عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جميل الذيابى يكتب: ماذا تغيّر؟ لا شيء!

جميل الذيابي
جميل الذيابي

الأسبوع الماضي، وفي وسط مبنى الأمم المتحدة في نيويورك التقيت بزوار ووفود من جنسيات عدة يجولون في أروقة المنظمة الدولية، بينهم عرب وغربيون وصرب.

في مجموعة صغيرة انضممت إليها «مصادفة» بدا شكل من التقارب في الرؤى السياسية بيني وبين مواطن إيراني وآخر أميركي (كاليفورني)، خصوصاً في ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط. كانت تسير أمامنا في ممرات الأمم المتحدة فتاة إسبانية حسناء تتحدث عن إنجازات الأمم المتحدة وتجمّع زعماء العالم في مثل الأسبوع الماضي من كل عام في اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وصفت تلك الفتاة تغيّر أوضاع العالم بما يشبه تغيّرات الطبيعة، وهي تؤشر بيدها من داخل قاعة كبيرة، قالت إن قادة العالم يتحدثون منها، وأضافت: «من هذه المنصة خاطب العالم غيفارا وكاسترو وبوش وبلير ونجاد وأوباما»، ولم تكمل حتى علّق ذلك الأميركي الذي طوال جولة الفريق «يفتل» شنباته الكثيفة، وكنت أعتقد في البداية أنه «كاوبوي»، وفجأة وجدته «صحافياً ثورياً» وبماذا خرج العالم بعد أن تحدث هؤلاء ثم صمت، وأردت التعليق عليه ففضلت التريث حتى تتكاثر التعليقات وتتكشف هوية الشخصيات، إما أن أجلس على أقرب كرسي وأمد رجليّ أو أن أظل واقفاً عليهما كمن ينتظر المزيد من الأفكار والرؤى السياسية. أشارت تلك الأممية الإسبانية إلى صعوبة مهمة الأخضر الإبراهيمي في سورية، ولم أتماسك نفسي، فقلت ليست صعبة بل مستحيلة في ظل نظام مجرم يغتال النساء وينحر الأطفال ويفجّر مآذن المساجد ويدمّر المدن، ويمص «شبيحة الأسد» دماء الشعب السوري مصاً، وكل ذلك تحت أعين مراقبين من الأمم المتحدة التي تمنح القاتل الفرصة تلو الفرصة في ظل تضارب مصالح الدول الكبرى، وإذا بـ «جون - الكاليفورني» ينتفض مرة أخرى ويصف الأمم المتحدة بالمستسلمة، ثم يتساءل لماذا يذهب مبعوث الأمم المتحدة إلى دمشق ويزور النازحين في تركيا؟ لماذا لا يذهب إلى روسيا والصين ويواجه إيران لإرغام الأسد على التنحي ووقف الوحشية؟ ولم أدعه يكمل حتى أكملت له، بأن ذلك من ضعف السياسة الأميركية! ثم تساءل الإيراني الذي يعيش في واشنطن، لماذا لا يتم التوقف عن إرسال مبعوثين دوليين في مهمات لا تحقن الدماء ولا تحمي الشعوب ولا تحقق نتائج؟ وبتسرّع مني، سألته ماذا عن نجاد؟ فرد «ونجاد أيضاً»، مشيراً إلى أنه لم يتمنه في يوم ما رئيساً لبلاده التي هاجر منها بسبب هؤلاء - يقصد حكومة نجاد، واكتشفت لاحقاً بعد الحديث الجانبي معه أنه يعارض سياسة بلاده وله مشاركات مكتوبة في مواقع إلكترونية إيرانية! وقبيل أن ننصرف علّق «الكاليفورني - مازحاً» أن البيت الأبيض مع أوباما

بلا هيبة، وأن الأمم المتحدة تحتاج إلى التدخل في ولاية كاليفورنيا لحل صراع سكان الشمال والجنوب في «الولاية الذهبية»!
تراوحت الأحاديث في المواضيع السياسية بين الهدوء والسخونة لأكثر من ساعة، وكنت أتوقع أن أُسأل عن الإصلاحات السياسية في السعودية، وفوجئت بأن أسئلة زملاء المجموعة تركزت على حقوق المرأة وقيادتها السيارة. كانت الفتاة الإسبانية تتمنى تعريفنا بمنجزات الأمم المتحدة في عهد بان كي مون، ولكنها اصطدمت بـ «قروب» يصف الأمم المتحدة بالمستسلمة والفاشلة وتشبيه أدائها السياسي بـ «البطة العرجاء» التي تقوم على تصريحات مستهلكة لا توقف نزف الدم كما يحدث في سورية!
يلحظ المتأمل لخطابات بعض الرؤساء أو الوزراء هذا العام على منصة الأمم المتحدة التكرار لمقولة إن الجمعية تنعقد في ظروف حرجة وبالغة الأهمية وفي مرحلة صعبة تمر على العالم، وكان من الأجدر بهؤلاء أن يتذكروا ما قالوا في العام الماضي وما قبله من سنوات من توصيف منسوخ لحال العالم، وأن يتجنبوا اجترار اللغة والخطاب ذاتهما، إضافة إلى أن غالبية من يتحدث عن ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار العالمي ويستنكرون التدخلات في شؤون الآخرين هم أول الخارقين لمواثيق الأمم المتحدة التي ينادون بها!
انتهت حفلة القادة في الأمم المتحدة. انتهت حفلة الخطابات الطويلة الصاخبة. انتهت حفلة التنظير والتبصير. وماذا بعد؟ أليس الطغاة لا يزالون يمارسون القتل والمستبدون مستمرين في القمع والتعسف! ألم يهرف الشعاراتيون بما في جعبتهم! ما الذي تغير؟ لا شيء تغيّر!
الأكيد أن من بين هؤلاء المتحدثين والمنظّرين والشعاراتيين من يمكن تصنيف سياسات بلدانهم ما بين مستبد ومستعبد ومستجد، وبينهم من يتقولب على جمر وعود سياسية واقتصادية «رنانة» خشية أن تحرق كراسيهم قبل أن يقفزوا منها بسلام!
نقلا عن صحيفة الحياة