عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سمير الحجاوي يكتب :سوريا .. مقبرة الإنسانية والحضارة

بوابة الوفد الإلكترونية

تمثل الثورة السورية حالة خاصة بين الثورات العربية، فهي ثورة أشعلها مجموعة من الأطفال وخاضها أبطال من الكبار ودفع ثمنها الشعب السوري من دمه ودموعه وأحزانه.. ثورة تخلى عنها العالم وجلس يراقب القاتل والمقتول.. ثورة حولت سوريا إلى مقبرة للإنسانية والأخلاق والضمائر والحضارة.. ثورة

أحالت العرب إلى الفعل الماضي وإلى تاريخ متخيل مدفون في بطون الكتب من النخوة.. وحولت سيوف عنترة العبسي إلى عصي من خشب هش.. وأفرغت الشعر العربي من ادعاءات البطولة و"وانصر أخاك".. وأثبتت أن الدم السوري أرخص من الماء ومن ثمن برميل نفط، وأن الذين يتنافخون شرفا ينامون على اغتصاب الشعب السوري ونسائه واستباحة الدين والدنيا في سوريا.الثورة السورية كشفت المستور وأسقطت القناع وأثبتت أن العرب بلا عروبة وأن المسلمين بلا إسلام وأن كل "الترهات" التي عبأونا بها في المدارس والمناهج ووسائل الإعلام ما هي إلا خيالات وأوهام وسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء.. كشفت الثورة السورية الزيف وأثبتت أن العرب هم إخوة يوسف الذين القوه في البئر وتباكوا عليه ثم عادوا إلى لهوهم كأن شيئا لم يحدث ولذلك لم يجد السوريون إلا شعار "يا الله ما لنا غيرك" و "لبيك يا الله" لأنه لم يبق للسوريين إلا الله في هذا الزمن العربي الرديء، وهم بذلك يلحقون بشعب فلسطين الذي يعاني الأمرين من الأعداء والأشقاء على حد سواء.. عدو يقتل وشقيق يسكت.. أعداء يذبحون وإخوة باعوا أخاهم في سوق النخاسة الدولية.هل ستنتهي الثورة دون انتصار؟ هذا هو المستحيل بعينه لأنه لا يوجد من خيار أمام الثورة إلا الانتصار، ولا خيار أمام السوريين إلا هزيمة الطاغية، ولا خيار أمام العرب إلى القتال إلى جانب السوريين، فمستقبل العرب يرتبط بما ستسفر عنه الثورة السورية، وهي منتصرة بإذن الله، إلا أن كلفة الدم ربما تكون عالية جدا، فحتى الآن وصل عدد شهداء سوريا إلى 50 ألف شهيد و150 ألف جريح و100 ألف معتقل و2.5 مليون نازح و300 ألف مشرد خارج سوريا.. مدن دمرت وأبيدت ومسحت عن وجه الأرض وعائلات بأكملها صفيت وذبحت بالسكاكين والرصاص والبلطات.. ذبحها الأسد وشبيحته وجنده الباطنيين الحاقدين على كل شيء.. الحاقدين على الإنسان والحياة والقيم وكل شيء، لأنهم لا يتقنون إلا استحضار الموت من كل ركن وزاوية، ورغم ذلك لا مفر من الانتصار لأن سوريا مفترق طرق التاريخ والجغرافيا، ولأنه خط التماس الحضاري بين الأمم، وكما كانت فاتحة تغيير النظام العالمي القديم ستكون فاتحة تغيير النظام العالمي الجديد الذي يتشكل في منابت حروفها في اوغاريت التي علمت الدنيا الكتابة.الجميع يتواطئون عليها لخنقها لكي تذوي وتموت وحيدة.. لا يريد لنارها أن تصل إلى بيوتهم، ولا أن يسيل الدم السوري إلى أراضيهم، وهذا ما يجعل من الحرب في سوريا حرب وجود لسوريا والسوريين والعرب والساعين للحرية في العالم.يعلم العالم أن ما يجري في سوريا قدر سيمتد إلى جهات الدنيا الأربع؟ فهل يخاف قادة الدول من أن يداهمهم الدمك السوري في مناماتهم فيتحول إلى لعنات عليهم؟ وهل يدرك العالم أنه سيشرب من نفس كأس الموت الذي يشرب منه السوريون إذا تركوه وحيدا؟ إذا أراد العرب هزيمة

الكيان الإسرائيلي وأن يدخلوا حلبة التاريخ فعليهم هزيمة نظام الأسد، وإذا أراد الغرب هزيمة إيران فعليهم أن يهزموا نظام الأسد، وإذا أرادت تركيا أن تهزم حزب العمال الكردستاني وتستعيد أمجادها الغابرة فعليها أن تهزم نظام الأسد، وإذا أرادت الصين أن تدشن إمبراطوريتها المقبلة فعليها أن تهزم نظام الأسد، واذا أرادت روسيا أن تتفادى هزيمة كبرى ثانية تعادل انهيار الاتحاد السوفيتيي فعليها أن تهزم نظام الأسد!، وإذا أراد بعض اللبنانيين هزيمة حزب الله فعليهم هزيمة نظام الأسد.نظام الأسد هو العقدة.. هذه هي المعادلة الحقيقية والصادقة.. فسوريا هي خط النار الحضاري بين كل أمم الدنيا، وهذا ما يخيف الجميع ويجعلهم يرتجفون من مجرد التفكير بالتورط في الثورة السورية، هذا بالذات ما يجعل من سوريا "نقطة الرعب" التي تجمعهم.وإذا لكل أمة من الأمم حساباتها وخياراتها في سوريا فإنه لا يوجد لأمة العرب سوى خيار واحد ألا وهو انتصار الثورة السورية، لأن الانتصار سيدشن دخول العرب إلى العصر الجديد والانطلاق مجددا في دورة حضارية جديدة.. عام ونصف من الثورة.. 18 شهرا لم يكل خلالها السوريون عن التظاهر والغناء للحرية والهتاف "سوريا بدها حرية" من حنجرة إبراهيم قاشوش التي أرعبت نظام الموت الأسود في دمشق وأنامل علي فرزات التي تعامل معها الأسد وشبيحة الأسد وكأنها مدفعية من العيار الثقيل إلى أوتار سميح شقير التي صدحت "يا حيف" ورسومات الطفلة الصغيرة "جلنار" التي حولت منامات الأسد وشبيحته إلى كوابيس "طيرت" النوم من عيونهم، ودماء حمزة الخطيب التي تحولت إلى وقود يغذي الآمال بالانتصار ويحول الحلم إلى حقيقة.. عام ونصف ولم يرفع الشعب السوري راية بيضاء ولم يستسلم لليأس رغم تخلي الإخوة عنه لأنه مؤمن بالانتصار حتى لو تركه العالم كله يقاتل الوحش وحده.. فالخيار هو الانتصار ولا خيار غيره، دفاعا عن سوريا وفلسطين والعرب والإسلام وحرية العالم. إنه قدر سوريا أن تكون رافعة الدنيا ومحرك تغييرها، وقدر السوريين أن يقاتلوا نيابة عن الجميع.. العرب والعجم وحتى دفاعا عن الحيوانات الأليفة في مواجهة هذا الوحش البربري الهمجي.
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية