عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أسامة غريب يكتب :السلاح ولحم البشر

بوابة الوفد الإلكترونية

أثارت وسائل الإعلام الإسرائيلية ضجة على خلفية اعلان قائد القوات البحرية المصرية توقيع اتفاق مع ألمانيا لبناء غواصتين من طراز 209 لصالح مصر.

وكعادة إسرائيل التي تسعى دائماً للتفوق العسكري الكمي والنوعي على الدول العربية مجتمعة فانها تقيم الدنيا وتقعدها لدى أي صفقة سلاح توقعها دولة عربية مع الشرق أو الغرب، وتسعى لابتزاز العالم مقابل السكوت على الصفقة، فيكون نصيبها دائماً في مناسبات كهذه هو مساعدات مالية ومزيد من السلاح المتطور. يحدث هذا حتى لو كانت الصفقة محل الاعتراض ليست بذات بال ولن تخل بالتوازن العسكري أو تشكل تهديداً لإسرائيل. على سبيل المثال صفقات السلاح الضخمة التي تدفع فيها بعض البلاد العربية الصغيرة عشرات المليارات ثم تصدأ في الصحراء دون صيانة أو استعمال، أو صفقات الطائرات التي لا تجد تلك الدول طيارين يقودونها!.
والغريب ان رد فعل وسائل الإعلام الإسرائيلية تباين فيما يتعلق بخبر بناء الغواصتين الألمانيتين لمصلحة مصر، فبينما صرخت معظم الصحف ورفعت عقيرتها بالاعتراض والشجب والتنديد الذي وصل لدرجة معايرة ألمانيا بتاريخها النازي القديم وتذكيرها بما فعله النازيون باليهود في الحرب العالمية الثانية!..فإن صحيفة «يديعوت أحرونوت» قد تبنّت منحى آخر اعتمدت فيه الكيد لمصر والاستهانة بالصفقة والإيحاء بأنها ستكون صفقة بلا طائل.. وقالت في تبرير ذلك ان الغواصة 209 هي غواصة عتيقة تملك مثلها دول كثيرة مثل تركيا والأرجنتين واندونيسيا وأنها لا تقارن بالغواصة دولفين التي حصلت عليها إسرائيل من ألمانيا والتي تعمل بالطاقة النووية كما تستطيع حمل رؤوس نووية أيضاً.
والحقيقة أن المسائل المتعلقة بالسلاح وأنواعه وخصائصه ومزاياه والمفاضلة بين بعض الأنواع وبعضها الآخر لها متخصصون يستطيعون الحكم والتقييم وابداء الرأي العلمي السديد القائم على الخبرة العسكرية، لكني مع هذا كثيراً ما وجدت نفسي مشغولاً بهذه المسألة خصوصاً وان صراعنا مع العدو الإسرائيلي طويل وممتد وأطماع الكيان الصهيوني في مقدرات العرب لها أول وليس لها آخر..ولقد قرأت في هذا الشأن رأياً لأحد آباء العسكرية المصرية الكبار هو الفريق سعد الدين الشاذلي في كتابه المثير عن حرب أكتوبر.. ذلك الكتاب الذي منع الرئيس السادات صدوره وتوزيعه في مصر، ثم استمر ممنوعاً طوال سنوات حكم الملعون حتى قامت الثورة فأتاحته للناس الذين قرأوا

للمرة الأولى الأحداث من وجهة نظر البطل الحقيقي لحرب أكتوبر الذي كان رئيساً للأركان وقت الحرب. يتناول الفريق الشاذلي عمليات التسليح التي تقوم بها الدول العربية في مواجهة إسرائيل ويقدم نصيحة يصر عليها ويعيدها بالحاح أكثر من مرة تتمثل في أنك ما دمت قد حددت عدوك وعرفت من هو وما هي امكانياته وقدراته التسليحية فلا يجب أبداً ان تسعى أو تقبل الحصول على أسلحة أقل في القدرة والمدى والتأثير مما لديه، والا فكأنك تلقي بأموالك في البحر لأن مصير هذه الأسلحة عند أول مواجهة سيكون التدمير. ويضرب الشاذلي مثالاً في هذا الشأن بالطائرت المقاتلة ويقول انه اذا كان لدى العدو طائرة تستطيع اصابة الهدف من على بعد مائة كيلومتر.. فما جدوى حصولك على طائرة تصيب الهدف من بُعد خمسين متراً.. النتيجة الحتمية للمواجهة بين الطائرتين هي تدمير طائرتك التي ستصبح في مرمي الطائرة العادية عندما تصبح المسافة بينهما مائة كيلو في حين أنك لا تستطيع اصابته من هذه المسافة. ويبرز الجانب الإنساني في القائد البطل سعد الدين الشاذلي عندما يذكر ان الأموال التي نشتري بها السلاح هي أموال شعوبنا الفقيرة التي يطفح أبناؤها الدم للحصول على الضروريات ومع ذلك لا يبخلون على قواتهم المسلحة بالمال والنفس.. لذا فان خلاصة نصيحته التي قدمها للتاريخ هي أن علينا إما أن نشتري سلاحاً قادراً على مواجهة العدو أو نوفر أموال الغلابة ولحمهم الحي.
نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية