريون على مدار تاريخ بلادهم الضارب بجذوره في أعماق التاريخ على وصفها ب"الغالية" من أرضهم، فالتحرش الصهيوني بسيناء تزداد مظاهره من جانب قوات الكيان، في ضوء تصريحات فجة لقيادات سياسية ودينية من داخل الكيان تتحدث عن خطورة الأوضاع داخل سيناء، ويدعو بعضها صراحة إلى إعادة احتلالها .
في الوقت نفسه لا تسلم سيناء من أذى يأتي على أيدي قلة تحمل الجنسية المصرية في بطاقات هويتها، وتسير بأفكار متطرفة في عقولها تدفعها إلى الصدام مع الدولة المصرية، ممثلة في قوات الجيش والشرطة على أراضي شبه الجزيرة لتعطي مزيداً من الذرائع للعدو الصهيوني للحديث عن "الأوضاع الخطرة" و "البؤرة القاعدية" - نسبة إلى تنظيم القاعدة - من داخل الحدود المصرية حتى تعالت أصوات تتحدث عن تدويل المعالجة الأمنية في سيناء وتحويل الأمر برمته إلى مجلس الأمن الدولي، وهو ما رفضته الدولة المصرية على لسان وزير خارجيتها، محمد كامل عمرو الذي أكد في تصريحات أخيرة أن أمن سيناء شأن مصري خالص، ولا دخل لمجلس الأمن أو غيره من المنظمات الدولية به.
وتكشف التقارير المسربة من داخل الكيان عن مخطط صهيوني لتوطين آلاف الأسر الفلسطينية في سيناء واعتبارها وطناً بديلاً للفلسطينيين، وهو ما أكدت عناصر قبلية بسيناء ظهور بوادر لبدء تنفيذه على أرض الواقع .
بينما شكل الحادث الأخير على الحدود بين مصر والكيان الذي أسفر عن مقتل جندي صهيوني وإصابة آخر في اشتباكات مع مجموعة جهادية، قيل إنها جاءت من سيناء واستهدفت التسلل إلى داخل " الكيان" لتنفيذ عمليات كبرى فرصة لأن تتحدث دوائر صهيونية وصحف غربية عن أن القاهرة تفتقد إلى قدرة السيطرة على الفوضى المتزايدة في المنطقة، ونقلت هذه الصحف عن مسؤولين بالكيان قولهم إن هذا الحادث ينضم إلى سلسلة الحوادث العنيفة على امتداد الحدود و "يعتبر تحذيراً جديداً للقاهرة التي لاتزال قبضتها الأمنية في شبه الجزيرة ضعيفة"، فيما طالبت صحف عبرية سلطات بلادها بتعزيز وتكثيف التواجد المخابراتي في سيناء وجمع المعلومات عن "المنظمات الإرهابية" على أرضها.
ولعل ارتفاع بعض الأصوات من داخل الكيان الصهيوني للمطالبة بتوجيه ضربة لسيناء ينبئ بأنه لم ولن يتخلى عن حلمه في ضم شبه الجزيرة المصرية إلى مشروعه الاستعماري الاستيطاني، وهو ما جسدت بوضوح كلمات الحاخام "الإسرائيلي" المتطرف شموئيل شموئيلي رئيس حركة "حماة إسرائيل" المتطرفة لتعطي الدليل الواضح والدامغ، وتكشف بجلاء عن تلك النوايا، حيث دعا تل أبيب إلى ضرب مصر واحتلال سيناء لإخافة إيران، واصفاً مصر بأنها أكبر تهديد لليهود و "إسرائيل"، معتبراً في تصريحات نشرتها وسائل

إعلام صهيونية أن احتلال شبه جزيرة سيناء سيقدم درساً رادعاً لإيران التي تتحدى "إسرائيل" وتثير مخاوفها، مضيفاً "حان وقت العمل في سيناء لأنها لنا نحن شعب اليهود، فلابد من استعادة سيناء الآن لردع كل من إيران وسوريا وحزب الله، وتحقيق السلام في "إسرائيل""، مطالباً الجيش "الإسرائيلي" بالقيام بعمل عسكري على الفور في سيناء، وإزالة الخطر الكامن فيها وفي غزة والمعابر، الذي وصفه بأنه أخطر تهديد لسكان الجنوب والوسط، مؤكداً أنه وفقاً لتقارير استخباراتية، فإن سيناء هي المسؤولة عن نشر المنظمات السلفية الإرهابية في قطاع غزة وإطلاق صواريخ غراد على "إسرائيل".
ولعلنا لا ننسى في هذا السياق تصريحا لرئيس الأركان الصهيوني قبل شهور الذي أكد فيه أن "إسرائيل" تستطيع أن تعيد مصر إلى الوضع الذي كانت عليه في 1967.
وكل هذه المعطيات تدفع القوى الوطنية والثورية في مصر إلى المطالبة بتعديل اتفاقية كامب ديفيد التي تجمع على أنها كانت منذ توقيعها مجحفة بالحقوق المصرية،خاصة في ما يتعلق بأعداد وتسليح القوات المصرية عند الحدود وتعزيز الوجود العسكري والأمني على أراضي شبه الجزيرة.
وإذا كانت قوات الجيش المصري قد قامت بالعملية نسر للقضاء على مجموعات المسلحين من الجماعات المتطرفة قد تمكنت من تحقيق نجاحات نسبية خاصة على صعيد تفعيل الحضور المصري العسكري في مناطق كان ممنوعا عليه دخولها وهو ما دفع حكومة نيتانياهو إلى المطالبة بسحب الدبابات المصرية من هذه المناطق فذلك يؤكد قدرة النظام الجديد في المحروسة على المناورة مستفيدا من أجواء إقليمية ودولية رافضة للتمدد المتطرف في سيناء وهو ما ينبغي الاستمرار فيه دون خضوع لابتزازات الكيان المدعومة من واشنطن بشكل أو بآخر ولكني أخشى من الغلو في استخدام القوة المسلحة مما قد يؤدي إلى الإضرار بالمواطنين من سكان المنطقة الذين بدأوا بالفعل في التعبير عن بعض الغضب لممارسات لا يرضون عنها رغم محاولات استرضاء شيوخ القبائل أصحاب السطوة والنفوذ. وهو ما يجعلني أعيد التأكيد على ما يقوله دوما الخبراء الإستراتيجيون من أنه لا ينبغي التعامل مع أزمات سيناء وفق المنظور الأمني فحسب وإنما من الضرورة بمكان اللجوء إلى خيارات التنمية ببعديها الاقتصادي والاجتماعي والتي كانت غائبة أو مغيبة خلال العقود الأربعة الأخيرة ربما بفعل فاعل أو استجابة لضغوط الكيان لتبقى المنطقة عرضة للنهب في أي وقت يريده .
ولاشك أن محاولة إضفاء البعد الطائفي على الأزمات المشتعلة في سيناء يدفع الأمور نحو المزيد من التفاقم خاصة بعد ما تردد من إجبار الجماعات المتطرفة عائلات أو عائلة مسيحية على الفرار من رفح لاعتبارات دينية وهو ما شكل رفضا قاطعا سواء من رئيس الدولة الدكتور محمد مرسي الذي أصدر تعليماته لمحافظ شمال سيناء بمعالجة فورية للمسألة أو على المستوى الشعبي حيث احتشدت قوى سياسية ومنظمات مجتمع مدني في مدينة العريش معلنة احتجاجها على المحاولة والتي يبدو أنها ليست على نطاق واسع.
السطر الأخير:
كوني لي بحرا زاخرا بالأسرار
كوني قلما بهجة روحا
مدنا مطرزة بالأقمار
غيما يسكب عطر الأمطار
كوني وطنا للقلب المتعب
عشبا للجوع
قمحا يورق سنابل العشق
يرسم واحة وجد وفيض أنهار