عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فهمي هويدي يكتب:مرسي في الكنيسة والشارع

فهمي هويدي
فهمي هويدي

شيء طيب أن يظهر الرئيس مرسي في المساجد وأن يلتقي جماهير المصلين المسلمين، إلا أن صورته ستكون أكثر صوابا وتوازنا لو أنه قام بزيارة مماثلة للكاتدرائية القبطية، ليس مجاملة ولكن لكي يثبت صورته باعتباره رئيسا لكل المصريين.

ذلك أنه إذا كان من حق أي مواطن أن يعتز بهويته الدينية، مسلما كان أم مسيحيا، فإن رئيس الجمهورية يتعين عليه إلى جانب ذلك أن يقنع المجتمع بأنه رئيس الجميع، بمختلف انتماءاتهم الدينية والفكرية وتوجهاتهم السياسية.
أفهم أن الرئيس مرسي مرشح الإخوان المسلمين. وأنه إلى جانب كونه أكاديميا مقتدرا إلا أن له باعه الطويل باعتباره رجل دعوة، وقد تحمل الكثير جراء ذلك، لكنني أتصور أنه منذ انتخابه رئيسا للجمهورية وحلفه اليمين ينبغي أن يبدأ صفحة جديدة لا يتحلل فيها فحسب من التزامه التنظيمي ــ وقد فعل ــ وإنما أيضا عليه أن يطوي صفحة رجل الدعوة إلى الله لكي يخاطب الجميع باعتباره رجل دولة مهجوسا بخدمة الناس. وإذا كان فك الارتباط التنظيمي أمرا ميسورا، إلا أن التحول الثاني ليس سهلا، وقد لمسنا ذلك في خطاباته المتأثرة بلغة رجل الدولة ولم يظهر فيها التحول المنشود، إلى لغة رجل الدولة، وهو ما أزعم أنه يتطلب بعض الوقت، خصوصا إذا وضعنا في الاعتبار أن تسلم منصبه منذ شهرين تقريبا، وأن النقلة كانت من القوة بحيث لم تخطر له أو لغيره على بال.
فهمت أن فكرة زيارة الكنيسة القبطية طرحت في دوائر الرئاسة، وأنها تأجلت بسبب وفاة البابا شنودة واللغط والتجاذب المكتوم المثار حول خلافته في الأوساط الكنسية، وقيل لي إن البديل المقترح الآن هو أن يقوم الرئيس بزيارة أحد الأديرة لإيصال الرسالة التي تقدمه بحسبانه رئيسا لكل المصريين.
أدرى أن ثمة حرصا من جانب بعض الدوائر على محاصرة الرئيس في كونه «إخوانيا» لا يتحرك إلا بتوجيه من مكتب إرشاد الجماعة. ورغم نفيه لاستمرار ارتباطه التنظيمي بالجماعة. وحرصه في اختياراته وقراراته على تأكيد ذلك المعنى من خلال محاولة الانفتاح على أطياف الجماعة الوطنية، إلا أن تلك الدوائر الممثلة في السياسة والأبواق الإعلامية تصر على تجاهل ذلك الجهد وإفشاله. علما بأننا إذا دققنا جيدا في اختياراته وقراراته فسنلاحظ أن ما يحسب عليه أنه تعامل مع الإخوان باعتبارهم فصيلا سياسيا له حضوره المعتبر في الساحة السياسية المصرية، ولم يعمد إلى إقصائهم على النحو الذي كان سائدا طوال العقود التي خلت. لذلك فالاعتراض قائم في جوهره ــ لدى البعض على الأقل ــ على مبدأ وجود الجماعة وإضفاء الشرعية على تمثيلها في بعض مؤسسات الدولة. والذين يمثلون هذا الاتجاه لا يزالون يفكرون بعقلية العقود

الخوالي، التي اعتبرت الإقصاء والحظر هو الأصل، وأن الحضور الوحيد المسموح به للجماعة ينبغي ألا يتجاوز حدود السجون والمعتقلات.
فى هذا السياق، لم يعد سرا أن بعض القوى السياسية الساعية إلى محاصرة الرئيس في عباءة الجماعة والترويج لفكرة «الأخونة» تمارس ضغوطا قوية لإثناء الناشطين والمثقفين عن قبولهم المشاركة في أي إطار مؤسسي يسعى الرئيس مرسي لتشكيله لمعاونته في مهمته.
وفي حدود علمي فإن بعضا من أولئك الناشطين قبلوا بتلك المشاركة حين عرضت عليهم، ثم اعتذروا عن ذلك في وقت لاحق (مساء ذات اليوم في بعض الحالات). ومنهم من قال صراحة إنه تعرض لضغوط من جماعته لا قبل لهم بها.
لست أشك في أن هناك مصلحة وطنية في تحويل الرئاسة إلى مؤسسة تمثل فيها مختلف القوى السياسية، كما أن هناك مصلحة وطنية في تواصل الرئيس ليس فقط مع القوى السياسية ولكن أيضا مع المؤسسات الدينية التي تمثل المسلمين والأقباط، إلى جانب المؤسسات المدنية التي مثل النشاط الأهلي.
بذات القدر فلا أظن أن هناك مصلحة وطنية في محاصرة الرئيس في محيط الإخوان وعباءتهم، وإنما يتعين علينا أن نساعده على الخروج من ضيق الجماعة إلى سعة الوطن. نريده أن يخرج من برج الرئاسة ويتجاوز أسواره العالية، إلى الشارع متجاوزا المسجد والكنيسة والأطر التقليدية الرسمية والسياسية.
لقد حمدت للرئيس ذهابه إلى سيناء بعد قتل الجنود والضباط المصريين في رفح، لكنني افتقدته في المنوفية حين تكشفت فيها كارثة تسمم الأهالي بسبب تلوث مياه الشرب. وأشدد هنا على أنه لا يعنيني في ذلك أن تتحسن صورة الرئيس، بقدر ما يعنيني أن يشعر المواطن بأن الثورة لم تسقط نظام مبارك فحسب، ولكنها فتحت له أبواب الأمل في أن يسترد كرامته واعتباره.
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية