رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصطفى الفقي يكتب :مصر في شرق أوسط مختلف

بوابة الوفد الإلكترونية

تواكبت أحداث الثورة المصرية داخلياً مع تطورات حاسمة إقليمياً، فلقد تغيرت الخريطة السياسية للشرق الأوسط خصوصاً في بعدها العربي على نحو غير مسبوق، إذ إن ما نطلق عليه “ثورات الربيع العربي” قد أحدث زلزالاً هائلاً في المنطقة بأسرها، كما أن دول الجوار “إيران” و”تركيا” و”إسرائيل” ثم “إثيوبيا” في القرن الإفريقي تشهد هي الأخرى تغييراتٍ سياسية وتحولات مرحلية تعطي إحساساً مباشراً بأننا أمام مستقبل مختلف وأن هناك نقلة نوعية بدأت تفرض نفسها على المنطقة كلها على نحو يمهد “لشرق أوسط” مختلف وعلاقات إقليمية جديدة، ولذلك يتعين علينا مناقشة المحاور الآتية:

* أولاً: إن ثورات الربيع العربي قد أصبحت ذات طابع إسلامي، وغلبت فيها الصبغة الدينية على القومية مع تفاوت في الدرجات من دولة إلى أخرى، ولكن الذي يعنينا هو وصول جماعة “الإخوان المسلمين” إلى الحكم لأول مرة في تاريخها، وليس من شك في أن الذي حدث على الساحة المصرية هو تغيير جذري هائل ستبدو انعكاساته على المنطقة العربية بل وإقليم الشرق الأوسط كله، فقد تغيرت التحالفات وتبدلت مراكز القوى وأصبحنا أمام مشهد مختلف، ولا بأس من وصول الإسلاميين إلى السلطة باعتبارهم فصيلاً وطنياً جاءت به صناديق الانتخاب، ولكن الأمر الذي نرصده في السنوات الأخيرة هو أن “الولايات المتحدة الأمريكية” تراهن على “حصان الإسلاميين” باعتباره الأكثر قدرة على ضبط إيقاع الشارع السياسي، فضلاً عن تأثيرهم في حركة “المقاومة الإسلامية بفلسطين” (حماس) بما يعطي الصراع العربي - “الإسرائيلي” فرصة أفضل للحلحلة والاتجاه نحو التسوية، فضلاً عن أن وصول الإسلاميين للسلطة في دول الربيع العربي يمكن أن يقيم حائطاً سنياً في مواجهة “الهلال الشيعي” الذي تقوده إيران .

* ثانياً: إن الثورة السورية الدامية والمواقف المتباينة لدول الجوار الثلاث إيران وتركيا و”إسرائيل” هي مقدمة أخرى لتغيرات في المشرق العربي وتوجهات لدى القوى السياسية فيه، لأن “سوريا”  بحكم التاريخ والجغرافيا  هي دولة مؤثرة في سياسات المنطقة وركيزة مهمة في مسار الصراع العربي - “الإسرائيلي”، والموقف الإيراني الداعم للرئيس بشار الأسد تواجهه الدولة التركية على الجانب الآخر بتحولٍ واضح ضد ذلك النظام، أما “إسرائيل” فقد واجهت انقساماً ملحوظاً، فبينما كان “اللوبي الصهيوني” في الولايات المتحدة الأمريكية مطالباً بالإبقاء على النظام السوري، فإن عدداً من صقور الحكم في “إسرائيل” مازالوا يرون أن الخلاص من السلطة الحاكمة في “دمشق” مطلوب شريطة ألا يؤدي ذلك إلى وقوع الدولة السورية في قبضة التطرف الديني، بحيث تصبح الدولة العبرية محاطة به من كل اتجاه .

* ثالثاً: إن الاختراق الذي تم في العلاقات المصرية - الإيرانية يمثل منعطفاً جديداً في المنطقة، وهو لا يعني بالضرورة علاقات ممتازة بين البلدين، ولكنه يعني بالتأكيد علاقات طبيعية لأن كلا الدولتين قوة إقليمية يصعب أن يتجاهل أي منهما الآخر، كما أن دول الخليج العربي تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع طهران . ولقد قرأت مقالاً لنادر بكار المتحدث الرسمي باسم “حزب النور” السلفي يتمنى على الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي ألا يزور “إيران”، وليسمح لي ذلك الأخ الذي التقيت به وأعجبت بحديثه أن أختلف معه الآن، مؤكداً أن عودة العلاقات بين القاهرة وطهران خطوة تأخرت كثيراً واضعين في الاعتبار أن أمن الدول العربية الخليجية جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري .

* رابعاً: إن ما جرى في سيناء ومصرع ما يقرب من عشرين جندياً مصرياً ساعة الإفطار في شهر الصيام، هي إشارة للشهوة التي تصيب قوى كبرى وتخلق لديها

حالة من الطمع الشديد في “أرض الفيروز” التي قصرت “مصر” عن إعمارها لأكثر من ثلاثين عاماً بعد تحريرها بسبب لا نعلمه أو لضغوط خارجية لا ندرك أبعادها، ولكن الأمر الذي نشعر به حالياً هو أن “سيناء” مرشحة لكي تكون بؤرة صراع يستنزف جهود الجيش المصري ويعطي “إسرائيل” ذريعة للتحدث الدائم عن تأثير أمن سيناء فيها، كما أن الأطراف المعنية في شبه الجزيرة الصحراوية هي مصر صاحبة الأرض، و”إسرائيل” صانعة المشكلات، و”الفلسطينيون” الذين يبحثون أحياناً عن امتداد أرضي أو وطن بديل، فضلاً عن عناصر التطرف من تنظيمات القاعدة والجهاد الإسلامي والتجمعات الدينية للقبائل المصرية بتوجهاتها المختلفة ومشاعرها المتناقضة .

* خامساً: إن “القرن الإفريقي” ودوله التي تمثل تخوماً للحدود الجنوبية الشرقية من الوطن العربي، خصوصاً بعد تقسيم السودان، أصبح يمثل هاجساً حقيقياً له تأثيره في الأمن الاستراتيجي للبحر الأحمر، فضلاً عن تأثيره في منابع النيل، كذلك المواجهة التي قادتها الدولة الإثيوبية ضد التيارات الإسلامية التي كان بعضها امتداداً طبيعياً لنظيرتها في العالم العربي حتى كان الرحيل المفاجئ لرجل أديس أبابا القوي “زيناوي”، والتكهنات المتضاربة حول مسار السياسة الإثيوبية الجديدة وتأثيرها في دول الجوار، خصوصاً الصومال وإريتريا، فضلاً عن السودان الذي انقسم على نفسه في ظروف إقليمية صعبة وبفعل خلافات دينية وعرقية لا مبرر لها . . . من هذه الملاحظات التي سقناها نلفت النظر إلى “شرق أوسط” يختلف كثيراً عما كان عليه من قبل، مشيراً بوضوح إلى أن المنطقة مقدمة على مرحلة جديدة تتباين فيها معطيات الصراع وتختلف مقومات النظم ويختلط الدين بالسياسة، كما تتجه فيه شعوب المنطقة نحو مرحلةٍ غير مأمونة العواقب، لأن المعادلة قد تغيرت، كما أن أطراف الصراع ليسوا بالضرورة هم السابقين كما أن القوى الكبرى تغيّر من تحالفاتها كذلك، فإن القوة العظمى وهي الولايات المتحدة الأمريكية تقامر بمستقبل شعوب المنطقة  واضعة نصب أعينها أمرين أساسيين هما “حماية حقول النفط” وضمان أمن الدولة اليهودية من وجهة نظرهم، لذلك فإن مصر مطالبةٌ بالصحوة والحذر تجاه ما جرى وما يجري في سيناء، لأن هناك قنبلتين موقوتتين تهددان أمن “مصر” القومي، أولاهما سلامة واستقرار سيناء باعتبارها الغطاء التاريخي للأمن القومي المصري، ثم “الفتنة الطائفية” باعتبارها العدو الأصيل لاستقرار الوطن وسلامة أبنائه .
نقلا عن صحيفة الخليج الاماراتية