رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عبدالزهرة الركابي يكتب :معوقات "التدخل الإنساني"

بوابة الوفد الإلكترونية

في إحدى كتاباته الأخيرة تناول هنري كيسنجر وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق، موضوع التدخل الإنساني في سوريا وقال، “التدخل العسكري،

سواء الذي يتم لأسباب إنسانية أو لأسباب استراتيجية يتطلب توافر شرطين أساسيين مسبقين: الشرط الأول، إجماع على أسلوب الحكم الجديد بعد إطاحة النظام القائم وهي مسألة حيوية للغاية، والشرط المسبق الثاني هو أن يكون الهدف من التدخل موضوعياً، وقابلاً للتحقق خلال مدى زمني قابل للإدامة محلياً .  من جانبي - والكلام لكيسنجر - أشك في أن المسألة السورية قادرة على اجتياز هذه الاختبارات، خصوصاً أنها تتسم ببعد طائفي يزداد ظهوراً على الدوام .  فعندما نستجيب لمأساة إنسانية ما، يجب أن نكون حريصين على ألا نتسبب بتصرفاتنا في خلق أو تسهيل نشوء مأساة أخرى” .  قد تكون هذه شهادة من مسؤول أمريكي أسبق بشأن التدخل، عُرف بتحركاته الدبلوماسية المثيرة إبان السبعينات، وكان اللافت فيها، هو تكرار التحذير من التورط في الأزمة السورية، بل ويتساءل بغرابة عن النظام البديل عندما يقول، “ومَنْ هي الجهة التي ستحل محل القيادة المطاحة؟ وماذا نعرف عنها؟” .

ويقر المسؤول الأمريكي الأسبق بصعوبة عملية التدخل بالقول، إنّ الفرق بين التدخل الاستراتيجي والتدخل الإنساني كبير، فالعالم يرهن التدخل الإنساني بالإجماع، ومثل هذا الإجماع عسير التبلور عُسراً يقيد التدخل، لو أُقرّ وحصل .

لذا، فإن عملية التدخل في الأزمة السورية من قبل الغرب وأمريكا حتى الآن ليست واردة، وإذا كنا قد استشهدنا برأي أمريكي في هذا الجانب، فلا بأس إذا ما استمعنا إلى رأي أمريكي آخر يعزز موضوع استبعاد عملية التدخل العسكري في سوريا، مهما كانت تسميتها وذريعتها، حيث يقول السفير ريتشارد ميرفي المساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى والسفير السابق للولايات المتحدة في سوريا، في محاولة لتفسير الموقف الأمريكي والعوامل المؤثرة في محدودية الخيارات الأمريكية، في معرض إجابته عن سؤال يتعلق بإصرار إدارة أوباما على استبعاد الخيار العسكري في سوريا، “أعتقد أن إدارة أوباما حالفها الصواب في ذلك القرار، لأن المعارضة السورية منقسمة على نفسها ولها تاريخ طويل في عدم التوحد، كما أنه لا توجد مساندة شعبية أمريكية للتورط في التدخل العسكري في سوريا، غير أن الولايات المتحدة لم تتوقف عن تزويد دول أخرى في المنطقة بالمعلومات والإرشادات عن التوجهات السياسية لجماعات المعارضة السورية التي يمكن لهذه الدول، أن تزودها بالأسلحة انطلاقاً من حقيقة أن أحداً لا يريد أن يجد نفسه في نهاية المطاف يقدم الأسلحة إلى جماعات متطرفة لها صلات مثلاً بتنظيم القاعدة” .

لهذا، ظل التدخل العسكري وبكل أغطيته وتسمياته، محلاً للكثير من علامات الاستفهام في المناطق والبلدان التي حصل فيها مثل هذا العمل في السابق، بل إن كل أشكال التدخل العسكري ومهما كانت مبرراتها ومسوغاتها،

ظلت عرضة للانتقاد والاعتراض من مختلف الأوساط في العالم، ولم يكن (التدخل الإنساني) بمنأى عن هذا الانتقاد وذاك الاعتراض، إذ إن التدخل الإنساني وبكل جوانبه السلمية والعسكرية، يظل في الأغلب تحت مظلة قانونية من الأمم المتحدة، بيد أن هذه المظلة لا تبرر تعارض هذا العمل في جوانب عدة، تتمثل في التقاطع مع المفاهيم الثابتة في القانون الدولي والعلاقات الدولية، وخصوصاً مفهوم السيادة وعدم التدخل في شؤون الدول المستقلة، والمنصوص عليها في القانون الدولي الذي من المفترض أن تكون الأمم المتحدة حريصة على التقيد ببنوده .

وعلى كل حال، فإن مفهوم التدخل الإنساني، هو عبارة عن تدخل قسري في الشؤون الداخلية لدولة ما، بهدف منع أو وقف انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكب على نطاق واسع، وبهذا المعنى يجب تمييزه عن “المساعدة الإنسانية” التي لا تنطوي على القسر، والتي تحدث عادة بموافقة الدولة المعنية .

وبعبارة أخرى، ينطوي التدخل على دوافع إنسانية، عبر استخدام القوات المسلّحة من قبل دولة أو مجموعة من الدول أو منظمة دولية من منطلق الدوافع الإنسانية بغرض محدد هو منع أو تخفيف الآلام واسعة الانتشار أو الموت .

يبقى أن نقول، إن التدخل الإنساني وبمختلف أشكاله وعلاته، برز بشكل لافت مع الدور الذي لعبته المنظمات الإنسانية في النزاعات الدولية، حتى تطور إلى تدخل عسكري جماعي في إطار الأمم المتحدة، وفقاً للمادة 42 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بيد أن العديد من التدخلات الخارجية التي حملت شعار حقوق الإنسان، تمت من دون قرار من مجلس الأمن على غرار تدخل حلف الناتو في كوسوفو  ،1999 وتدخل بريطانيا في السيراليون في العام 2000 . . إلخ .  وهذا يعني، أن هناك تصارعاً بين أولوية المشروعية من جهة، ومبدأ الشرعية في التدخل الخارجي من جهة أخرى .  
نقلا عن صحيفة الخليج