رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طارق الحميد يكتب:هل تغيرت منطقتنا؟

طارق الحميد
طارق الحميد

قبل أيام مرت بنا الذكرى الحادية عشرة لأحداث سبتمبر الإرهابية التي تغير بعدها العالم بشكل مذهل، وستمر بنا ذكرى الربيع العربي قريبا، وبينهما ذكرى سقوط صدام حسين، فأي دروس التي تعلمناها؟ وهل تغيرت منطقتنا كالعالم الذي تغير حولنا؟

الإجابة الفورية هي لا، فلا تغيير حقيقيا بمنطقتنا، ولأن الأشياء تعرف بأضدادها، فإذا ما قارنا تأثير أحداث 11 سبتمبر (أيلول) على المملكة العربية السعودية، دينيا، وسياسيا، وإعلاميا، واقتصاديا، وثقافيا، واجتماعيا، بأحداث الربيع العربي، مثلا، فسنجد أن أكثر من تأثر وتغير هي السعودية، وأكثر من دول الربيع العربي، والعراق نفسه بعد الاحتلال، والسبب هو أن الحكمة، والرغبة في التغيير، هي التي سادت بالسعودية. فأحداث 11 سبتمبر الإرهابية في أميركا أدت لانفتاح السعودية، وبكافة المجالات، كما أدت لمراجعة واضحة، وملموسة، على كافة مناشط الحياة، وحتى مفاصل إدارة الحكم، من القانون إلى الأنشطة الاجتماعية، مثل الحوار الوطني الذي كان بمقترح من عبد الله بن عبد العزيز، ولي العهد وقتها، وبعدها خادم الحرمين الشريفين، وكذلك الحوار مع أصحاب المذاهب. كل ذلك أدى إلى انفتاح السعودية، وتفاعلها مع المتغيرات من حولها، مما يظهر أن تغييرا حقيقيا حدث هناك، والسبب، وكما ذكرنا، هي الحكمة، وليس المغامرة. وإذا قارنا، مثلا، دول الربيع العربي بالسعودية، فسنجد أن تلك الدول قد انغلقت بعد ثوراتها، بينما عرفت السعودية انفتاحا كبيرا بعد أحداث سبتمبر، مما يظهر أن التغيير في دول الربيع العربي ليس بثورة بقدر ما هو استيلاء على السلطة!
فبعد أحداث سبتمبر شهدت السعودية، مثلا، انفتاحا إعلاميا غير مسبوق، فأصبح بمقدور برنامج كوميدي مثل «طاش ما طاش» انتقاد أي أحد، ولو أمير، بينما نجد عادل إمام يحاكم بمصر ما بعد الثورة، ونجد الرئيس التونسي ينفجر بشكل مهين أمام صحافي رن هاتفه الجوال! وبعد أحداث سبتمبر نجد أن السعودية

هي أهم مركز لمكافحة الإرهاب، وليس أميركا، أو العراق، أو باكستان، أو أفغانستان، أو الدول التي كانت تقول إن الإرهاب سعودي! والقصة ليست قصة محاربة الإرهاب فقط، بل حتى الاعتدال السياسي؛ فقد كانت السعودية رمزه، وامتدادا لتاريخها السياسي، فبينما كان البعض يتملق الأسد، وحزب الله، حتى بعام 2006 كانت السعودية تقول إن ما يحدث مغامرة، وعندما انفجر الربيع العربي انتزعت السعودية فتيل الأزمة التونسية باستقبال بن علي، والرياض هي من أنجز أعظم اتفاق سياسي عربي بالسنوات الأخيرة؛ حيث أخرجت صالح من حكم اليمن، وهو ما لم تفلح فيه أميركا، أو أوروبا بسوريا اليوم، التي تمثل السعودية الرافعة الأخلاقية فيها أمام الأسد، وإخراج صالح وحده يذكرنا باتفاق الطائف السعودي الذي ضمن وجود دولة لبنانية لليوم.
كل ما سبق يظهر أن ما حدث في منطقتنا، باستثناء سوريا، ليس بثورات ولا تغيير، وأن أحدا لم يتعلم الدرس، وأبسط مثال هو مقارنة تلك الدول بالسعودية ما بعد سبتمبر، أو ما حدث بعراق ما بعد صدام، لنعرف معنى التغيير، والانفتاح. الحقيقة أن الحكمة سعودية، وهذا أمر يتطلب كتابا، وليس مقالا مختصرا، لكن غياب الإعلام الجاد استوجب تسليط الضوء هنا.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط