عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محمد صلاح يكتب:الجيش المصري في سيناء... ودمشق!

محمد صلاح
محمد صلاح

معروف أن القرارات الاستراتيجية المهمة تحتاج إلى أشخاص يمثلون مواقع مهمة لديهم القدرة على البت فيها، أما ما يحدث في مصر الآن فأمر آخر.

ويكاد لا يمر يوم من دون أن تتدخل مؤسسة الرئاسة لنفي تصريح أو كلام أدلى به واحد من مستشاري الرئيس محمد مرسي، ما يضع علامات استفهام حول الطريقة التي تدار بها البلاد، ومدى إدراك السادة المستشارين لطبيعة المواقع التي أسندت لهم. وبالأمس عاش المصريون يوماً صاخباً بسبب تصريح صدر عن الدكتور سيف عبد الفتاح، أحد مستشاري الرئيس، مفاده أن مصر تدرس اقتراحاً بتدخل الجيش المصري ضمن جيوش عربية أخرى لمساندة الشعب السوري وإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، علماً أن عبد الفتاح لا يحتل أي منصب تنفيذي ومهمته تقتصر فقط على تقديم المشورة للرئيس الذي كان عين أكثر من عشرين من الشخصيات العامة كمستشاريين له. عموماً اللغط حول كثرة كلام مستشاري الرئيس وطبيعة ما ينطقون به في وسائل الإعلام قضية مثارة في مصر حالياً آن الأوان لوضع حد لها. لكن أيضاً من المهم البحث في قضية دور الجيش المصري خارج حدود بلاده، والتي لا يمكن التعاطي معها كما تفعل القوى السياسية المصرية مع قضايا أخرى تحتمل الاختلاف في وجهات النظر كقضية الدعم مثلاً أو علاقة مؤسسة الرئاسة بجماعة «الإخوان» أو باقي الموضوعات التي لا تكل برامج الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي من أن تلوكها طوال النهار والليل. سريعاً تدخلت مؤسسة الرئاسة ونفت كلام عبد الفتاح جملة وتفصيلاً، ما جعل الناس يتساءلون ومن أين أتى المستشار بهذا الكلام؟
عموماً يستند بعض المتحمسين المطالبين بتدخل الجيش المصري لمساندة «الجيش السوري الحر» إلى الطريقة التي تعامل بها الرئيس مرسي مع المشير حسين طنطاوي والفريق عنان عندما أقالهما وفكك المجلس العسكري، ويرى هؤلاء أن الرئيس أثبت قدرته على اتخاذ قرارات من الوزن الثقيل، وأنه أصبح بعد رحيل طنطاوي وعنان يمسك بكل الخيوط في يده، وهو إذا وافق على الاقتراح فإن أحداً من قاد الجيش المصري لن يعارضه وأن تعاطف الشعب المصري مع نظيره السوري وتأثير ما تبثه وسائل الإعلام عن عمليات القتل ومشاهد الشهداء والمآسي التي تحدث في المدن السورية، كلها عوامل تسهل من اتخاذ مرسي قراراً كهذا بل يذهب البعض إلى أن مرسي يمكن أن يلقى تأييداً شعبياً جراءه.
باستثناء تصريح المستشار عبد الفتاح لم يصدر عن أي مسؤول في موقع تنفيذي ما يفهم منه أن مرسي قد يتخذ قراراً كهذا حتى مع الشعور بزخم الموقف المصري تجاه سورية، القائم على ضرورة إسقاط نظام الأسد. إذ إن القبول والمضي في مسارات سياسية

تؤدي إلى إرسال الجيش المصري إلى سورية قد تفجر معضلات داخل مصر وتتسبب في ردود فعل من جانب قوى تعارض مرسي خصوصاً والتيار الإسلامي عموماً، ما يزيد من الضغوط على الرئيس، علماً أن الأوضاع في مصر ومنذ ثورة 25 يناير لم تستقر بعد على أصعدة عدة خصوصاً الأمن، والاقتصاد واحتياجات الناس، إضافة بالطبع إلى قضايا سياسية أخرى مهمة لاتزال معلقة كالدستور والبرلمان. والحق أن غالبية الناس في مصر صارت تتعامل مع تصريحات «المستشارين» على أنها بالونات اختبار أو على أنها محاولات لإثبات أدوار أو أنها تعبر عن آراء شخصية ولا تمثل مواقف رسمية لمؤسسة الرئاسة.
المؤكد أن الجيش المصري ليس في وضع الآن يسمح له أن يقفز مجدداً إلى واجهة الأحداث في العالم وأن يدخل في آتون معركة عسكرية وهو الذي لم يسلم بعد من قضايا معركة سياسية خاضها بعد الثورة لا يبدو أنه خرج منها بعد وإن كانت تركت آثاراً سلبية عدة من بينها وضع بعض قادة المجلس العسكري السابق في مواضع اتهامات في أمور مختلفة. صحيح أن الجيش قادر على استعادة ثقة الناس فيه بسرعة لكن هذا يحتاج إلى ابتعاده في المرحلة الحالية والمقبلة عن أي صراعات سياسية، وما أكثرها الآن في مصر، ولملمة الجراح التي أصيب بها جراء المواجهات التي حدث في الشارع مع قوى الثورة، بغض النظر عن أسبابها. وكذلك بالطبع يحتاج الجيش إلى محو الآثار السلبية التي لحقت به جراء شكوك السياسيين في بعض قادته وضباطه وأفراده. أخيراً فإن الأوضاع في سيناء تحتاج إلى جهود الجيش لإعادة الأمن إلى أراضيها وبسط نفوذ الدولة عليها. فالجيش المصري لايمكن أن يعمل في سيناء ودمشق في آن واحد.
نقلا عن صحيفة الحياة