رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عبدالله إسكندريكتب :"القاعدة" و "دولتها الجهادية"

بوابة الوفد الإلكترونية

أصيب تنظيم «القاعدة» الأم بنكسات كبيرة نتيجة استهداف أهم رموزه ومحاصرتهم، في إطار الحرب على الإرهاب، خصوصا في افغانستان. وحاول التنظيم، عبر فروعه، ان يتمدد ويعيد التجربة الأفغانية، التي بفضلها أمكنه تنفيذ هجمات 11 ايلول، والتي أعطت لزعيمه آنذاك اسامة بن لادن وهجاً استئنائياً وقوة جذب للمتطوعين والجهاديين وولاء أعلنته تنظيمات فرعية تنشط في بلدان عدة.

وفي خضم هذه العملية وتفاعلاتها، برزت فاعلية هذه الفروع في باكستان واليمن والصومال والجزائر، وصولاً الى مالي حالياً، كما نشط متشددون في بلدان كثيرة اسلامية وغربية، على نحو يستجيب لنظرية الفسطاطين، وصراع عالم الإيمان مع عالم الكفر، تنطلق من الدولة «الجهادية» وتتمدد في كل الاتجاهات.
لكن التدقيق في هذه التجارب يُظهر ان التجربة الافغانية لـ «القاعدة»، والتي احتضنتها حركة «طالبان» المنبثقة من تحالف باكستاني-دولي متعدد الاهداف، ليست سهلة التكرار في بلدان اخرى تعيش ظروفاً مختلفة عن تلك التي نشأت في افغانستان في ظل القتال ضد الاحتلال السوفياتي وفي مرحلة ما بعد انسحابه.
صحيح ان «طالبان-باكستان» لا تزال تسيطر على مواقع جغرافية وتواجه القوات الحكومية وتحد من نفوذها في هذه المناطق، وصحيح أيضاً أن «أنصار الشريعة»، الفرع اليمني لـ «القاعدة»، استولى على مناطق في البلاد ونفذ عمليات إرهابية كبيرة ولا يزال يشكل تهديداً للأمن اليمني والخليجي، كما أن «حركة الشباب» الصومالية وصلت الى حد السيطرة على عاصمة البلاد وطردت منها كل المظاهر الحكومية، مثلما فعل رديفها في شمال مالي، الذي يسيطر حالياً بالتحالف مع «القاعدة في بلاد المغرب العربي»، وأنه بعد الهجمات الإرهابية الدموية في العراق، والتي لا يزال فرع التنظيم يقوم بها في بلاد ما بين النهرين، ثمة معلومات عن انتقال بعض العناصر الى سورية لتشارك في القتال ضد القوات النظامية...
وعلى الرغم من إظهار هذه اللوحة تقدماً أكيداً يحرزه التنظيم، سواء عبر الاستيلاء على مزيد من الارض وإخضاعها لنفوذه او عبر استقطاب الأعوان والمؤيدين، لكن أيّاً من التجارب المذكورة لم تتمكن من الحفاظ على

«الدولة الجهادية» المنشودة، اذ مُنيت هذه الحركات، بعد نفوذ وتمدد، بضربات قوية، على نحو عادت معه الى طبيعتها الاصلية كزمر مسلحة تتوسل العنف فحسب من اجل فرض سيطرتها، فهي وإن استفادت يوماً من ظروف مواتية استغلتها، سواء عبر الارهاب الذي تمارسه او عبر الوهن الذي اصاب السلطة المركزية في بعض البلدان، تجد نفسها اليوم عاجزة عن الحفاظ على مكتسباتها، خصوصاً ان ميزان القوى الذي نشأت في ظله راح يتبدل مع انهيار النظم التي كانت ترى في مكافحة الارهاب ذريعة لاستمرارها.
وهكذا، في وقت متزامن تقريباً، انهارت المواقع الجغرافية لـ «القاعدة» في اكثر من دولة بفعل تبدل هذه الظروف: في اليمن بفعل رحيل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وفي الصومال بفعل الضغط على الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، اما في مالي، فيبدو ان الحكم الجزائري، ولاسباب داخلية، لم يتحرك في مواجهة «أنصار الشريعة»، ولم يعد قادراً على مواجهة الضغوط الكبيرة من اجل تدخل خارجي لتحرير شمال مالي.
بكلام آخر، لم تتمكن «القاعدة» في أي من البلدان التي سيطرت فيها جزئياً او كلياً، من اقامة «دولتها الجهادية»، وأقصى ما توصلت اليه هو ممارسة العنف الدموي بأبشع صوره، لكنّ منْعَها من المأوى الآمن في «دولتها الجهادية»، لا يعني إنهاء قدرتها على ارتكاب عمليات ارهابية دموية.
نقلا عن صحيفة الحياة