طارق الحميد يكتب:هل تغيرت منطقتنا؟
قبل أيام مرت بنا الذكرى الحادية عشرة لأحداث سبتمبر الإرهابية التي تغير بعدها العالم بشكل مذهل، وستمر بنا ذكرى الربيع العربي قريبا، وبينهما ذكرى سقوط صدام حسين، فأي دروس التي تعلمناها؟ وهل تغيرت منطقتنا كالعالم الذي تغير حولنا؟
الإجابة الفورية هي لا، فلا تغيير حقيقيا بمنطقتنا، ولأن الأشياء تعرف بأضدادها، فإذا ما قارنا تأثير أحداث 11 سبتمبر (أيلول) على المملكة العربية السعودية، دينيا، وسياسيا، وإعلاميا، واقتصاديا، وثقافيا، واجتماعيا، بأحداث الربيع العربي، مثلا، فسنجد أن أكثر من تأثر وتغير هي السعودية، وأكثر من دول الربيع العربي، والعراق نفسه بعد الاحتلال، والسبب هو أن الحكمة، والرغبة في التغيير، هي التي سادت بالسعودية. فأحداث 11 سبتمبر الإرهابية في أميركا أدت لانفتاح السعودية، وبكافة المجالات، كما أدت لمراجعة واضحة، وملموسة، على كافة مناشط الحياة، وحتى مفاصل إدارة الحكم، من القانون إلى الأنشطة الاجتماعية، مثل الحوار الوطني الذي كان بمقترح من عبد الله بن عبد العزيز، ولي العهد وقتها، وبعدها خادم الحرمين الشريفين، وكذلك الحوار مع أصحاب المذاهب. كل ذلك أدى إلى انفتاح السعودية، وتفاعلها مع المتغيرات من حولها، مما يظهر أن تغييرا حقيقيا حدث هناك، والسبب، وكما ذكرنا، هي الحكمة، وليس المغامرة. وإذا قارنا، مثلا، دول الربيع العربي بالسعودية، فسنجد أن تلك الدول قد انغلقت بعد ثوراتها، بينما عرفت السعودية انفتاحا كبيرا بعد أحداث سبتمبر، مما يظهر أن التغيير في دول الربيع العربي ليس بثورة بقدر ما هو استيلاء على السلطة!
فبعد أحداث سبتمبر شهدت السعودية، مثلا، انفتاحا إعلاميا غير مسبوق، فأصبح بمقدور برنامج كوميدي مثل «طاش ما طاش» انتقاد أي أحد، ولو أمير، بينما نجد عادل إمام يحاكم بمصر ما بعد الثورة، ونجد الرئيس التونسي ينفجر بشكل مهين أمام صحافي رن هاتفه الجوال! وبعد أحداث سبتمبر نجد أن السعودية
كل ما سبق يظهر أن ما حدث في منطقتنا، باستثناء سوريا، ليس بثورات ولا تغيير، وأن أحدا لم يتعلم الدرس، وأبسط مثال هو مقارنة تلك الدول بالسعودية ما بعد سبتمبر، أو ما حدث بعراق ما بعد صدام، لنعرف معنى التغيير، والانفتاح. الحقيقة أن الحكمة سعودية، وهذا أمر يتطلب كتابا، وليس مقالا مختصرا، لكن غياب الإعلام الجاد استوجب تسليط الضوء هنا.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط